نشعر بالامتنان الشديد لرئيس السن النائب صلاح العتيقي على محاولته صون دستور البلاد والذود عن قواعد واسس الحكم الديموقراطي يوم امس في جلسة افتتاح مجلس الامة الذي تحول الى مجلس اغلبيته امعات بعد ان وقف السيد العتيقي وحيدا امام التجاوزات والانتهاكات الدينية على قسم عضو مجلس الامة. نشكر مرة اخرى كثيرا النائب الفاضل، كنا نتمنى ان يأتي التصدي للتعدي غير الدستوري من فطاحلة مجلس الامة، ومن الخبرات التي «كنا» نتوسم فيهم خيرا، مثل علي الراشد وعدنان عبدالصمد واحمد المليفي، لكن مع الاسف الخبرات والشموع التي كنا نظن انها تزين مجلس الامة الحالي – بعد ان غاب الاعضاء التقليديون عنه – كانوا اقل باعا واضعف ذراعا من رئيس السن وهو النائب المستجد.
لقد درجت مجاميع الظلام على العبث بالدستور وانتهاك مواده، وبالذات من خلال التعدي على الحريات الشخصية للمواطنين سواء بسن التشريعات غير الدستورية او بمط القوانين الحالية ومدها، بحيث تؤدي تطبيقاتها الى اضفاء الصبغة الدينية والاخلاقية على السلوك العام للدولة والمجتمع. وفي الاونة الاخيرة، وخصوصا في المجلس المبطل، تعمدت العبث بالقسم الدستوري للنواب بحيث ينسجم مع المعتقد السلفي الوهابي ولا يتعارض معه. فهم لا يقسمون مثل بقية النواب او وفقا لما هو محدد بالدستور بل يقسمون «على هدي من الله وسنة رسوله»، اي انهم يشترطون ان تكون عقيدتهم وتفسيرهم للدين اساس القسم ومستلزماته وواجباته. رئيس السن النائب الفاضل صلاح العتيقي حاول جاهدا ان يوقف هذا العبث لكنه كان وحيدا مع الاسف. طالب قبل القسم بالالتزام بنص المادة 91 من الدستور، وعندما اعترض على الخروج عليه، وجد نفسه وحيدا، وتعالت مع الاسف الاصوات ضده بينما اغلبية مجلس الامة الجديد وبالذات خبراته واقطابه السابقون ظلوا في صمت تاركين الرئيس وحده يواجه بضعة افراد من مجاميع التخلف. النائب نبيل الفضل واجه وحيدا بــ «شجاعة» جماعة المقاطعة في المجلس المبطل، وقرأ سورة البقرة تحديا لهم، يوم امس كان صامتا وقابلا بالاختراق غير الدستوري..!!
اعتقد ان هناك توصية، او ربما اتفاقاً على تمرير الانسجام بالقوة بين النواب. يوم امس مطرقة الرئيس كانت بكماء، ويبدو انها ستبقى كذلك، فهي من علامات الصراع الديموقراطي وحق الاختلاف والاعتراض الذي يبدو انه سيغيب عن هذا المجلس.
***
الصراع يجب أن يبقى ديموقراطياً
الذين أصروا على التجمع أو المبيت في ساحة البنوك، أو أي مكان آخر يختارون، إن حرموا من هذا المكان، بالتأكيد مواطنون كويتيون، مؤمنون بصدق وحق بقضيتهم، ويسعون إلى التعبير عن رفضهم للاوضاع الحالية بالطرق العلنية المتاحة. طالما ان هذا التعبير سلمي وفي حدود النظم والآداب والقوانين العامة، فان المفروض في الغير ان يحترم حقهم في ذلك.
بل ان اصرارهم في هذا البرد وحضورهم في هذه الظلمة يؤكد اكثر، سلامة نيتهم وايمانهم بما يعتقدون. نختلف معهم، نرى انهم «زودوها»، هذا حقنا نحن ايضا. لكن هذا الحق لا يغصبهم حقهم أو يقلل من قيمتهم. من المؤسف ان يأخذ البعض راحته في التشكيك في نوايا المقاطعين أو الطعن في ما يطرحون ويؤمنون اعتمادا على موقفه الاخلاقي أو حتى الوطني الخاص والشخصي.
لقد استغل المقاطعون، مع الأسف، في البداية خلفيات بعض الأشخاص أو أوضاعهم الخاصة للتقليل من قيمتهم ومن ثم التقليل والانتقاص من القضايا والرؤى التي يطرحون. واليوم يلجأ المعارضون لهم إلى استخدام الأسلوب ذاته. يتركون موضوع الخلاف وأساس الصراع للارتكاز على أي نتوء أو التمركز في أي حفرة قد تكسبهم موقعا افضل أو تقدما اسرع. وقد بلغ الأمر ذروته في التشكيك بمقاصد المتجمهرين حين أعلنوا البيات مواطنين ومواطنات.
كان المفروض ان يثير الاعجاب وان يؤدي إلى الاحترام اصرار المواطنات الكويتيات على التعبير الحر عن آرائهن بجانب المشاركين من المواطنين الشباب، وكان من المفروض ان يؤدي ذلك إلى تعزيز قناعة المقاطعين والارتقاء المدني بما يطرحون. ان مشاركة المرأة أو المواطنة الكويتية بشكل عام في الحراك المعارض أو المؤيد، باي ظروف أو أوضاع، هي مشاركة ايجابية وطنية، واذا جاز لي ان اضيف الصفات الاخلاقية التي يفضلها الكثيرون فهي مشاركة شريفة وحميدة.
لا نزال عند رأينا في ان مرسوم تعديل آلية التصويت كان حقا لصاحب السمو الأمير، وان الضرورة كانت تتطلب تدخلا منه لاصلاح الوضع أو الاوضاع الخطأ التي ارتكبت على مدى السنوات السابقة. ولا يزال الأمر لحسن الحظ منظورا امام المحكمة الدستورية، فالى ان تحكم المحكمة، وحتى بعده، لنكتفِ بان نبقي الصراع ديموقراطيا سياسيا بعيدا عن تقاليد ومعتقدات وخرافات البعض.
عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق