خالد الجنفاوي: مقاطعة تشجع على المشاركة

“ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم”(الانفال 46).
أعتقد أن جانباً معيناً من خطاب مقاطعة الانتخابات يميل نحو استمالة عواطف الناس وليس أفكارهم, أي من دون أن يستند بعض المقاطعين الى دلائل واقعية أو منطقية أو عقلانية. أي أن ثمة جانبا معينا من خطاب المقاطعة يبدو تماحكي الاسلوب يحاول البعض من خلاله, وربما عن طريق المبالغة والإثارة الشخصانية ثني بعض الناس عن المشاركة في العملية الديمقراطية المحلية. فلم أكتشف, حتى الآن دليلاً أو برهاناً منطقياً أو فكرة تصمد أمام المراجعة والتمحيص النقدي القويم تبرر مقاطعة الانتخابات: فإذا كانت عملية التصويت اختيارية, وإذا كان ثمة آليات دستورية تسمح لاحقاً بمزيد من التطوير لعملية التصويت والترشح لمجلس الأمة بعد انتهاء الانتخابات البرلمانية الحالية, فما هي المسوغات الفكرية والديمقراطية والقانونية الصحيحة والتي يستند اليها البعض للتشكيك في شفافية أو دستورية أو عدم عدالة آلية التصويت, وفق زعمهم? فلا يوجد في عالمنا المعاصر مقاطعة للإنتخابات الديمقراطية تستميل فقط العواطف وتخاطب مشاعر الناس, من دون أن تخاطب قناعاتهم الفكرية. فإنسان اليوم أكثر انفتاحاً ووعياً من السابق: ولذلك, فمصير خطاب المقاطعة التماحكي هو ضعف إقناعه المنطقي بمشروعيته بما سيؤدي لاحقاً الى مساهمته بشكل مباشر في تشجيع المشاركة الفعالة.
سأشارك وسأصوت في الانتخابات البرلمانية ليس عناداً بمن يطلقون على أنفسهم معارضة لم أتفق معهم سياسياً وفكرياً منذ البداية حتى الآن, ولكنني سأشارك وأصوت لأنني مللت صراحة من استخفاف البعض بعقول الناس! فكيف يستمر البعض في محاولاتهم استمالة العواطف عن طريق استخدام لغة تحريضية وتشكيكية تخاطب القلب ولا تخاطب العقل. فلا يمكن للإنسان الحر والعاقل أن تثنيه المبالغات المتضخمة والشخصانية أو المحاولات السلبية لتشويه الوقائع اليومية, فإنسان اليوم والمواطن الكويتي الحق يعرف أننا ككويتيين نملك كل مقومات النجاح ولكن ما يبدو انه ينقص البعض هو الإيمان العميق بإمكانية تحقيق النجاح عبر المشاركة الفعالة في بناء حاضر ومستقبل الكويت.
فلا أقبل شخصياً الخضوع لخطاب مقاطعة يبدو انه يهدف بشكل أو بآخر لإستغلال عفويتي وإيجابيتي النمطية في التعامل مع مجتمعي وإيماني البديهي بدولة المؤسسات والقانون. فحياتنا الكويتية النمطية عقلانية ومعتدلة وتميل تاريخياً نحو التعاضد والتوافق فيما بيننا ككويتيين: ولا أعتقد أن مقاطعة تماحكية وتفريقية سترغم الناس على المقاطعة, بل ستؤدي بشكل أو بآخر إلى تشجيع المشاركة في الانتخابات من أجل وطن لم يتخلى عنا في السابق ولن نتخلى عنه الآن. والله المستعان.
* كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com

المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.