الكفن ابيض ومخيف ولكنه لا يعني الجمال… والكعبة الشريفة سوداء وجميلة ولكنها ليست قبيحة.. لو كانت الرجولة بالصوت العالي لكان الكلب سيد الرجال… ولو كانت الانوثة بالتعري لكانت القردة اكثر الكائنات أنوثة.
كلمات رائعة نقلتها تقلب بعض المفاهيم والعموميات التي تعودنا عليها في حياتنا، واصبحنا بناء عليها نرفض هذا لمجرد اننا تعودنا ان نرفضه… ونحب هذا لمجرد اننا تعودنا ان نحبه… ولكن ذلك كله لا يعني ابدا ان هناك امورا كثيرة قد تخرج عن هذا الاطار وتكون مرضية.. ومرضية جدا.
في مشهدنا السياسي داخل الكويت اليوم… نلاحظ، وللاسف، ان من ينتمي الى المعارضة يرفض كل من يحمل الرأي المؤيد ويجد فيه تجسيدا للمحاباة والبعد عن الفهم الدستوري والتشكيك بنواياه وقدراته… وبالدرجة نفسها نجد ان هناك من هو محسوب على الجانب المؤيد يجد في المقاطعة تجسيدا لروح الرفض من اجل الرفض والبعد عن مصلحة الوطن والمبالغة في الرفض.
غير ان ذلك لا يعني ابدا ابدا ان هناك من ينتمي للون الابيض، ولكنه ليس ناصعا وليس جميلا… وانه ليس كل من ينتمي للون الاسود هو قتامة وبعد عن التفاؤل والنظرة المشرقة… بل هناك من يعتبر الموضوع تعبيرا عن قناعة معينة في تغيير حصل على واقع لم نتعود، نحن كمجتمع، عليه منذ ست سنوات مضت تقريبا.. الا اننا في النهاية نعتبره متطرفا في الجهتين.
وللاسف، فإن لغة الاعتراض التي تم التعامل معها في السنوات الست السابقة كانت لا تخرج عن خانة التخوين والتسطيح والاستخفاف… وهدر الكرامات في محاولة للاقناع وحشد اكبر عدد الى جانبها.
في ظل هذا الجو المشحون والمتأزم منذ ست سنوات… اعتبرت الفئة المؤيدة انه قد ان الاوان لتسمع صوتها.. ولا بد لها ان تتحدث وتسمع الطرف الاخر بالاسلوب واللغة نفسهما اللذين يفهمهما ذلك الطرف… الامر الذي تسبب، وللاسف ايضا، في سماع اصوات جديدة اختلف الهوى نحوها… فهي تلبي حاجتنا في الرؤية ولكنها تبتعد عنا في الاسلوب… فوقع المواطن الكويتي في حيرة من امره… مما دعاه الى ارتكاب بعض الاخطاء في الجانبين… بعد ان جرت معها جموع من المواطنين من الجنسين.
وبعد ان وصلنا الى ما نحن عليه اليوم… وبعد ان انقسم المجتمع بين مؤيد ومعارض باختلاف النسب والكثافة… وجدنا انفسنا امام مشهد قد يحزننا ككويتيين داخل الكويت… ولكنه في النهاية صورة من صور الديموقراطية التي جاءت من اجلها كل وسائل الاعلام الخارجية لتنقل مشهدا لا يتكرر في كثير من الدول العربية والاسلامية.
ولكنني اخاف.. ومن قلب صادق ومحب لكل من ينتمي لهذا الوطن بمن فيه من يعارض ومن يؤيد… اخاف ان يسحبنا هذا المشهد في الايام المقبلة الى حيث لا نرغب وحيث لا نحب… حين يتعنت هذا الطرف ويتمسك بموقفه ان جاءت النتائج بما لا يحب ولا يريد.. وان يتجرد من فضائل الديموقراطية بقبول الرأي الاخر ونتائج حكم الديموقراطية… مما يحتم علينا كلنا في هذا الجانب او ذاك ان نحترم نتائج الانتخابات… ونحترم رأي من قال كلمته… والتي قد تصدم طرفا وتشعره بخسارة المعركة… فلا يولد ذلك داخله سوى مزيد من الانتقام ومزيد من الرغبة في تحطيم النتائج بشكل يرضي طموح قاتل.
لنعلن قبولنا بما أفرزته لنا الايام القليلة الماضية.. وان نحترم كلمة الشعب، وان لم يكن كله، ونؤمن بها.. وان نحول موقفنا الى مبادرة حسن نية بالبناء والتطوير.. فقد اكون مؤيدة واجد ان النتائج قالت عكس ما كنت اريد، وقد اكون معارضة واجد النتائج عكس ما كنت اريد… الا انني لا يمكن ابدا ان استمر حانقة ومخونة الطرف الاخر لمجرد انه لا يمثلني ولا يحقق احلامي.. فذلك لن يوصلني الى حل ابدا.. ابدا.
اقبال الاحمد
Iqbalalahmed0@yahoo.com
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق