لو كنت عزيزي المتابع من الذين انبحّت حناجرهم في ساحة الارادة، ومن الذين طامروا على وقع «حرية.. حرية.. حكومة شعبية»، لو كنت من الذين داوموا بصدق في ساحة الارادة في تلك الايام.. هل تكون راضيا ومنسجما مع نتائج ما بح صوتك وتصلبت قدماك من اجله؟!
هل وقفت في ساحة الارادة ساعات من اجل منع بناء الكنائس في جزيرة العرب؟ هل انت بالفعل ضد التضييق على خلق الله في ممارسة ما يعتقدون انه عبادة له، ام تراك ردحت ودكيت القاع من اجل مراقبة الحسينيات والتطفل على المساجد والتدخل في خصوصيات وعقائد غيرك من مواطني البلد؟ هل عفست البلد وخبيت روحك وبقية العالم معاك من اجل تغيير النهج وتغيير الحكومة لتقبل بالوزراء ذاتهم والبرنامج الحكومي ذاته والاداء ذاته؟ هل كان طموحك السياسي الفعلي والوحيد هو عزل الشيخ ناصر المحمد واقصاء المرأة الكويتية من الحياة السياسية؟ هل كنت تستهدف بعد شهور من التجمع والتظاهر والحنة والرنة، الظاهرة أو المبيتة، استبدال صالح الملا وأسيل العوضي بمحمد الجويهل ونبيل الفضل؟! هل كان هدفك الحقيقي والمعلن تسفيه القضاء والتدخل في عمل النيابة العامة وفرض ثقافة الاقتحام والتكسير بدلا من سيادة القانون وتوافر فرص النقاش والاقناع؟
بلا تجنٍّ وبلا مبالغة، فان هذا هو كل ما تحقق حتى الان من نشاط ساحة الارادة ومن تفعيل عزائم «الشباب» الكويتي. ولم يتحقق حتى الان شيء آخر. لكن القادم على ما يبدو هو الاعدام لكل شطحة رأي أو فكرة عابرة أو حتى نبس شفة عوجاء، والقادم هو نهب احتياطي الاجيال القادمة وتنفيع المقترضين والمبددين بحجة انهم اصحاب دخل محدود. والقادم سيكون خنق الاعلام وترتيب الصحف والقنوات التلفزيونية، بحيث تكون كلها نسخة واحدة لعقلية ومنهج القادة الحقيقيين لساحة الارادة. والقادم اضطهاد كل ما هو مخالف لعقلية وهذيان الفرقة 73 وما تفرع منها هذه الايام.
ان القادم من ايام سيكون ثقيلا، بل مُرّاً مع الاسف، وسيكون ضحاياه ليس الشباب وحدهم، بل اجيال المستقبل التي سيعبث بأمنها واستقرارها من عبث يوم امس بالقوانين واقتحم الحرمات.
عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة الجريدة
قم بكتابة اول تعليق