سمو الأمير يرأس وفد الكويت في قمة المنامة

يغادر صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد والوفد الرسمي المرافق لسموه أرض الوطن اليوم متوجها الى مملكة البحرين لترؤس وفد الكويت في اجتماعات الدورة الثالثة والثلاثين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية والتي ستعقد في العاصمة البحرينية المنامة.

وأكد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ صباح الخالد ان جدول أعمال القمة سيكون حافلا بالعديد من القضايا التي تهم أبناء دول المجلس. وأضاف الشيخ صباح الخالد ان قادة دول مجلس التعاون سيناقشون في قمتهم مسيرة مجلس التعاون في مختلف المجالات وسبل تطويرها إضافة الى آخر المستجدات السياسية التي تشهدها الساحة على المستويين الإقليمي والدولي.

يأتي ذلك في الوقت الذي كشف فيه مصدر مسؤول في الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي عن ان هناك اتفاقا شبه تام بين دول مجلس التعاون على إنشاء الشبكة الإلكترونية الموحدة، وبين ان الشبكة الإلكترونية هي بداية للانطلاقة الحقيقية بين المشاريع المختلفة لدول المجلس والتي على رأسها الاتحاد الجمركي.

وأوضح ان باكورة العمل في الشبكة ستكون بين المملكة العربية السعودية والإمارات وستنضم إليها باقي الدول العام المقبل بعد اجتماعات عدة ستنعقد لترتيب الأمور.

وسيبحث قادة دول مجلس التعاون الست (السعودية والإمارات والكويت وسلطنة عمان وقطر والبحرين) مجموعة من القضايا في جلسات مفتوحة ومغلقة تتطرق الى الأوضاع السياسية الدولية والإقليمية والشأن السوري بصفة خاصة.

وستحتل الأولوية على طاولة نقاشات القمة الملفات الأمنية والسياسية والاقتصادية وبخاصة تلك المتعلقة بالشأن الخليجي الداخلي وأهمها إقامة الاتحاد الخليجي الذي يحقق تطلعات الشعوب الخليجية.

وستناقش القمة قضايا إقليمية مهمة في مقدمتها الأزمة السورية والطرق المختلفة لإنقاذ الشعب السوري من القتل يوميا وبحث دعم المعارضة السورية والتأكيد على أهمية الحفاظ على وحدة سورية وأمنها واستقرارها، إضافة الى الأوضاع في غزة بعد العدوان الإسرائيلي عليها وكيفية إعادة الإعمار مرة أخرى وتحقيق المصالحة الفلسطينية الفلسطينية وخاصة بعد حصول فلسطين على صفة «عضو مراقب» في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

كما ستناقش القمة تطورات الأوضاع في اليمن والعراق ومصر وسبل دعم دول مجلس التعاون الخليجي للاقتصاد المصري بعد ثورة 25 يناير 2011.

وستؤكد القمة على ضرورة إخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل ومحاولة الضغط في المحافل الدولية على كل من إيران وإسرائيل لكي تلتزما بالشروط والمعايير الدولية التي وضعتها وكالة الطاقة الدولية.

وقال الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عبد اللطيف الزياني إن قمة المنامة لن تناقش مقترح تحويل مجلس التعاون إلى اتحاد خليجي، لكنها ستعرض على الزعماء الخليجيين ما وصل إليه النقاش في شأن هذا الموضوع.

وأقر بأن القمة تأتي في توقيت تمر فيه المنطقة بظروف صعبة، مؤكدا أن قمة المنامة الخليجية ستعطي الأولوية للنظر في حقوق المواطن الخليجي وأمنه واستقراره.

بدوره وصف استاذ إدارة الأزمات وحل الصراعات الدولية د.أحمد بن عبدالله الباز القمة الخليجية بأنها قمة التحديات واعتبر الباز أن أجندة القمة مثقلة بالملفات المهمة، مبينا أن التحدي الأكبر للمراقبين وصناع القرار في دول المجلس على حد سواء يكمن في «ترتيب هذه الموضوعات على سلم الأولويات».

ولفت الباز إلى أن دول المجلس محاطة بحزام من عدم الاستقرار من كل الجهات، مؤكدا أن التحدي الإيراني مازال حاضرا بصورة أقوى في السنوات الأخيرة من خلال إصرار إيران على مواصلة احتلال الجزر الإماراتية، إلى المضي في برنامجها النووي العسكري.

أما الوضع في العراق، فيرى الباز أن حكومة المالكي غير قادرة على العبور بالبلاد إلى بر الأمان. وحول اليمن، يوضح الباز أن المجلس يواجه جنوبا يمنيا يعاني من تداعيات ثلاثين عاما من الفساد الإداري والاقتصادي والإقصاء السياسي والحرمان الاجتماعي، حيث شكلت بؤرة إرهاب ومصدر تهديد لدول المجلس على حد قول الباز.

وقال: «اليمن والعراق سيظلان يشكلان هاجسا أمنيا لدول المجلس لفترة زمنية لكونهما لا يزالان يشكلان ملاذا آمنا لجماعات إرهابية تشكل خطرا على أمن دول المجلس».

وتناول الباز الأردن وما يواجهه من أزمة اقتصادية خانقة وشارع لا يهدأ. أما الوضع في سورية، فلفت الباز إلى أن دول الخليج تراقب ما يجري وساهمت بصور متعددة في حل الأزمة السورية، وليس بعيدا يقف الباز عند مصر التي لم تستقر سياسيا كما يرى، مشيرا إلى أنها لا تزال في بداية تنفيذ برنامجها الإصلاحي.

اما الباحث والمحلل السياسي د.عبدالله الشمري فوصف القمة الخليجية بالبالغة «الحساسية والدقة»، وتوقع الشمري أن يمثل الوضع الداخلي الملف الأول، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن أمن الخليج سيمثل محورا أساسيا في القمة الخليجية وخاصة بعد حدوث متغيرات رئيسة في ظل تطورات سياسية وعسكرية غير جيدة أبرزها تزايد فرص التهديد الإيراني واحتمال قرب حدوث مصالحة اميركية ـ إيرانية وأوضاع تتجه للأسوأ في اليمن، الذي يتعرض لمخاطر «الحوثيين والحراك الجنوبي والقاعدة».

وقال الشمري: «يجب على دول المجلس أن تعي أن انفجارا للاوضاع في اليمن سيدخلها في وضع صعب جدا وخاصة السعودية وسلطنة عمان، كما أن اشتعال الأزمة السورية وعدم وضوح الرؤية السياسية في مصر وحدوث تغييرات على المزاج الشعبي في الأردن، كل هذه الأحداث ستكون لها انعكاسات واضحة وملموسة على الأمن الإقليمي الخليجي.

وحول مستقبل دول مجلس التعاون الخليجي مع الولايات المتحدة الأميركية، قال الشمري: «يجب الأخذ في الحسبان أن قوة الولايات المتحدة أخذت في الانحسار بعد الأزمة الاقتصادية 2008م حيث فضلت واشنطن اتجاه النأي بنفسها عن الخليج مما يجعل المتغير في علاقة بعض دول الخليج المتناقصة مع واشنطن أميركيا وليس خليجيا بالأساس».

وأوضح: «يجب التوفيق بين مصالحها كتكتل خليجي في الحفاظ على علاقات وثيقة بين واشنطن وبين مصلحتها في تعزيز علاقتها مع دول مرشحة للعب دور أكثر تأثيرا في معادلة الأمن الخليجي مثل الصين والاتحاد الأوروبي والهند».

وحذر الشمري من ان أي محاولات لتقسيم العراق سيكون لها أثر على الداخل الخليجي، مطالبا قمة المنامة بالنظر في اختلال التركيبة السكانية في دول مجلس التعاون على اعتبار أنها جزء من معادلة الأمن في الخليج. اذ يتواجد اكثر من 17 مليون عامل أجنبي، يمثل العرب نسبة قليلة منهم، وتصل نسبة الوافدين في بعض دول المجلس إلى 71%.

أما المشرف على برنامج السياسة العامة بجامعة الملك عبدالعزيز د.وليد بن نايف السديري فأكد ضرورة تعميق التعاون والتكامل بين دول الخليج العربية ومجتمعاتها باعتبار انه مطلب استراتيجي أساسي أكثر إلحاحا، وذلك لحماية المصالح المشتركة لهذه الدول وصون استقرارها ومكتسباتها التنموية ومعالجة تحدياتها المستقبلية، خاصة مع تسارع الأحداث والتحولات في المنطقة وتزايد التعقيدات والضبابية في توجهات السياسة الدولية.

وأكد السديري أن تعميق التعاون الخليجي لا يخدم مصالح دوله ومجتمعاته فقط، بل يدعم بقوة مصالح الدول والمجتمعات العربية. فاستقرار ونمو الخليج وتعاونه، يوفر سندا ودورا قياديا سياسيا واقتصاديا للأمة والقضايا العربية، وفي مرحلة هي في أمس الحاجة اليه، وذلك نتيجة لما تمر به مجتمعات ودول عربية رئيسية من ظروف صعبة وعدم استقرار. كما أن تعميق التعاون الخليجي يوفر أيضا أمل ونواة عملية لإحياء وتوسيع العمل العربي المشترك (وذلك بافتراض تعاون الدول العربية لتحقيق ذلك).

وعن تعميق التعاون قال السديري: التعاون الخليجي مطلب دولي، وخاصة لتلك القوى الراغبة في تحقيق التنمية وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة. فسياسات دول الخليج (وفي مقدمتها السعودية) مشهود لها بالاعتدال والدور الإيجابي البناء في القضايا الإقليمية والدولية، ويقدم دورها الإيجابي في اليمن وفي دعم المجتمع السوري ومجتمعات «الربيع العربي» مثالا حيا، لجهود مستمرة تسعى باتجاه الاستقرار والتنمية والتعاون العربي. وكذلك هو الحال بالنسبة لدورها الإيجابي في تأمين وتوازن أسواق الطاقة، وفي حركة الاقتصاد العالمي.

وعن قمة المنامة قال السديري: من المتوقع أن تغلب على جدول أعمال قمة المنامة الخليجية القضايا الاعتيادية التي تتعلق بمتابعة العمل الخليجي المشترك في مجالاته المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والدفاعية، وهي تمثل استمرار وتراكم الخطوات السابقة، في مسيرة بطيئة وهادئة، لا ترقى لمستوى الطموحات والتطلعات، إلا أنها من زاوية أخرى، مسيرة عقلانية وواثقة تنسجم مع الواقع وما يمكن تحقيقه بتوافق الأعضاء، وهي مسيرة لا تندفع بالشعارات والقفزات غير المدروسة والمحتومة بالفشل المهدد لكامل الكيان والتجربة.

واشار الى ما حققته دول المجلس من خطوات نوعية مهمة لطريق واعد وآخرها اتمام حلقة الربط الكهربائي بينها، وسعيها الى انشاء شبكة قطارات وربط مائي بين محطات التحلية، وهي أمور اساسية ـ وأهميتها لا تخفى ـ في ايجاد بنية تحتية مشتركة وثابتة تعزز فرص استمرارية التعاون، وذلك بالإضافة الى استمرارها في تعزيز تنسيقها الأمني والدفاعي والمجالات التنموية الأخرى.

وعن حساسية المرحلة والتهديدات التي تحيط بالخليج قال السديري: تبرز في هذه المرحلة – بصفة خاصة – التهديدات الخارجية، الناتجة عن السياسة التوسعية الإيرانية والاضطرابات التي تشهدها عدة دول عربية وأطماع القوى الدولية، وما يتبعها من مخاطر الصراعات والحروب الإقليمية. وهو ما يستوجب توحيد الموقف وتكامل السياسة الخارجية الخليجية لمواجهة هذه التحديات الماثلة، ودول المجلس قطعت شوطا جيدا في هذا الإطار، خاصة تجاه الأزمتين اليمنية والسورية، والوضع يتطلب المزيد من التوحد والتنسيق الجماعي تجاه القضايا الأخرى، فهو الضمانة لدور وتأثير خليجي فعال يحقق المصالح العليا. ومن الضروري تجنب السياسات الإنفرادية والضيقة لبعض الدول في تحركها تجاه بعض القضايا الإقليمية.

واختتم د.وليد السديري آملا أن تلتفت القمة الى أهمية توسيع أطر التفاعل بين الدول الأعضاء لتشمل النخب ومختلف القيادات المجتمعية، وعدم الاقتصار على اللقاءات الرسمية والحكومية (رغم أهمية استمرارها والتوسع فيها). وكذلك الاهتمام بتوسيع هياكل ومؤسسات مجلس التعاون وتوفير الموارد اللازمة لها وتطوير ادواتها وقدراتها في المبادرة والعمل الذاتي لتعزيز فاعليتها في دفع عملية التعاون. كما أن انشاء هيئة استشارية للمجلس تضم الكفاءات من أبناء الدول الأعضاء، يفتح جهود المجلس للمشاركة المجتمعية ويعزز مسيرته باتجاه تحقيق التكامل.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.