مراجعة المرحلة الماضية بكل تفاصيلها الإيجابية والسلبية مسؤولية الحكومة من جهة، ومسؤولية التيارات السياسية (المنبر الديمقراطي، التحالف الوطني الإسلامي، الحركة الدستورية الإسلامية، التجمع الإسلامي السلفي) من جهة أخرى، والتقاعس عن تلك المراجعة لا يخدم التجربة الديمقراطية ولا يسمح لنا بالاستفادة من كل ذلك الحراك.
الإصرار على التدخل في الشأن السياسي اليومي بأدوات خارج إطار الدستور دفع البلاد إلى حافة الهاوية، وأدى إلى تداول مفردات وأفكار غريبة عن المجتمع الكويتي الذي جبل على احترام الرأي الآخر، وتميز خلافا لكثير من الشعوب بمعارضته الراقية والهادئة، والتعبير عنها بطرق غير عنيفة، ما يدعونا إلى مثل تلك القراءة الهادئة.
ما نعيشه اليوم خلقته حكومات سابقة، فقد تدخلت تلك الحكومات في العملية البرلمانية بشكل سيئ جدا أسقط شرط التعاون بين السلطتين، وأدى إلى تحويل مجلس الأمة إلى مجلس استشاري يتحدث فيه النواب لكنهم لا يستطيعون «فرملة» أي تجاوز على الصعيدين التشريعي والمالي، وربما يكون ذلك ما دفع الآخرين إلى النزول إلى الشارع لإيقاف ما يجري.
أيضا ذلك التصرف من جانب من نزلوا الشارع أمام ممارسات حكومية بهذا التعسف لم يعد مقبولا في المرحلة الحالية التي سبقت إبطال مجلس الأمة السابق، فقد كانت الحكومة الحالية ورئيسها الشيخ جابر المبارك متعاونين إلى أبعد الحدود، وكان يمكن من خلال أجواء التعاون تلك أن تمرر الكثير من المقترحات البرلمانية.
هناك مسؤولية يتحملها الطرف الحكومي وبقية المكونات القريبة منه بالسماح للحكومات السابقة بإحداث مثل ذلك الضرر الكبير، وهناك أيضا مسؤوليات تتحملها التيارات السياسية بالدرجة الأولى وبقية النواب ممن لم يفهموا أن هناك مرحلة طويت ومرحلة أخرى على وشك الولادة، ومن الخطأ إجهاضها كما حدث مع الحكومة الحالية.
الآن طرفا العقد السياسي على المحك تجاه إخراج البلاد من هذه الأجواء السائدة، فالمواطن البسيط يبحث عن الاستقرار وتوفير الخدمات التعليمية والصحية والخدمية كما يجب، والنخبة السياسية تبحث عن مشروع إصلاح سياسي يحسم الجدل حول ازدواجية القرار، ويضع في اعتباره التطورات التي يمر بها العالم أجمع.
كما أن النخب الاقتصادية تبحث عن استقرار مالي وتشريعات تمكنها من الاستفادة من استثمار أموالها في مشاريع تعود عليها بالفائدة، وتعود على المواطن البسيط بفائدة أكبر، فتلك النخب لديها إحساس بأن هناك إقصاء لها من المشاركة في العملية الاقتصادية، وأن هناك انفتاحا على أطراف أخرى بعضها ليس له علاقة بالعملية الاقتصادية من قريب أو بعيد.
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق