أعتقد أن شعبية المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة تزداد تدريجياً, بل وربما سيكون التصويت هذه المرة غير مسبوق في تاريخ الانتخابات الكويتية. وستبهر المشاركة الكثيفة وغير المتوقعة للناخبين بعض من تبنوا خطاب المقاطعة من دون التمعن جيداً في عدم منطقية حض الناس على التنازل عن حقهم الدستوري في التصويت. فما إن يشعر الانسان الحر بأن ثمة تيارات سياسية معينة أو أشخاصاً بذاتهم يحاولون تثبيط عزيمته المدنية, أو يحاولون ثنيه وبشكل شخصاني وإنفعالي عن اداء احد واجباته الوطنية (التصويت) فستصبح المشاركة في الانتخابات عن طريق التصويت تحدياً شخصياً بالنسبة الى الفرد الحر وبالنسبة الى المواطن الحق. بل أعتقد أنه وبسبب الاحتدام الانفعالي للغاية في جانب معين من خطاب المقاطعة والذي يفتقد الأسباب القانونية الواضحة والتفسيرات العقلانية المقنعة لشرعنة المقاطعة, سوف تكون المشاركة هذه المرة غير مسبوقة. بل وبسبب وجود بعض محاولات شخصانية لاستغلال إرادة الأمة, فربما ستكون مشاركة المواطنين الكويتيين كثيفة وربما بشكل لم يسبق له مثيل.
وأتوقع شخصياً أن المشاركة الايجابية في الانتخابات ستكرس حياة إنسانية وكويتية مدنية ومنظمة: فمن يسعى الى عيش حياة يومية متكاملة في مجتمع يحترم فيه القانون و تتضح فيه الواجبات والمسؤوليات الاجتماعية وحقوق المواطنة الهادفة, سيعمل كل ما في جهده على تكريس أساليب حياتية خالية من الاثارة والمبالغات, وتستند الى واقعية الحياة اليومية ووضوح معطياتها. ومن هذا المنطلق, فمحاولة البعض التماحك الفكري والجدل العقيم واشغال مجتمع كويتي بهما تعود أهله على الاعتدال في آرائهم وعلى عقلانية نقاشاتهم, سيأتي بنتائج عكسية. بمعنى آخر, تعود أهل الكويت بكل فئاتهم وبكل طوائفهم وبكل شرائحهم على أن “أمرهم شورى بينهم” : أي أنه لا مكان في الثقافة الكويتية الأصيلة للعناد الشخصاني حول القضايا المصيرية, ولا مكان في ذهننا الجمعي الكويتي لرفض الرأي الآخر أو للإافعالات اللا-محسوبة. فنحن ككويتيين ولدنا أحراراً, وعشنا أحراراً, وسنستمر أحراراً . وسأصوت كناخب انتصاراً لذاتي الكويتية الحرة, وسأصوت انتصاراً لكل قيم ومبادئ الحرية المسؤولة التي تربيت عليها في مجتمعي الكويتي الحر.
فالإنسان الحر فعلاً والمواطن الحق قولاً وفعلاً هو من لا يقبل أن يقتحم البعض حريته الشخصية. فالحس الوطني النبيل والضمير الحر للمواطن الكويتي الحق سيجعله دائماً عوناً وعضداً لوطنه في كل الظروف وفي كل الأوقات.
* كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق