يأمرنا الخالق جل جلاله بقطع يد السارق ويترك لنا تعريف السارق ومعنى القطع…. وقد ساهم هذا التعريف وذاك المعنى بالكثير من الاختلافات وفق الازمنة والامكنة والبيئة الثقافية – اجتماعية تربوية علمية – للانسان المكلف بهذه المهمة.
لقد قال لنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: «انا اعلم منكم بشؤون دينكم وانتم اعلم مني بشؤون دنياكم» صدق رسول الله.
ومن هذا المنطلق يلتقي القوم ويختلفون وذاك امر يدعو للفخر اكثر مما يدعو الى الضيق وفي ظني ان هذا الاختلاف المحترم سيبقى ما دامت الايام والتجارب في تعاقب وما دامت ثقافات اليوم تصحح وتجدد ثقافات الامس مثلما كان الامس يصحح لما قبله.
رغم هذا الا ان التفكير بالسرقة والحظر منها باقٍ مع اختلاف الصور وستبقى كالبقعة السوداء في الثوب الابيض…. لكننا لا يمكن ان ننكر بأن الاسلوب الحضاري يقربنا من نظرة العلامة الاسلامي الشيخ محمد عبدو الذي اعتبر وجوب قطع اليد واجباً على ولي الامر لا في البتر بالسيف – كما يتصور السذّج ولكن برعاية الناس والاهتمام بهم حماية لهم من الزلل أي السرقة ولا يمكن ان يتحقق ذلك الا وسط الاجواء العادلة بين الناس بالحق ورسم وتطبيق القواعد والقوانين لتنظيم عيش البشر من مواطنين ومقيمين على ذات البقعة بضمان العيش الحرّ الكريم مع الشيء الكثير من الحزم في الرقابة على الجميع دون تصنيف مادي أو عائلي أو مذهبي أو التفريق بين من هو معروف ومن هو غير معروف، مَنْ هو مواطن ومن هو مقيم أو زائر.
لابد من الاعتراف – مع الغصة – بأن السرقة قد اصبحت نهجا حياتيا عاما يربطها القوم بالذكاء بالشطارة بالفهلوة أو بأحقية تمييز الذات عن الغير، في موقع وزمن تعيش الرقابة فيه ربيع العمر بالعسل مما يجعل ثقافة اللامبالاة والاستخفاف وغض الطرف عن الاخطاء وتبسيطها تدخل جنات النعيم!
1- الموظف لا يتوانى عن سرقة زمن من واجبه وبعض من المتوقع من الاهتمام والجدية في العمل مخفيا الاعتراف بجهله – وهذا ليس جرماً.
2- المدخن للسجائر والمتعاطي للارجيلة يسرقان اكسجين الهواء وهم يسرقون بذلك البيئة ويدمروننا تحت مظلة سعادتهم واستمتاعهم فيكون تجريدها من القيمة الصحية المفترضة لكل محتاج من المرضى والاصحاء رافضا تسميتها انانية وعشق ذات.
3- القائدة والقائد للسيارة اللذان يضربان بقواعد المرور عرض الحائط باستخدام النقال اثناء القيادة أو لبس النقاب أو تخفيض صوت الراديو مع فتح الزجاج المحيط بالمركبة باعتبار ان الشارع هو (حوش بيت ابوي) اتجول فيه كما اشتهي – هؤلاء سراق كبار لراحة الناس وصحتهم ونظافة بيئتهم – كلهم يسرقون حق الآخرين بالانفاس.
اذن الحرامي من هذا الطراز هو سارق وقاتل ايضا.
4- السارق للنظافة والمساهم في القذارة يصدر دوما من مواطن أو مقيم يتقمص شخصية اللا مبالي واللا مهتم والعديم الشعور الذاتي والجماعي ومن هؤلاء كثر في الاماكن العامة مثل المطارات أو المولات أو الاسواق فالحذف من اليد التي تستحق القطع بمنطق الشيخ محمد عبده لا تتوانى عن حذف مناديل الورق المستعملة أو كرتون القهوة أو الشاي عبر زجاج السيارة أو سيرا على الاقدام في الشارع امام خلق الله وكأنه يقول قلدوني فأنا المميز.
ما اظن احدكم لم يقرأ التنبيه الذي استلمه وزير في بلد خليجي لأنه استخدم هاتفه النقال وهو يقود سيارته بنفسه.
يا وزارة الداخلية يا بلدية الكويت البلاد تحتاج لمراقبين يتمتعون بالعلم الغزير والتأهيل الجيد لقطع يد سراق الاماكن العامة من اجوائها النظيفة وهيئتها البهية.
ويا بلدية الكويت اعملوا عقولكم للبحث عن سبيل اجود من تلك المزهريات الملونة امام البيوت لتجميع القطط والذباب والحشرات.
نحتاج لرقباء لهم سلطة تطبيق العقاب المادي الآني ولكن بحماية ودعم النظام.
ارى شخصيا ان الهواء النقي والشوارع والاماكن العامة هي اغلى على المواطن والمقيم من خزائن الارض لا ينفع الا الصرامة فقط في تطبيق القانون لعله يأتي بالنتيجة التي نحلم بها…
فاطمة حسين
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق