محمد المسباح: ألبومي كلفني 90 ألف دينار ومبيعاته 30 دينار

رأى الفنان محمد المسباح أن الكويت «شاخت» فنياً بعدما كانت رائدة، كاشفاً أنه قد لا يستمر على الساحة لأن الوضع غير مشجع من وجهة نظره. وتحدث عن اعتذاره عن غناء «وطن النهار» التي كانت بعد ذلك من نصيب الفنان عبدالكريم عبدالقادر. واعتبر المسباح  أن الفنانة المعتزلة عالية حسين كانت لتصبح نجمة الخليج لولا اعتزالها، موضحاً أن دخوله إلى الوسط الفني لم يكن بهدف الاسترزاق.

وفي تفاصيل الحوار الذي اجرته صحيفة الراي مع المسباح:

• ما جديدك؟

– «ديو» غنائي بعنوان «فمان الله»، يجمعني بالفنانة فدوى المالكي، وهو من كلمات بنت العطا، ألحان مطر علي، ومن إنتاج إذاعة «صوت الخليج» القطرية.

• لكن نجومية فدوى ليست بقدرك؟

– أولاً فدوى فنانة وصاحبة صوت وإحساس جميل، واذا كنا نتحدث عن قضية النجومية التي ينظر إليها البعض، فهل أقدم عملاً مع شعبان عبدالرحيم مثلاً؟

• كيف تفسّر الدعم الخارجي لتوثيق التراث الكويتي؟

– إذاعة «صوت الخليج» تبنّت هذا الأمر منذ فترة لأن القيّمين يريدون تكوين أرشيف فني بطريقة الجلسات الغنائية للأعمال التراثية.

• لماذا لم تتبنّ جهة ما في الكويت هذه الفكرة؟

– كنا ننتظر أن يتم أخذ هذا الموضوع بعين الاعتبار من قبل الجهات المعنية لتوثيق الأعمال التراثية، ولكن لا يوجد اهتمام وهم ملتفون عنا وليس إلينا، وللعلم عندما طلبوا مني إعادة الأغنيات أجّلت الأمر لفترة حتى أرى رد فعل المسؤولين في الكويت وإذا كانوا على استعداد لذلك، ولكن في النهاية قطر احتضنت الفكرة.

• توجهت وزارة الإعلام من فترة إلى توثيق التراث الكويتي من خلال حفلات وجلسات… فأين أنت منها؟

– تحدث معي الدكتور عامر جعفر قائد «أوركسترا» الحفلات التي تقيمها وزارة الإعلام مع كلية التربية، ولكننا لم نتفق لأنني أرى أن لديّ خطاً معيّناً، وأبديت وجهة نظري وأشكرهم على دعوتي، ولكن في النهاية إذا أرادوني أن أقدم أعمالاً بخطي فحينها نتعاون.

• ما وجه الاختلاف بين الأعمال التي قدمتها في قطر وما عرضوه عليك؟

– الأعمال التي قدمتها كانت اختياراتي وهم حددوا فقط الحقبة الزمنية التي يريدونها، ومعايير الاختيار بالنسبة إليّ للأعمال شبه منسية أو مهملة كـ «شفنا المنازل» وهي «فن زبيري» مرتبط بسنة «الطاعون» في الكويت.

• ألم تطرح هذه الأفكار على مسؤولين في وزارة الإعلام؟

– لست موظفاً، ويفترض بالمسؤولين تكليفنا، وأسلوب الروتين المتبع هناك غير مشجع.

• إذا كان نجم بحجمك يعرف عن الذهاب لهناك… فمن يذهب؟

– كيف نعمل من دون تكليف وهذا دورهم بتكليفنا؟ فهل يعقل أن يتم تصنيفي كنجم من قبل الوزارة وأصل إلى مرحلة أقول فيها «مشوا لي هذا الكتاب رجاء»! فهذا أمر لا يجوز، وإذا لم يرغبوا في التنفيذ فهناك من سيفعل، وإذا كان ما يقدم حالياً هو الطموح الفني للدولة «فبالعافية عليهم» وسنعمل «بطموحنا نحن لدولتنا» وبالصورة التي نراها تليق بها.

• لماذا تأخرت الكويت في تكوين «أوركسترا» على مستوى الموجودة اليوم في سلطنة عُمان؟

– لأنهم عملوا بطريقة صحيحة وما نراه اليوم هو ثمرة عشر سنوات من العمل. ونحن إذا أردنا أن ننشئ «أوركسترا» بالصورة الصحيحة، فيجب أن نستعين بالكادر المحلي والمتخصصين الأكاديميين، وليس بطلاب مازالت تنقصهم الخبرة.

• ما الذي ينقص خريجو المعهد العالي للفنون الموسيقية؟

– مشكلتهم الأساسية أنهم لا يدرسون فنوننا وتراثنا، فبعد أن كان لدينا الموسيقار الراحل الأستاذ أحمد باقر صاحب التاريخ والخبرة بهذه الفنون والذي استطاع توظيفها بصورة صحيحة، وقدم للفنانة المعتزلة الأستاذة علياء حسين مجموعة ألوان بصوتها كـ «لون الخمار» و«لون الصوت»، نسأل اليوم هل خرج أحد الخريجين «شال» أو «نزع» له فن كويتي، وإذا استثنيت ما قدمه الأستاذ الدكتور عبدالله الرميثان في التلحين فلن نجد.

• وماذا عن الأغنيات التي تتم إعادتها في المناسبات والحفلات؟

– هي أعمال سبق تقديمها، ويرجع اختيارها إلى مزاج شخصي، ولا يجوز أن تعمّم على أساس أنها إنجاز، فالإنجاز يجب أن يكون لشيء مدفون ويتم اكتشافه مجدداً، ولكن إلى الآن أتحدى أن تكون الحفلات التي قدمت خلال هذه الفترة حظيت بـ «صوت استماع» مثلاً. وكون وزارة الإعلام تقوم بتنظيم الكثير من هذه الفعاليات، فيجب أن توثق التراث لا أن تعمل بمنطق متعهد الحفلات ونظرية «الجمهور عاوز كده».

• هل ما يقدم من أعمال تصنّف كتراث تراها على وتيرة واحدة؟

– إلى حد كبير، فالفن الكويتي فيه «التطريب، الاستماع، الهدوء، وفيه الرقي» وحتى الإيقاع الحركي له أصول وقواعد معيّنة، وخير من وثّق هذه الأعمال هو الفنان القدير عبدالعزيز المفرج «شادي الخليج» وكان للأستاذ القدير الراحل أحمد باقر دور في حفظ الفنون التراثية.

• ما رأيك في ما يقدم على الساحة الفنية؟

– يفتقد إلى الهوية، ولهذا أتمنى أن تعود مجدداً لجان إجازة النصوص، وأتذكر أن في تلك الأيام كان الأساتذة سعود الراشد، أحمد باقر، عبدالله الفضالة وعبدالمحسن الرفاعي هم من يجيزون الملحنين،

ومن يقدم نص لإجازته كان يعتبر نفسه في اختبار، ولكن أعمال اليوم تبث على الإذاعات وهي دون المستوى.

• من يحمى حقوق الفنانين؟

– وزارة الإعلام هي المعنية بحفظ حقوق الفنانين إلى جانب وزارات التجارة، المواصلات والداخلية، وكانت شركات الإنتاج تغذي مكتبة التلفزيون وتعتبر إهداءها للأغنيات من باب الدعاية، ولكن مع الوقت تم إهمال حقوق المنتج من الناحية القانونية، وأدى هذا الوضع الى إصابة الحركة الفنية بالشلل، والكويت وقّعت على معاهدة حقوق الملكية الفكرية في 1999 وفي سنة 2000 صدر المرسوم فيها بالجريدة الرسمية.

• هل ما زال هناك منتجون في الكويت؟

– في أواخر التسعينات كانت شركات الإنتاج موجودة، وأستغرب أنهم لم يقوموا بعمل اتحاد يجمعهم ليحموا أنفسهم، فالصراع القائم بينهم في حينها كان شخصياً أكثر من أنه تنافس لتقديم أعمال فنية، فلو كان هذا الاتحاد قائماً لكانوا خاطبوا الدولة من خلاله وطالبوا بتفعيل قوانين لحفظ حقوقهم.

• وأين دور النقابة؟

– يفترض أن تكون هناك نقابات مهنية تعنى بالمهنة، وحاولنا أن نقيمها.

• ماذا فعلت الخلافات بها؟

– الخلافات لم أبدأها والأمر موجود في المحكمة، وهم ربحوا حكم الابتدائي والاستئناف، ويبقى التمييز. وبعد أن تنتهى درجات التقاضي سأعلن عن الخفايا التي أحاطت بالنقابة للرأي العام.

• ألم تؤدي هذه الخلافات إلى تدمير النقابة؟

– ليس صحيحاً، ألم يربح الطرف الآخر؟ فلماذا لم يمارسوا مهامهم وأين دورهم طوال السنوات الثلاث الماضية؟ فما قاموا به طوال تلك الفترة كان التحدث في الإعلام.

• لماذا دخلت في صراع معهم ولم تنسحب؟

– الموضوع كبير جداً، وحصلت فيه تجاوزات «وبداية القصيدة كفر»، فأسموها «نقابة الفنانين والإعلاميين» ولهذا جاءت شكوى من «نقابة الإعلام» وكان يفترض أن تكون نقابة «الفنانين الكويتيين العاملين بمهن الفن والإعلام». وكوني الشخص المسؤول عن الأمر من بدايته – وتلك الحقيقة التي أنكروها في ما بعد، وهناك قضية عدم تحصيل الاشتراكات، وقالوا إنني طلبت جمعية عمومية وهذا الكلام غير صحيح – فالجمعية عقدت وتم انتخابي من قبلها، وقيل إنني أحيك مؤامرة، والحقيقة أن شخصاً جاء وطلب أن أعمل على تأسيس النقابة وعندما صدر قرار الإشهار واستلمته وذهبت به إلى المقر الأول المؤقت لنا في المسرح الشعبي لم يصدق أحد الخبر. وبعد أن تم إشهارها نسبوا الأمر إلى الشيخ أحمد الفهد وأنه هو الداعم لها.

• ألم يدعمكم الشيخ أحمد الفهد؟

– لم أرَ دعماً من الشيخ أحمد الفهد، بل تلمسنا نوعاً من الرفض… فعندما قدمنا الأوراق للجهات المعنية كانت هناك صعوبة وعرقلة، فذهبت لإدارة الفتوى والتشريع وتحدثت معهم.

• هل أدت هذه الخلافات إلى انقسام الساحة الفنية؟

– «إللي إيدهم» في الفن لا توجد بينهم خلافات، ولكن «المتسلقين» هم من لديهم مشكلة.

• لماذا أنت بعيد عن طرح «سنغل» بغزارة كباقي الفنانين؟

– لا نستطيع أن نعمل، فالأمور اليوم اختلفت، والأغنية مكلفة وتقدم كإهداء للمحطات التلفزيونية أو الإذاعية. وكفنان بعيد عن الحفلات الخاصة، أعياد الميلاد والأعراس، لا أتبع نهج الأغنية المنفردة التي يعتبرها بعض الفنانين كإعلان للترويج عن أنفسهم ليطلبوا في الحفلات والمناسبات الخاصة.

• لماذا أنت بعيد عن إحياء المناسبات الخاصة؟

– هذه وجهة نظري وخط سيري، ولا أقبل بتقديم الحفلات الخاصة، والمسألة مبدأ بالنسبة إليّ، فدخولي للوسط الفني لم يكن بهدف الاسترزاق بقدر ما هي موهبة وحب للفن «اللي ماسك فيني مو أنا ماسك فيه»، وأتذكر أنني وقّعت عقدي الأول من دون أن اقرأ القيمة المادية، وعندما انتبهت إلى المبلغ ضحكت، وعلمت بعدها أن هذا هو الأجر الذي كان يتقاضاه النجوم في تلك الفترة وكانت الحفلات والمناسبات الخاصة تحقق لهم عائداً آخر جيداً.

• ألم تظلم موهبتك؟

– لا، وكثيرون حاولوا إقناعي بأن أغيّر طريقتي وأتجه إلى احتراف الفن وأسلك درب بعض الفنانين، ولكن ما يهمني أن تكون هناك فرقة موسيقية تفهم الفنون الشعبية بصورة صحيحة وتقدمها بالصورة السليمة.

• هل تفكر بطرح ألبوم في الفترة المقبلة؟

– لا يمكن أن أجازف وأقدم ألبوماً في ظل الأوضاع الحالية. في فترة سابقة، عندما قدمت شركة «فنون الجزيرة» عرضاً لي ووجدته مناسباً، قبلت ولكن سوء التفاهم الذي حدث وعدم التزامهم معي ببنود العقد أدى إلى تأخير طرح ألبوم «مر الهوى» من 2006 إلى أن صدر في 2010، وأخذت حق توزيعه في الخليج. وحصلت على ثلاثين ديناراً فقط من ريع مبيعاته، مع العلم أن المواقع الإلكترونية وصلت مرات التحميل فيها إلى آلاف المرات.

• كم بلغت تكلفة الألبوم؟

– وصلت إلى سبعين ألف دينار، إلى جانب ثلاثين ألفاً تكلفة تصوير كليبين.

• هل من الممكن السيطرة على هذه المواقع؟

– الأمر بسيط جداً بأن يتم حذف هذه المواقع وعمل حظر و«بلوك» عليها، وهو أمر تطبقه الجهات المختصة مع المواقع الإباحية، وصوتي بُحّ وأنا أطالب بهذا، لأننا سنصل إلى مرحلة نجد فيها الفن انتهى، وها نحن اليوم نرى أن بعض شركات الإنتاج الفني تحولت إلى محال لبيع الزهور.

• كيف ترى مستوى «الأوبريتات» التي قدمت أخيراً؟

– أعتقد أن رمز الدولة يجب أن يغني له رموز الفن، وشخصياً كانت لي تجربة في أوبريت «يالله صباح الوطن» وهو من كلمات بدر بورسلي وألحان مشعل العروج وشارك فيه عدد من الفنانين كعبدالله الرويشد ونبيل شعيل، وكان عملاً مختلفاً ويحمل عبق تراث بروح شبابية، ولكن بعد ذلك تم إقصاء الكل، وأتساءل عما إذا كان هذا الحفل يعتبر لكلية التربية فيفترض ألا نشارك فيه كفنانين. وإذا لم يكن كذلك، فلماذا يشارك «كورال» كلية التربية؟!

• هل ما زالت الكويت الرائدة فنياً في الخليج؟

– كانت رائدة في زمن، ولكنها اليوم «شاخت» فنياً، فمنذ فترة التسعينات وهناك حال من الانحدار والتأرجح الفني ونرى تبعاته إلى اليوم.

• وأين يذهب أصحاب المواهب الشابة؟

– الفنانون الشباب جاءوا في مرحلة كل شيء فيها معطل، ومن جهة أخرى هل الشخص الذي يظهر بإطلالة «مودرن وعامل شعره سبايكي» يمثل الهوية الكويتية؟ وهل سيقدم صوت كويتي صحيح بعيد عن النشاز، وهل هو على دراية بتراث بلده؟ أرى أننا بحاجه إلى جيل من الفنانين الشباب الواعين والمثقفين فنياً.

• من هي فنانة الخليج الأولى برأيك؟

– إذا كانت الفنانة عالية حسين مستمرة إلى اليوم ولم تعتزل، لكانت هي نجمة الخليج.

• كيف ترى التصريحات التي يطلقها بعض الفنانين بعد اعتزالهم بأن الفن حرام؟

– لا أؤيد من يقول إن الفن مفسدة أو من يعتبره منزّهاً، لأنه في النهاية لهو في الحياة، وأرى أن لا حق لي بالتحليل أو التحريم، واستمراريتي أو عدمها بالفن هي أمر خاص.

• ما قصتك مع «وطن النهار»؟

– كنت في القاهرة والتقيت بالفنان القدير سليمان الملا الذي أسمعني أغنية «وطن النهار» من ضمن مجموعة من الأغنيات حتى أغنيها، ولكنني اعتذرت لتكليفي بعمل أوبريت خاص بمناسبة الاجتماع الأول لدول مجلس التعاون بعد التحرير.

• هل تمنيت لو قدمتها؟

– هي من نصيب «أبو خالد» الفنان القدير عبدالكريم عبدالقادر، وأؤمن بالنصيب، ولو غنيتها لما كانت نجحت ربما، فهو خدم الأغنية أكثر.

• وماذا عن تترات المسلسلات؟

– حالياً توقفت عن قبول العروض التي تأتي إليّ.

• لماذا؟

– لأنه هناك احتمال ألا أستمر، لأنني أعتبر نفسي هاوياً، والوضع الفني في الكويت غير مشجّع.

• هل من الممكن أن تنضم إلى لجان تحكيم؟

– لِمَ لا! ولكن أعتقد أنني سأكون قاسياً في تقييمي، وأرى أن برامج الهواة إذا كانت تهدف إلى تخريج فنانين حقيقيين، فيجب أن تستعين بالمتخصصين والأكاديميين.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.