قد يكون هذا المقال فرصة ذهبية لهواة التخوين والتشكيك وما أكثرهم اليوم، إلا أني أكتبه لقناعتي التامة بكلماته التي سأظل أعبر عنها وإن شكك البعض في مقاصدي.
عارضت وما زلت على موقفي بمعارضة مرسوم الصوت الواحد لأسباب سبق أن بينتها في مقالات عدة ولقاء تلفزيوني ومناظرة بكلية الهندسة، وقد عبرت عن موقفي هذا بمقاطعة الانتخابات رفضا لتحكم الحكومة بآلية انتخاب من يراقبها، بالإضافة إلى دعمي للطعن المقدم من المؤمنين بدولة الدستور صالح الملا، وأسيل العوضي، ومرزوق الغانم، وعادل الصرعاوي، وعبدالله الرومي، وغيرهم حول مرسوم الصوت الواحد ومدى دستوريته.
ولأنني صاحب مبدأ فإني لن أقبل أبدا أن تتحول معارضتي لفوضى بحجة أن هناك تعسفا في استخدام مراسيم الضرورة، ولست ملزما أصلا بتشجيع ممارسات فوضوية بحجة الاحتجاج، وما يحدث اليوم من فوضى في بعض المناطق السكنية تحت مسمى الكرامة، لا أقبله ولن أقبله أبداً، هناك آداب عامة حسب النصوص الدستورية، وهناك قوانين تنظم المواد الدستورية التي يدعي البعض أنه يدافع عنها، واستخدام شعار «احترمونا نحترمكم» لا أعترف فيه أصلا فأخلاقياتي والتزامي بالدستور غير مرتبطين أبدا باحترام السلطة التنفيذية أو التشريعية له، بل هو نابع من التزامي الأخلاقي والأدبي.
لقد أقدمت المجالس المتعاقبة وبشكل أكبر من الحكومة بالتعدي على الدستور بشكل أوضح بكثير من مرسوم الضرورة الأخيرة، فالمجلس هو من اشترط ألا يحصل على الجنسية الكويتية إلا المسلم بتعارض مع أكثر من 3 مواد دستورية، ولم أدعُ إلى الفوضى للاحتجاج، والمجلس أيضا هو من أجبر الجامعة على فصل الاختلاط بتمييز واضح بين الجنسين وتعدٍّ صارخ على حرياتنا الشخصية ولم نحتل الشوارع، والمجلس هو من عرقل حق لجوئنا إلى المحكمة الدستورية بشكل مباشر، وهو من تغاضى عن نسف قانون التجمعات الذي يقيد الحراك اليوم، كل هذا التعدي على الدستور ولم نخرج من الإطار الدستوري في معارضته، بل التزمنا بأخلاقنا الدستورية وسنظل كذلك، ولن نحيد عن هذا المنهج، فخرقنا للدستور اعتراضاً على من يخرقه سيجعل أي عاقل يفقد الثقة بنا لأننا متى ما رفضنا أي ممارسة سنتعدى على الدستور بحجة الحفاظ عليه كما فعل رئيس مصر مثلا.
نعم سأعارض المرسوم كما عارضت التعدي على الحريات والقوانين غير الدستورية، وما أكثرها في الكويت لكن بإطار منهج الدولة وهو الدستور والقانون، ولن أخرق أي قانون وإن كنت أراه غير دستوري ما لم يسقط بحكم المحكمة الدستورية أو من خلال مجلس الأمة. ولا يفوتني أن أشدد على أن من شارك في التصويت وقبل المرسوم وإن اختلفت معهم إلا أنهم كويتيون لهم رأيهم الذي يحترم ويقدر رغم الاختلاف، ولن أقبل بأي حماقة تخونهم أو تخرجهم من الملة لمجرد أنهم يختلفون برأيهم عني، فجاسم القطامي رحمه الله قاطع انتخابات 1971 احتجاجا على تزوير 1967 وأحمد الخطيب شارك في انتخابات 1971 لقناعته بضرورة المشاركة، وكأنهم دون أن يقصدوا ذلك قدموا درسا لنا بكيفية الاختلاف واحترام الآخر.
أما بالنسبة إلى تعاطي «الداخلية» السيئ في كثير من المناسبات خلال الفترة القصيرة الماضية وانعكاساته أكدت بشكل قاطع أن العنف لن يكون في يوم من الأيام حلا مقبولا في الكويت، ولن أقبل به كأمر واقع أبدا.
ضمن نطاق التغطية:
ما لا أفهمه هو كيف يستغل الصغار في التحركات فيسميهم البعض أحراراً ومنتفضين لكرامتهم، وعندما يتم القبض عليهم يسميهم نفس البعض بالأطفال!! لا تزجوا بهم بل لا تقبلوا الزج بهم بالحراك بالمقام الأول حماية لهذا النشء وحفاظا عليه، وما لا أفهمه أيضا أن بعض المنتفضين لكرامتهم حسب ما يدعون يعقدون انتخاباتهم الفرعية للمجلس البلدي عصرا ويقيمون المظاهرات احتجاجا على المرسوم ليلا!!
خارج نطاق التغطية:
تقيم جمعية الخريجين الليلة أمسية للرمز الوطني الراحل جاسم القطامي تحت عنوان “جاسم القطامي… رجل ما فقد ظله” في تمام الساعة السادسة والنصف بمقر الجمعية.
المصدر جريدة الجريدة
قم بكتابة اول تعليق