تزامناً مع انعقاد أولى جلسات مجلس الأمة يراهن البعض على أن هذا المجلس المنتخب وفق مرسوم الضرورة لن يكمل مدته القانونية وبأنه مجلس ولد ميتاً بسبب الرفض الشعبي, كما يزعمون!
إن من يروج لهذه المزاعم يكذب الواقع ولغة الأرقام, جملة وتفصيلاً, فنسبة المشاركة في الانتخابات كانت معقولة وطبيعية, خصوصا وأن النواب السابقين المقاطعون استخدموا كل الوسائل غير المشروعة لثني المواطنين وصدهم عن المشاركة في العرس الديمقراطي ولم يبق إلا أن يستخدموا السحرة والعرافين لتحقيق أهدافهم التي باءت كلها بالفشل.
نقول استخدموا وسائل غير مشروعة لأننا نعرف أن بعض النواب السابقين اضطروا لحجز جنسيات قواعدهم الانتخابية لعدم ثقتهم بجديتهم بالمقاطعة الى جانب أساليب الابتزاز وأحياناً التهديد وتخويف الناس من المشاركة والكل يعلم ذلك.
كما أن نتائج الانتخابات قد خيبت آمال المحرضين على المقاطعة لأنها أفرزت نواباً يعبرون بحق عن مختلف النسيج الاجتماعي الكويتي, وخصوصاً مع دخول مكونات وأطياف اجتماعية لم يسبق أن كان لها ممثل في البرلمان منذ تأسيس الحياة البرلمانية الكويتية, وهذا بحد ذاته بعث على الارتياح في نفوس كل شرائح المجتمع لأنه يحقق في نهاية المطاف التوازن والأمن الاجتماعي لدى جميع اطيافه, حضر وبدو, سنة وشيعة, ما يؤكد بعد النظر في التقييم الحكيم والمنصف لسمو الأمير أثناء اصداره لمرسوم الصوت الواحد.
وبغض النظر عن ذلك كله, نعتقد أن هذا المجلس هو مجلس استثنائي بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى, فهو مجلس قد أتى بعد مجالس كان طابعها العام الانقسامات الفئوية والقبلية والطائفية, وهي مجالس لم نعرف عنها سوى الصراخ والشتم والتنابز المتبادل بين النواب, حتى أصبحت هذه اللغة لغة »شعبية« عامة بين الناس وهو ما يقضي على تعزيز نهج الحوار, ولا غرابة في ذلك طالما أن »أهل الحل والعقد« في تلك المجالس كانوا يسلكون مسلكاً غوغائياً أصبح مع مرور الوقت ثقافة عامة تشيع الكراهية بين المختلفين في الرأي.
والأهم من ذلك كله هو أن هذا المجلس الذي يعد بحق »مجلس إنقاذ« حقيقي جاء بإرادة سامية من والد الجميع ليضع حدا لهذا الانزلاق الخطير في المجتمع الكويتي ولغته, بل حتى ثقافته التي غلب عليها »البؤس« لكي يعيد الأمور إلى نصابها الصحيح ويعيدها الى دائرة العقل والحكمة وينقذ البلد من الفساد الذي وصل الى قاعة البرلمان, وهو يعد مشروعاً حقيقياً للدفع بعجلة التنمية للأمام فلا تنمية بلا استقرار نفسي واجتماعي, ولكي تعود الكويت, أخيراً, كما كانت في السابق دانة الخليج وقبلة المثقفين والعلماء.
* كاتب كويتي
Twitter:@Oaldumeatha
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق