مع إعلان بنك الكويت الوطني عن انضمام رئيس معهد التمويل الدولي IIF تشارلز دالارا الى عضوية المجلس الاستشاري الدولي التابع للبنك، اعادت «بلومبرغ» العالمية المتخصصة تسليط الضوء على تجربة هذا المجلس من زاويتين: الأولى، التي استطاع من خلالها بنك الكويت الوطني ان يجمع في مؤسسة واحدة كوكبة من الأسماء والشخصيات العالمية المرموقة ولها تجارب في قطاعات مختلفة، والتي من النادر ان يتم جمعها تحت كيان أو في توقيت واحد. أما الثانية فتتمثل في أهمية الدور الذي لعبه هذا المجلس الى جانب الإدارة التنفيذية – على الرغم من قصر مدة تجربته مقارنة بعمر البنك – في تحديد وحسم العديد من الخيارات الاستراتيجية المستقبلية خلال محطات مهمة في مسيرته. علما بان مثل هذا التجربة التي اعتمدها بنك الكويت الوطني قبل سنوات قليلة اصبحت قبل اشهر قليلة فقط، خيارا استراتيجيا لدى عدة مؤسسات مصرفية مرموقة كما هو الحال مع بنك أوف اميركا.
كوكبة من اللامعين
وقالت بلومبرغ «تشارلز دالارا رئيس معهد التمويل الدولي IIF، الذي يمثل أكثر من 450 مؤسسة تمويل، انضم الى المجلس الاستشاري التابع لبنك الكويت الوطني، مشيرة الى ان هذا المجلس الذي يضم 19 عضوا، سبق ان انضمت اليه عدة شخصيات مرموقة، كان من بينهم الرئيس التنفيذي السابق لدويشته بنك Deutshe Bank جوزيف اكرمان، المؤسس الشريك في مؤسسة PIMCO د. محمد العريان، مستشار أول ونائب الرئيس التنفيذي في مجموعة سيتي بنك المصرفية CitiGroup وليام رودز».
والواقع ان التدقيق في أسماء أعضاء المجلس، يقود الى الاستنتاج بوجود توليفة يصعب جمعها تحت مظلة واحدة، وهي تضم شخصيات عملت ولا تزال في أعرق المؤسسات العالمية، أما من حيث التمثيل الجغرافي، فيبدو المجلس انه احتضن العالم من أقصاه الى اقصاه، بدءا باليابان، ثم الهند وسنغافورة، وصولاً الى اوربا واميركا، مروراً بالمنطقة العربية، ولعل وجود شخصيات بهذا الحجم في تجربة هي الأولى من نوعها لمؤسسة شرق اوسطية، يعكس حجم الثقة التي يحظى بها بنك الكويت الوطني، بالاضافة الى السمعة التي يحظى بها في المحافل الدولية ومراكز القرار في المؤسسات العالمية الخاصة والمرموقة، والتي لولاها لما استطاع استقطاب أسماء بهذا الحجم.
تشارلز دالارا
كذلك فقد تطرقت «بلومبرغ» بشكل مفصل الى الدور الذي لعبه تشارلز دالارا في حل ازمة الديون السيادية في أوروبا، وتوليه قيادة المفاوضات نيابة عن المصارف والتوصل لاتفاق مبادلة الديون الخاصة باليونان والتي عرفت بأكبر عملية اعادة هيكلة للديون السيادية في التاريخ»، ليعطي مثل هذا الدور التاريخي اشارة اضافية تؤكد ليس فقط قدرة «الوطني» على استقطاب هؤلاء بل لتعكس أهمية توقيت استقطاب مثل هذه الشخصيات خلال محطات رئيسية في مسيراتهم، وهو ما سبق ان تجلى ايضا سواء في اختيار رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي كلاوس شواب، أو الرئيس السابق لبنك «Barclays» ماثيو باريت، والرئيس التنفيذي السابق لـ«دويشته بنك» (Deutsche Bank) جوزيف أكرمان.
دور في الخيارات الاستراتيجية
من جهة أخرى، لا يمكن المرور على تجربة المجلس الاستشاري الدولي التابع لبنك الكويت الوطني من دون الاشارة الى أهميته المفصلية التي لعبها هذا المجلس في المساهمة الى جانب الادارة التنفيذية للبنك، في تحديد الخيارات الاستراتيجية للمجموعة في عدة محطات رئيسية، وبغض النظر عما تمثله تركيبة هذا المجلس من اسماء وازنة، فان مجرد اشراكه في صياغة الخيارات الاستراتيجية المستقبلية، يعكس مدى مرونة وانفتاح قيادة البنك في التعاطي مع التطورات والأحداث، وهو توجه يسلط مزيداً من الضوء على مدى الحرص على دعم أسس ومعايير الحوكمة والإدارة الرشيدة اضافة الى تعزيز شبكة العلاقات الدولية والسياسية والاستراتيجية له على المستويين الاقليمي والعالمي.
كما ان مثل هذه التجربة، تقتضي الاشارة الى توقيت ولادة المجلس الاستشاري الدولي للبنك في العام 2007، في مرحلة كان فيها المناخ الاقتصادي العالمي في أوج ازدهاره، فيما كانت المنطقة تعيش واحدة من أكثر مراحل النمو الاقتصادي، وهو ما يعيد التأكيد على الرؤية العميقة لقيادة البنك في استشراف متطلبات المستقبل، لا سيما ان الأزمة المالية العالمية لم تلبث ان أطلت برأسها بعد عام على اطلاق المجلس، الذي لعب في اجتماع جدة في عام 2009، دوراً حاسماً في القرار الاستراتيجي الخاص بالبنك للتروي في أي خطط توسعية جديدة والحرص على اعتماد الخطوات الكفيلة بالمحافظة على متانة القاعدة المالية للبنك في وقت كان فيه معظم المصارف العالمية ومصارف المنطقة قد عانت من تداعيات هذه الأزمة، ثم عاد المجلس الاستشاري الدولي في مرحلة لاحقة للمساهمة في الاسراع بخطة «الوطني» التي قضت بضرورة تحقيق التوازن في الايرادات المحلية والخارجية، والهادفة الى رفع مساهمة الفروع الخارجية في اجمالي أرباح المجموعة الى نحو 50 في المائة خلال السنوات المقبلة، وهو خيار حصد البنك ثماره مع تراجع البيئة التشغيلية المحلية وضعف الآفاق الاقتصادية بسبب ضعف الانفاق العام وعدم طرح مشاريع جديدة، الى جانب انخفاض القيمة السوقية للأسهم المتداولة في سوق الكويت للأوراق المالية واستمرار توتر الأوضاع الجيوسياسية التي انعكست سلباً على النشاط الاقتصادي وبيئة الأعمال.
قم بكتابة اول تعليق