خالد الجنفاوي: النزول للشارع يهدد السلم المجتمعي

أعتقد أن النزول للشارع في مسيرات وتظاهرات وما يترتب عليها من فوضى وشغب تهدد السلم المجتمعي. فحين يختار البعض الخروج للشارع بزعم التعبير عن حرية آرائهم فهم يختارون ما هو سلبي وهدام بدلاً من ما هو إيجابي وبناء. فلا يمكن في أي حال من الأحوال استخدام الشارع كمقياس للتطور الديمقراطي والحضاري, وبخاصة إذا توافرت قنوات قانونية ودستورية وديمقراطية تمكن البعض من طرح وجهات نظرهم بأريحية تامة. فما يؤدي إليه النزول للشارع في مسيرات غير مرخصة هو تجاوز القوانين والنظم المعمول بها في الكويت. بل أن النزول للشارع يرسخ سلوكيات وتصرفات الفوضى وعدم الاكتراث بالسلم المجتمعي. فالمواطنون الآمنون في المناطق السكنية يملكون أيضاً الحق في عيش حياة إنسانية منظمة وهادئة وآمنة لا تهددها الفوضى أو الشغب المتعمد.
ما أقصده بالسلم المجتمعي هو تمكن كل أعضاء المجتمع من التعايش السلمي فيما بينهم والتزامهم جميعهم, دون استثناء, بحدود الممارسات الاجتماعية والديمقراطية السلمية والمقبولة. فعندما يلتزم عضو المجتمع بأداء واجباته ومسؤولياته الاجتماعية تجاه مجتمعه الوطني ويلتزم بالتعبير بشكل سلمي وبناء عن آرائه, فهو يقبل بتكريس تعايش سلمي بين المواطنين, ولكن من يحاول بث القلاقل في مجتمعه عن طريق تأجيج الصراعات الاجتماعية أو عن طريق كسر القوانين المنظمة للعلاقات الاجتماعية والوطنية يضعف منظومة السلم المجتمعي المبنية أساساً على سيادة القانون والنظم والإجراءات الأمنية في الحياة اليومية. فلا يحق لأحدهم تمزيق وحدة المجتمع بزعم التعبير عن امتعاضه أو عدم قبوله أداء مسؤوليات المواطنة الحقة في عالمنا المعاصر: فإذا قبل الفرد بعضويته في مجتمع مدني منظم, عليه أيضاً احترام حريات المواطنين الآخرين.
إضافة إلى ذلك, يشير السلم المجتمعي إلى عملية توافق إنسانية تفاعلية وإيجابية وليست تنازعاً شخصانياً وخلافاً على الدوام, فمن يقبل الاندماج الكامل في مجتمعه الذي ولد وتربى ونشأ فيه, سيحترم دائماً مبادئ وقيم المنظومة الاجتماعية الوطنية التي ينتمي إليها, ولذلك, فالنزول للشارع بقصد التظاهر والشغب إضافة إلى تهديده للتوافق الاجتماعي الايجابي بين المواطنين, فهو ربما يشير إلى رفض الاندماج الاجتماعي السلمي, وربما يدل على محاولات يائسة لترسيخ العزلة الاجتماعية بين المواطنين. وعندما تضعف مقومات السلم الاجتماعي في أي بيئة إنسانية جراء بعض التصرفات الشخصانية والشغب الفوضوي فسيؤدي ذلك تباعاً إلى إضعاف قدرة المجتمع الوطني على مواكبة التطورات الاقتصادية والتعليمية والثقافية في عالم معاصر وسريع الخطى. فلعل وعسى.

* كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.