قالت عضو المجلس البلدي المهندسة جنان بوشهري المرشحة السابقة لمجلس الأمة ان الكثير من النساء في الكويت لا يزلن يعانين من مشاكل وليس الحق السياسي الوحيد الذي كن يفتقدنه. لكنها اكدت في المقابل «نحن لا نحتاج الى الخروج في مسيرات للمطالبة بتفعيل بعض مطالب المرأة» بل «نحن نراهن على المجلس الجديد الذي نعتقد انه سيحقق انجازات على مختلف الأصعدة وليست فقط فيما يتعلق باصلاحات تشريعية متعلقة بحقوق المرأة ومطالبها». وأشارت بوشهري الى انها «تطلع بامل وتفائل الى المجلس المقبل» ليس هناك داع الى مسيرة أو تجمع بل هناك حاجة لاعطاء فرصة لهذا المجلس الجديد للعمل بكل هدوء».
• لماذا لم تصوت لك النساء أكثر من الرجال كما حصل مع النائبات الثلاث الفائزات في مجلس الأمة الجديد؟
الفائزات في الانتخابات الأخيرة لهن شبكة علاقات سابقة واستطعن بذلك تكوين شبكة علاقات قوية مع القواعد الانتخابية النسائية في الدائرة. كانت فترة الانتخابات الأخيرة قصيرة وانا كنت في دائرة كبيرة تضم اكثر من 74 ألف ناخب وناخبة منهم 52 في المئة نساء ولذلك لم تخدمني كثيرا هذه الفترة القصيرة. الى ذلك فلم تكن هناك سهولة في التواصل مع التجمعات النسائية مقارنة بالسهولة المجودة في التواصل مع الرجال من خلال وجود الديوانيات الرجالية بشكل واسع وكبير في كافة الدوائر وبشكل دوري ايضا. بالنسبة للجانب النسائي نفتقد لهذه التجمعات النسائية الدورية وانا اعتقد انه بتنا اليوم في امس الحاجة الى تكوين مثل هذه التجمعات بشكل دوري. ما المانع من تكوين ديوانيات نسائية على غرار الرجال. نحن اليوم نمر في مرحلة المرأة محتاجة الى ديوانيات مختلطة ونسائية.
• أليس الأجدى تفعيل الجمعيات النسائية لاحتضان التجمعات النسائية افضل من تكوين ديوانيات ربما الهدف منها تجاذب اطراف الحديث؟
– الديوانيات اليوم لم تعد اماكن لتجاذب اطراف الحديث.
الديوانيات اليوم أصبحت برلمانات مصغرة.
لم تعد الديوانية مكاناً لممارسة بعض انواع الألعاب الشعبية كما كان يحصل قبلا او لتجاذب اطراف الحديث الاجتماعي بقدر ما صارت مجالس لمناقشات سياسية واجتماعية واصلاحات اقتصادية تطرح فيها الكثـــير من الأفكــــــار والآراء.
• لكن أليس الأنفع للمرأة الكويتية ان تتجمع في واجهة معترف بها في المجتمع اي تحت كنف منظمات المجتمع المدني؟
– صحيح. لكن لا اريد ان اقول ان انشاء الديوانيات النسائية سيكون المقصد منه تقليص دور منظمات المجتمع المدني او ان تكون بديلا لها. نحن لا يمكن ان نعمل في غياب دور فعال لمؤسسات المجتمع المدني. اليوم لا يمكن التعويل فقط على مؤسسات المجتمع المدني النسائية فكل الجمعيات والهيئات المدنية يجب ان تكثف جهودها لنشر توعية حول فهم مبدأ المواطنة بين الرجل والمرأة. شرائح كبيرة من المجتمع الكويتي مازالت لا تؤمن بمبدأ المساواة بين حقوق الرجل والمرأة. مازالت هناك فئات في المجتمع تعتقد ان المرأة مواطنة من الدرجة الثانية. نحن نتطلع الى تشريعات ترسخ مبدأ المساواة في المواطنة بين الرجل والمرأة.
وللوصول الى مثل هذه التشريعات التي تدعم حقوق المرأة نحتاج الى ضغط من مؤسسات المجتمع المدني على كتلة برلمانية لتبني مثل هذه التشريعات.
• هناك شريحة واسعة من الكويتيات التي تعتقد ان الرجل ربما يكون أنجع من المرأة في توصيل صوتها وقضاياها في البرلمان والمجتمع؟
نحن يجب ان نتجاوز مرحلة ان رجلاً ينقل هموم رجل وامرأة تنقل هموم امرأة ونحن نحتاج ايصال هموم مجتمع من خلال الرجل والمرأة. يجب لممثلين الأمة تبني مشاكل النساء رجالا ونساء وان كانت المرأة أقدر لكونها عايشت مشاكل النساء أكثر. من ناحية أخرى انه مازال هناك سقف زجاجي لم تسطع المرأة ان تتعداه في ما يتعلق بالتعيينات والبرلمانات ومازالت هناك نسبة قليلة للتمثيل مقارنة مع الرجال وهذا ليس في الكويت فقط وانما في دول كثيرة في العالم.
• يقال ان طبقة معينة من سيدات المجتمع ذات النفوذ يرجح انها من تسيطر على عضوية ادارات الجمعيات النسائية، الا ترين ذلك لا يحفز فئات من عامة النساء الانضواء تحت مظلة هذه الجمعيات بدافع انها لا تمثلهن؟
– الجمعيات النسائية مفتوحة والمشاركة فيها مفتوحة والعضوية فيها متاحة للجميع وبالتالي لا نلوم فئة معينة من هذه الجمعيات أنها تعمل وآخرون لا يشاركون في هذا العمل. انا كمهندسة انا لا ألوم جمعية المهندسين في حال انها عملت من خلال فئة معينة على عدم مشاركتي معها، عدم مشاركتي هو تقصير ولذلك فانا الملامة وليس الجمعية.
على النساء في المجتمع الكويتي المبادرة في المشاركة في هذه الجمعيات وفي فعاليتها لأن اقتصار الجمعية على فئة معينة من النساء ليس خطأ الجمعية ولكن خطأ من تركن الساحة لهن. كذلك اعتقد ان على الجمعيات النسائية ايضا فتح قنوات اتصال مع مختلف فئات النساء الكويتيات لنقل وتبني همومهن وايجاد حلول لها.
• ما أهم مطالب المرأة الكويتية؟
– قضية المساواة في المواطنة من أهم اشكاليات المرأة الكويتية الآن، الكويت كدولة مدنية ذات دستور مكتوب ومتفق عليه يتطرق هذا الدستور لموضوع المواطنة من دون تمييز بين رجل وامرأة، فالمرأة مواطنة كاملة الأهلية بنص الدستور الكويتي، الا أنه وللأسف القوانين واللوائح التنظيمية في الدولة تضع تمييزاً واضحاً وصريحاً على أساس محور الجنس، وهذا في وقتنا الحاضر أصبح غير مقبول اطلاقا، بالاضافة الى أنه يســــبب اشـــــــكالات اجتماعية خطيرة جدا وعلى محاور متعددة، الآن فـــي كل دول العالم تطرح قضايا التمييز بين الرجل والمرأة من خلال محاور واضحة وصريحة للنقاش ومن ثم التشريع داخل البرلمانات، والجميع متفق على أن قضايا حقوق المواطنة يجب أن تبتعد عن أي مظهر من مظاهر التمييز بين الرجل والمرأة، هذا مشاهد في كل دول العالم الحديثة الديموقراطية.
الكويت اليوم مطالبة بأن تخطو بنفس الخطوات في هذا المجال، فالقضية لا تتعلق فقط بحق الاسكان أو حق المعاملة المتماثلة بين أبناء الكويتية وأبناء الكويتي أو الفرص الوظيفية ولكنها يجب أن تتعلق بمبدأ عام وشامل داخل الدولة، ألا وهو نبذ التمييز على أساس الجنس لأنه غير دستوري وغير مدني ولا تتبناه أي دولة ديموقراطية بالعالم، فالقضية لا تتعلق بالمطالبة بشق واحد أو اثنين أو أكثر مما ذكرتهم أعلاه ولكنها تتعلق بقضية مبدأ عام يجب أن يهيمن على كل نواحي الدولة المدنية في الكويت.
الخلاصة أن أهم مطلب للمرأة الكويتية الآن هو أن يكون المبدأ العام داخل الدولة مرتكزاً على أساس أن حقوق المواطنة لا يجب أن تتمايز بين الرجل والمرأة، فمتى ما نجحنا في اقرار هذا المبدأ حلت جميع الاشكاليات الأخرى التي تعاني منها من المرأة الكويتية وعلى كافة المحاور.
• ما أهم الاصلاحات التي من شأنها تحسين وضعية المرأة؟
– الاصلاحات متعددة الأوجه، هناك اصلاحات اجتماعية وهناك اصلاحات تتعلق بتكافؤ الفرص وأخرى تتعلق بمعايير المردود المادي مقابل العمل المماثل واصلاحات تتعلق باللوائح التنظيمية داخل الدولة واصلاحات تتعلق بشغل الوظائف القيادية وأخرى تتعلق باتاحة فرص العمل داخل المجالات المحرمة حتى الآن على المرأة، وهناك غيرها الكثير من أوجه الاصلاحات، وبالتالي فان أهم الاصلاحات في أولوياتها تتعلق باقرار قوانين أو الحصول على أحكام دستورية تؤكد مساواة المرأة مع الرجل في الحقوق والواجبات داخل الدولة، وبالتالي اقرار هذا المبدأ داخل كل مؤسسات الدولة ولوائحها التنظيمية سيكون نقطة الانطلاقة الحقيقة لتحدي كافة أوجه التمييز ضد المرأة وبداية عهد الاصلاحات الحقيقية في مختلف القضايا النسائية، فالأحكام والتشريعات عندئذ لن تحرم المرأة من حق الرعاية السكنية بينما يتمتع به الرجل، ولن تبقى المرأة خارج سلك النيابة فقط لأنها امرأة، ولن يعامل أبناء الكويتية معاملة تختلف عن معاملة أبناء الكويتي، لأن كل هذه الممارسات عندئذ ستوضع في اطار غير دستوري داخل دولة الكويت المدنية.
الاصلاحات تتطلب نقطة بداية لتنتهي بنتيجة محددة، نقطة البداية هي أحكام دستورية وتشريعات تؤكد حق المواطنة، والنتيجة هي مساواة بين الرجل والمرأة وانهاء ما تعانيه المرأة من مشاكل خلال فترة زمنية مقبولة.
• ماذا يجب فعله كبرلمان ومجتمع مدني لدعم تمكين المرأة الكويتية؟
– البرلمان يملك سلطة التشريع، لكن سلطة التشريع تحتاج لأغلبية برلمانية وتحتاج أيضا الى توافق حكومي، وهنا يظهر ويبرز دور مؤسسات المجتمع المدني، فمهمته أن يمارس دوره على أعضاء السلطة التشريعية لتهيئة أغلبية داخل مجلس الأمة تدفع باتجاه هذه الاصلاحات الشاملة من خلال تشريعات واضحة، وأيضا يقع على عاتق مؤسسات المجتمع المدني أن تهيئ الظروف من خلال تقديم شكاوى لدى المحكمة الادارية والمحكمة الدستورية للحصول على أحكام قضائية واضحة في اتجاه تأكيد هذه المحاور، اذاً المحوران متلازمان، محور تشريعي داخل مجلس الأمة ومحور مؤسسات المجتمع المدني الدافع باتجاه تبني هذه التشريعات والاصلاحات.
كما لا يجب أن نغفل الدور التوعوي البناء لمؤسسات المجتمع المدني، فهي مطالبة بتعزيز ايمان المجتـــــمع الكويتي بكافـــة شـــــرائحه بالمبدأ العام داخل الدولة والمرتكز على أساس أن حقوق المواطنة لا يجـــب أن تتـــــمايز بين الرجل والمرأة، فـــلا يجب أن ننكر بأن هناك فئات من المجتمع الكويتي مازالت رافضة لهذه الفكرة، وهذا يتطلب تضافر جهود مؤسسات المجتمع المدني لتعزيز ثقافة المساواة وحقوق وواجبات المواطنة.
• عودة المرأة للبرلمان هل هي نصرة لحقوق المرأة الكويتية؟
– إذا كان الجواب شخصياً فيسرني جدا ويثلج صدري وجود العنصر النسائي داخل البرلمان كمشرعات ومراقبات للأداء الحكومي، وهن الأقرب لتفهم قضايا المرأة واحتياجاتها، لكن من حيث المبدأ لا يجب أن يكون هناك تمايز في العملية الديموقراطية على أساس الجنس، فالمعيار في العملية الانتخابية يجب أن يكون القدرة على اقناع الشارع الكويتي بالاطروحات والرؤى وتقديم الحلول والمراقبة والتشريع، وبالنهاية فان الشخص الذي يظفر بأصوات الشارع الكويتي سيكون ممثلا للأمة ويجب عليه أن يتبنى قضايا من يمثلهن سواء كانت قضايا تخص النساء أو الرجال، فعضو مجلس الأمة هو من يمثل الأمة برجالها ونسائها.
• هل تراهنون على العمل مع النائبات الثلاث للدفع قدما للتنصيص على قوانين تعزز مكاسب المرأة السياسية والاجتماعية؟
– بالطبع، لأنهن أولا وأخيرا من النساء اللاتي يفتخر المجتمع الكويتي بتواجدهن داخل البرلمان، وهن في النهاية نساء يعشن الظــروف النــــسائية داخل المجتمع الكويتي بكل تفاصيله وبما تحمله هذه الظروف من ايجابيات وسلبيات، وبالتالي فانه من البديهي جدا أن يكن النائبات الثلاثة عنصراً ايجابياً ومساعداً جدا نحو الدفع باتجاه ايجاد حلول لاشكالية المرأة داخل المجتمع الكويتي ومنها اشكالية التشريع.
• كيف قيمتم الانتخابات الأخيرة، وما هو موقفكم منها؟
– الانتخابات الأخيرة قد شابتها تجاذبات كثيرة بسبب المرسوم الاميري الذي قلص عدد الأصوات من أربع أصوات الى صوت واحد، فظهرت فئة من الشعب الكويتي تنادي بمقاطعة الانتخابات، وهناك فئة أخرى من الشعب الكويتي تنادي بالمشاركة وبحماس بهذه الانتخابات، النتيجة كانت وكما اعلنت رسميا بأن هناك حوالي 40 في المئة من أبناء الشعب الكويتي قرر أن يستجيب لدعوة الانتخاب وقرر أن يمارس دوره وحقه في تحديد مكونات السلطة التشريعية، فاذا ما قارنا هذه النسبة مع النسبة المئوية للمشاركين في الانتخابات قبل الأخيرة والتي كانت نسبة المشاركة فيها حوالي 58 في المئة، وعلى افتراض أن جميع العوامل الأخرى بقيت ثابتة دون تغيير، فاننا بالفعل أمام أقلية من الشــــــعب الكويـــتي في حدود 18 في المئة – 20 فــــي المـــــئة فقط من عــــدد الناخبين هي من قررت مقاطعة الانتخابات بسبب معارضتهم لمرسوم الصوت الواحد على حد قولهم.
هذه المعارضة نحن نحترمها في النهاية لانها تمثل وجهة نظر قطاع من الشعب الكويتي، قد لا تشكل أغلبية لكنها تمثل وجهة نظر لفئات من المجتمع الكويتي يجب أن يلتفت لها والعمل على تقريب وجهات النظر اما بالاقناع أو التفنيد أو أحكام قضائية واضحة وصريحة.
أنا أؤمن بأن الأحكام القضائية النهائية هي عنوان للحقيقة في مسائل الخلاف بيت قطاعات الشعب الكويتي، وهناك الآن طعون فيما يتعلق بمرسوم الضرورة أمام المحكمة الدستورية، وأحكام المحكمة الدستورية يجب أن تأطر الحقيقة في هذا الموضوع، وهذا ما أشار اليه صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الصباح في تأكيده على أنه لو حكمت المحكمة الدستورية بخلاف رأيه في مرسوم الصوت الواحد فإن سموه سيحترم الحكم القضائي من دون أي تردد، هذه الذهنية هي التي يجب أن تسيطر على الطرفين المختصمين في هذا الموضوع.
وعلى أي الأحوال فان الانتخابات انتهت والنتائج خرجت بتركيبة للمجلس وعدت بأن تعطي قضية الاصلاحات المتعددة المحاور أولوية مطلقة في برامج عملها بالاضافة الى الدفع بعجلة التنمية للأمام، ولكن هناك للأسف بعض ردود الأفعال على تركيبة بحيث كان الهجوم اللفظي على هؤلاء الأعضاء برأيي الشخصي غير مبرر وغير مقبول ويستخدم ألفاظاً جارحة في بعض الأحيان أو يتبنى التمييز على محاور فئوية متعددة.
وأنا أرى هنا أنه بات من الضروري تطوير مناهج المعارضة باتجاه معارضة متزنة تتبنى برامج عمل ورؤى واضحة ونقد بناء يعترض على أساس أنه يمتلك بديل لما يعارضه دون التطرق لقضايا الفئويات أو التمايز الاجتماعي أو المذهبي أو توجيه الاتهامات في الانتماءات والذمم والنوايا دون وجود دليل على ذلك كله.
المعيار يجب أن يكون دائما هو العمل والنتيجة بغض النظر تماما عمن كان هو العامل أو انتماءاته الفئوية.
• كيف تتطلعون الى المجلس الجديد؟
– نحن لا نحتاج الى الخروج في مسيرات للمطالبة بتفعيل بعض مطالب المرأة ونحن نراهن على المجلس الجديد الذي نعتقد انه سيحقق انجازات على مختلف الأصعدة وليست فقط فيما يتعلق باصلاحات تشريعية متعلقة بحقوق المرأة ومطالبها. ونحن نتطلع بأمل وتفاؤل الى المجلس المقبل وليس هناك داع الى مسيرة أو تجمع بل في حاجة لاعطاء فرصة لهذا المجلس الجديد للعمل بكل هدوء.
المصدر “الراي”
قم بكتابة اول تعليق