عبدالمحسن جمال: مجلس الظل.. خطوة جيدة

ما إن أُعلن تشكيل الحكومة، حتى بدأت بعض الأصوات التي كانت مقاطعة للانتخابات تطرح تفاؤلاً إيجابياً بها، وتتمنى لها العمل والنجاح، هل هذه هي السياسة التي تعمل على توافق المصالح بين الأطراف، أم أن حنكة الحكومة ومرونتها استطاعت منذ البداية كسب بعض الأصوات المقاطعة؟

وأقول: إن «المقاطعين» ودعمهم للحكومة عمل سياسي «ذو نكهة كويتية جميلة»، وليس عملاً عشوائياً كما يتصوّر بعض النواب من خلال تصريحاتهم «المتعجلة».

فالعمل السياسي يحتاج، في بعض الأحيان، إلى تقديم خطوة وتأخير أخرى، ولابد للحكومة من محاولة استيعاب كل الاختلافات السياسية ما أمكنها ذلك، فإن صح الحديث عن قدرة الحكومة على استيعاب «المقاطعين»، فهو أمر يُحسب لها سياسياً، وليس ضدها.

أما إعلان نواب المقاطعة السابقين خارج البرلمان تشكيل «برلمان الظل»، أو ما سُمِّي بفريق عمل لمتابعة مجلس الأمة، فهو أمر يصبّ في تأييد الحكومة، وليس ضدها، حيث إنه اعتراف أوَّلي بالأمر الواقع، ويعد يقينا منهم بأن القطار البرلماني والحكومي وُضعا على السكة الدستورية والسليمة، وأنهم لا يملكون إلا المعارضة السياسية السلمية، من خلال مراقبة أداء المجلس والحكومة وانتقادهما كحق دستوري لأي مواطن في إبداء الرأي والتعبير.

لذا فإني أستغرب استعجال وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الأخ محمد المبارك الصباح، واحتجاجه على المعارضة بأن «مجلس الظل» ليس من الدستور!

فلا أحد قال إنه دستوري، ولكنه مجرد «ديوانية رأي» على مستوى أعضاء سابقين يجتمعون أسبوعيا لإبداء رأيهم حول أداء مجلس الأمة، وليس لهم أي صفة رسمية، بل هم جزء من أبناء المجتمع الكويتي كإحدى مؤسسات المجتمع المدني غير الرسمية لإبداء الرأي.

وفي رأيي أن متابعة المعارضة السابقة للمجلس الحالي، ولو بهذه الصورة غير الرسمية سيكون له مردود إيجابي على المجلس الحالي بشكل خاص، وعلى الساحة السياسية المحلية بشكل عام، فهو سيصبّ في تحفيز النواب الحاليين للعمل المتواصل بجد واجتهاد، لتجنب الأخطاء السابقة، ومساعدة المواطن المتابع للعمل السياسي لإيجاد تصوّرين تستطيع مقارنتهما واختيار الأصوب منهما، وفي ذلك زيادة وعي للمواطنين.

وفي ديموقراطيات العالم، تبحث الحكومات عن معارضة تبدي لها أخطاءها لتجنبها، فما بالك وأن النواب السابقين قد قدّموا ذلك طواعية وبرضا نفس؟!

فأتمنى من الأخ وزير الدولة تقبّل هذه الهدية من نواب المعارضة السابقين، ليس القبول بالأمر الواقع فحسب، بل وبتقديم النصح والإرشاد، ففي الأثر يتردد هذا القول الشريف، بما معناه: «رحم الله امرأ أهدى إليّ عيوبي».

د. عبدالمحسن يوسف جمال

ajamal2@hotmail.com
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.