خالد الجنفاوي: “خطاب الكراهية”: ينفر منه الإنسان السوي

“ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ” (النحل 125).
يصعب على الانسان السوي تقبل خطاب الكراهية لما يحمله من إزدراء للكرامة الانسانية وتعد صارخ على الحقوق الأساسية لبني البشر. فمن يستخدم خطاب الكراهية وبشكل متعمد يتجشم عناء إهانة معارضيه ليس بقصد كشف عدم مشروعية آرائهم أو ربما تناقض فرضياتهم مع الواقع, ولكن يبدو بهدف الحط من قدرهم, فقط لأنهم مختلفون في الدين أو الثقافة أو العرق أو المذهب. ومن نقصده بالإنسان السوي في هذا السياق هو الفرد الحر والمستقل والمواطن الحق, فهو ينفر من خطاب الكراهية لأنه يهدر كرامة الإنسان الآخر ويتعدى على خصوصيته البشرية. فالفرد الذي يحترم كرامته الانسانية, ويعتز باستقلاليته وباستقامته الأخلاقية لن يتعدى على كرامة الناس الآخرين, ولن يقتحم حرياتهم الشخصية ولن يتقول عليهم ولن يهينهم لأنه أسمى خلقاً وأقدر على الترفع عن النوازع الشخصية, والأهواء المتقلبة.
إضافة إلى ذلك, الإنسان السوي أي الفرد الذي يؤمن بأحقيته في الحفاظ على كرامته الانسانية يترفع تلقائياً عن استعمال خطابات أو أقوال أو تصرفات تتنافى مع طبيعته الأخلاقية المستقيمة. فكيف بمن نشأ وتربى على ممارسة الخلق الكريم في حياته اليومية أن يأتي أمراً يتنافى مع مبادئه الأخلاقية ومع سلوكياته المعتادة. فخطاب الكراهية فيروس كريه, يدمر الحياة, ويضعف العلاقات الاجتماعية. ويمنع التواصل الانساني البناء, بل وسيؤدي خطاب الكراهية إلى بث الحقد والتباغض بين الناس.
وخطاب الكراهية لا يتمثل فقط في استعمال نوع معين من اللغة الكارهة للاخر أو الأقوال السيئة أو الازدراء اللفظي. بل يتمثل أيضاً في إيماءات جسدية معينة وتصرفات سلبية تدل على كراهية ومقت الآخرين. الإنسان السوي لا يمتنع فقط عن استخدام خطاب الكراهية في حياته اليومية, بل يستمر يستنكره ولو بقلبه! فحري بالشخص السوي والخلوق أن يستمر يعامل بخلق حسن: فخطاب الكراهية يتنافى مع الخلق الكريم, ويتناقض مع الطبيعة البشرية السوية. يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُم وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا”(الاحزاب 70 ¯ 71). الانسان المؤمن هو من يقول قولاً سديداً ويبتعد عن كل ما هو دون ذلك. والله المستعان.
* كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.