إبراهيم العوضي: حتى نصل إلى ما نريد

مطالب الإصلاح السياسي وتحقيق العدالة والمساواة وتنفيذ الرغبات الشعبية والسعي إلى مزيد من الحريات وتعزيز مبدأ المشاركة في صنع القرار والوصول إلى تطبيق مبدأ دولة الدستور والمؤسسات بما تحمله من معانٍ حقيقية وزيادة الرقابة والمحاسبة على تصرفات صناع القرار وحتى العودة إلى ما قبل مرسوم الصوت الواحد، لا يمكن وسط ما نعيشه من تناقضات سياسية ومن أزمة حقيقية بين الشعب والحكومة، أن يأتي بين يوم وليلة.
إن الأساس الذي يجب أن يكون نقطة الانطلاق في قيادة الحراك السياسي هو كسب التعاطف الشعبي والوصول إلى أكبر قاعدة جماهيرية مؤيدة للإصلاحات السياسية التي يطالب بها الشارع والتي أولها تعديل مرسوم الصوت الواحد.
والسؤال الذي أطرحه هنا، هل مسيرات المناطق السكنية ستحقق المطلوب؟ شخصيا، أعتقد أن هذه المسيرات قد نالت استنكارا واسعا من فئة ليست بالبسيطة حتى من قبل مؤيدي الحراك الشعبي الساعين لإسقاط مرسوم الصوت الواحد، فوسائل التعبير الأخرى عن رفض هذا المرسوم متعددة وطرق الضغط الشعبية المشروعة المختلفة قد تساهم هي الأخرى في إسقاط المرسوم وما نحتاجه فقط هو قليل من الحكمة والعقل والتروي في التعامل مع هكذا سلطة.
إنني أعتقد أن تحقيق هذا المطلب المشروع وفقا للأطر الدستورية ووفقا للقانون ووسائل التعبير السلمية التي قد تأخذ وقتا طويلا هو خير من أن يأتي سريعا يصاحبه سقوط مدوٍ لقيم وعادات وأسس دستورية سعى لها كل من يدعو لدولة القانون والمؤسسات وما أدعو إليه هنا ليس تجاهلا مني للأسباب الحقيقية التي أوصلتنا لواقعنا الحالي، فالأسباب باتت معروفة لدى الجميع وبلا استثناء.
وحتى نكون أكثر عدلا وإنصافا في تناولنا لهذا الموضوع، فلا يمكن أن نقيس حجم التخبطات الحكومية وسياساتها المتناقضة وما ترتب عليها من سوء أوضاع وصلنا إليها وباتت تعيش كالكابوس فينا فنجعلها مبررا لما نواجهه اليوم من مظاهرات صاخبة في المناطق السكنية وما صاحبها من إشعال للإطارات ورمي القوات الخاصة بالحجارة والألعاب النارية وفي تعطيل حركة السير وغيرها. لذلك، أدعو جميع رافضي المرسوم أن يحاكوا الشعب ومشاعرهم ويكسبوا تعاطفهم لتكوين قاعدة قوية تشكل نقطة الانطلاق الحقيقية لإسقاط هذا المرسوم المرفوض شعبيا، فجميعنا يتذكر ذلك الحراك الشعبي الذي بدأ بعدد قليل من الداعين لإسقاط حكومة الشيخ ناصر المحمد والذي ما لبث بسبب حنكة وسياسة القائمين عليه من كسب قبول ورضا الشارع الذي شكل وسيلة الضغط الوحيدة في رحيل تلك الحكومة.
إذا، ما نحتاجه اليوم هو قليل من الصبر ومزيد من شحذ الهمم، فمسيرة الإصلاح لا يمكن أن تتحقق في لحظة بل إنها تحتاج لمواجهة سلمية ديموقراطية مع السلطة من خلال مراعاة وسائل التعبير المشروعة ضمن الأطر الدستورية وحينها سينتصر الشعب يوما ما.

Email: boadeeb@yahoo.com
المصدر جريدة الراي

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.