«مثل الغراب الذي أضاع مشيته ومشية الحمامة» وعذرا لاستخدام المثال، غير أني لم أجد أفضل منه لتشبيه واقع التيار «الوطني، التقدمي، الطليعي، الديموقراطي، الليبرالي» في الكويت، رغم عدم دقة هذه الأوصاف الكثيرة. ففي المنعطف التاريخي الراهن والمنعقدة عليه آمال العبور نحو المستقبل وتعزيز دولة القانون المدنية وعندما حانت الفرصة الذهبية للبدء بمشوار التطهر من هيمنة الفئوية والقبائلية والمناطقية والمذهبية على الساحة المحلية، تخاذل التيار وغاب عنه الرشاد.
إن الانشقاقات التي صدعت جدران هذا «التيار» تؤكد أن بعض مريديه متيقظون لعدم نضوجه وانعدام تراكم الخبرة السياسية لديه، فأمسى وكأنه لايزال باقيا في مرحلة الطفولة السياسية. بيد أن القراءة الأكثر وجعا لتخاذل التيار الليبرالي وغيبة الرشاد عنه، تتجلى بنقص مناعته وانعدام حصانته من الاختطاف والارتهان للحالة العابرة، وأقصد حالة «تهريب الربيع العربي» إلى الخليج والذي تمثل في الكويت بالأحداث الأخيرة حين سار التيار «مع الخيل يا شقرا» وأعلن مقاطعته للانتخابات المقبلة.
من المؤكد أن نقص المناعة والاستجابة السريعة للاختطاف والركض في مضامير الآخرين يشير إلى اختلالات عميقة داخل هذا التيار الذي وقع في أسر التيار المناهض لحركة التنوير فبدا وكأنه يعاني سيكولوجيا من «متلازمة ستوكهولم» المعروفة والتي تتماهى فيها الضحية المخطوفة مع الخاطف فتدافع عنه وتقلده، وتعلن المقاطعة مثله، فتمسي كمثل الغراب في المثال السالف.
www.salahsayer.com
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق