أكد استاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت الدكتور سامي خليفة أنه من الضروري التزام الحكومة أقصى درجات ضبط النفس مع المتظاهرين وخاصة احترام حق الانسان في التعبير عن نفسه،مبيناً أنه لا يحق التعسف في استخدام الأدوات القاسية والخشنة بتبرير إيقاف التجاوزات على النظام العام وقوانين وضوابط المجتمع، بل أجد أن الحكومة اليوم عليها أن تبادر في وضع النيابة والقضاء الكويتي العادل في المقدمة.
وقال لـ “هنا الكويت ” يتمحور دور الحكومة والمجلس معا في مواجهة المسيرات غير المرخصة، فأحسب أن الحسم والحزم سياسة مهم اتخاذها اليوم .
كيف تقرأ المشهد السياسي الحالي بعد إنتخاب مجلس أمة جديد؟
بعد نجاح الانتخابات النيابية عبر الشفافية الكاملة التي مارستها السلطة السياسية في إدارتها، وبعد أن وصل عدد المقترعين إلى ما يقارب الـ40%، أحسب أن البلاد اليوم أمام استحقاقا سياسيا مهما للغاية يتطلب أن يقرأ الجميع نتائج الانتخابات بدقة وموضوعية، خاصة بعد أن سقطت الكثير من المسلمات السابقة التي كانت تحاول المعارضة السياسية تكريسها في العقل الجمعي للكويتيين وعلى رأسها مفهوم الأغلبية والأقلية، وهو مصطلح نسبي أثبت أن لا مكان له في العمل النيابي القادم. فسواد النواب الأكبر اليوم يسعون للعمل بروح الفريق الواحد وباتجاه تأمين حالة من الاستقرار لمجلسهم يؤدي بالضرورة إلى استمراره حتى نهاية مدته الدستورية. وتلك معضلة تتطلب الكثير من التنازلات بين النواب أنفسهم من جانب، وطريقة جديدة في التعاطي مع الشريك التشريعي وهو الحكومة الجديدة.
ماهو رأيك في النسب التي حصل عليها النواب الجدد؟
من الطبيعي في ظل غياب عدد كبير من المرشحين السابقين وجماهير المقاطعة أن تقل نسبة المقترعين، ولكن ما هو ملفت أن تكون الأصوات الانتخابية التي حصل عليها أغلب نواب مجلس الأمة الحالي لا تختلف عن حجم أصواتهم في الانتخابات النيابية السابقة مع المقارنة النسبية بين نظامي الأربعة أصوات وبين نظام الصوت الواحد. ذلك أن في النظام السابق يضرب عدد المقترعين في أربعة ويوزع على المرشحين كل حسب الأصوات التي حصل عليها، في وقت يمثل عدد المقترعين هو نفسه عدد الاصوات التي حصل عليها المرشحين في نظام الصوت الواحد ما يعني أن الأرقام العالية التي جاء بها النواب الفائزين يدل دلالة قطعية على تجاوب كبير لعامة الناس مع التنافس النيابي في الانتخابات الأخيرة.
ماهي توقعاتك للقوى الوطنية المعارضة في المرحلة المقبلة ؟
من الصعب التكهن اليوم في برنامج عمل القوى المعارضة، كونها اليوم تمر بحالة من الاحباط الشديد خاصة بعد أن جاءت أغلبية الجماهير لصالح المشاركين في الانتخابات، ويتطلب الأمر قليل من الوقت كي تفيق المعارضة من وضعها الهستيري للتصرف بعقلانية أكثر. فلا يليق ما يجري اليوم في المناطق السكنية من انتهاك صريح للقانون والغوغائية بكل ما تعني الكلمة من معنى. وبالتالي من المهم أن تواجه قيادة المعارضة اليوم تلك السلوكيات الغريبة والشاذة التي رافقت عمل المقاطعين لتقليل الخسائر الكبيرة التي تمس سمعتها.
ومن جانب آخر أحسب أن استمرار المسيرات بشكلها الحالي لن تجدي نفعا ما لم يواكبها فتح قنوات جادة للحوار مع الحكومة والمجلس الجديدين والسعي للوصول إلى مساحة مشتركة يمكن للمعارضة أن تشارك فيها. فلا يعقل أن يتبع المعارضة أسلوب الهدم في وقت ينتظر الناس تسيير مصالحهم من قبل السلطتين التشريعية والتنفيذية بكل يسر.
برأيك ماهو دور الحكومة والمجلس لإنهاء المسيرات الغيرمرخصة ؟
من الضروري التزام الحكومة أقصى درجات ضبط النفس مع المتظاهرين وخاصة احترام حق الانسان في التعبير عن نفسه، ولا يحق التعسف في استخدام الأدوات القاسية والخشنة بتبرير إيقاف التجاوزات على النظام العام وقوانين وضوابط المجتمع، بل أجد أن الحكومة اليوم عليها أن تبادر في وضع النيابة والقضاء الكويتي العادل في المقدمة.
أما دور الحكومة والمجلس معا في مواجهة المسيرات غير المرخصة، فأحسب أن الحسم والحزم سياسة مهم اتخاذها اليوم فيما يتعلق بتبني تشريعات وقوانين واضحة من شأنها إلزام المتجاوز دفع الثمن بهدف ردعه عن التجاوز، فلا يمكن الاستهانة بالنظام العام، وما تلك المسيرات غير المرخصة إلى وصمة سوداء في تاريخ الديموقراطية في الكويت، وكان من الأولى على من يطالب باحترام الدستور أن يلتزم هو أولا، وهذا ما لم تفعله المعارضة إلى يومنا هذا.
ما هي رسالتك للشارع الكويتي في ظل ما نشهده من مسيرات؟
أتمنى من المعارضة أن تتحلى بروح المعارضة الإيجابية وأن تمد يد التعاون مع بقية مكونات المجتمع وتوفر مناخا إيجابيا من شأنها أن يمهد لحوار وطني يضم الجميع تحت سقف المسئولية الوطنية، فمصلحة الكويت ومستقبل أجيالها الحالية والقادمة هي أمانة في رقبتنا لا نملك إلا أن نضعها ضمن الخط الأحمر الذي لا يجوز تجاوزه. كما من المهم أن يتوجه عقلاء القوم لملء مقاعد الحراك السياسي كي لا يعطوا فرصة للتأزيميين من أصحاب المصالح الضيقة وقادة النفوذ في المعارضة السياسية اليوم.
الوجوه الشبابية بالمجلس الجديد هل تعمل على إعادة الود المفقود بين الحكومة والمجلس؟
نحن أمام مجموعة من النواب الشباب الذين نعول عليهم كثيرا في رسم طريقة جديدة واسلوب مبتدع للتعاطي مع الحكومة بذوق جديد بعيد عن الضوضاء والغوغاء. تلك المجموعة الشابة التي لم تتلطخ يدها في صراعات سابقة مع نواب المعارضة السابقين، وبذلك من المهم أن يقدم هؤلاء نموذجا للتعاطي المهذب والسعي للانجاز قدر الامكان ومد جسور التعاون مع الحكومة من أجل صالح أهل الكويت. لذا أحسب أنني متفاءل بهذا المجلس الجديد بوجود هذا الكم من نوابه الشباب الجدد.
قم بكتابة اول تعليق