في القمة العربية الطارئة التي دعا اليها الرئيس المصري السابق حسني مبارك اثر اجتياح القوات العراقية واحتلالها للكويت وحضرها معظم القيادات العربية سأل الرئيس السوري الراحل المرحوم حافظ الاسد الحاضرين في القمة ان كان بمقدور القوات العربية تحرير الكويت من الاحتلال العراقي وعندما لم يلق الرد بالايجاب، رفع اصبعه مؤيدا دعوة القوات الدولية (الامريكية) لتحرير الكويت المحتلة.
الخليج لم يكن في يوم من الايام ولاسيما بعدما ازدادت اهميته بعد الاكتشافات النفطية يعاني من الفراغ الامني، فمنذ القرن السادس عشر على سبيل المثال والمياه الدافئة الخليجية تجوبها جيئة وذهابا السفن والبوارج وحاملات الطائرات الغربية والشرقية فيما لم تكن للبلدان العربية اي وجود عسكري بحري او بري الا في ظروف استثنائية عارضة، كالحملة المصرية في زمن محمد علي بقيادة ابراهيم باشا على الوهابيين في الجزيرة العربية وعسكرت تلك القوات على تخوم الاراضي الكويتية.
في الكلمة التي القاها الرئيس المصري محمد مرسي في مجلس الشورى السبت الماضي جاء عرضا قوله ان امن الخليج مسؤولية قومية، والواقع لا ندري ما الذي جعله يزج الخليج في كلمة اصلا موجهة الى الشعب المصري في ظرف احوج ما تكون فيه مصر الى لملمة نفسها وترتيب حالها أمنيا واقتصاديا ومعيشيا وسياسيا وماليا، فالشعب المصري ينتظر الكثير الكثير من قيادته الجديدة بعد تدهور الاوضاع الامنية والمعيشية الى الحضيض في ظل الحكم الاصولي الديني الاخواني السلفي.
الخليج لا يعاني تهديدا امنيا ولا هناك مطامع خارجية تهدد بلدانه، واما اذا كان القصد من الامن الخليجي اشارة الى ايران، فالتهديد الايراني المزعوم بعض الاطراف الخليجية تتخذ من ايران فزاعة لمقاصد داخلية، واما اذا كان المقصد هو عن المطامح النووية الايرانية، فيصح القول هنا قطعا التهديد النووي الايراني لا يستهدف الخليج او بلدانه وحسب وانما تهديد ينسحب على كل المنطقة بما فيها الدولة المصرية، بل لعله تهديد عالمي وليس الخليج استثناء، من هنا نستطيع القول ان مسؤولية امن الخليج منوطة بالقوى الدولية، بمعنى ان الدول الكبرى تتمتع بقدرات عسكرية وتكنولوجية متقدمة هي المعنية مباشرة والمسؤولة عن الامن الخليجي وامن بلدانه طالما اقتضت مصالحها التواجد في الخليج وحماية بلدانه مباشرة، سواء كان ذلك التهديد قادما من ايران (الجارة الكبرى والقوة الاكبر في المنطقة) او من غيرها..
علينا ان نتذكر ان الاحتلال العراقي في التسعينات من القرن الماضي للكويت وتهديدات عبدالكريم قاسم لها في الستينيات من القرن الماضي والمطامع العراقية الدائمة للكويت لم يتحرك لحمايتها الا الغرب وتحديدا الانجليز والامريكان ولذلك سنبقى نحن الكويتيين ممتنون لهاتين الدولتين العظميين ولكل اصدقائنا المحبين للامن والحرية والسلام وقوفهم الى جانبنا وحمايتهم لأمن بلادنا، فمصالحنا مشتركة وبالتالي امننا مشترك وتواجدهم عندنا ضروري.
لقد سقط سقف الامن القومي بعد احتلال القوات العراقية للاراضي الكويتية وحرب المخلوع علي عبدالله صالح على شعب الجنوب (1994)، ان العرب بأسهم بينهم وان العرب 22 دولة و22 اتجاها و22 مصلحة وليس بالضرورة ان تتلاقى الـ22 دولة على امن قومي مشترك ومصالح مشتركة، ولعل من المهازل المضحكات ان يتحدثوا عن الامن القومي فيما تعتمد كل البلدان العربية قاطبة على الصناعة العسكرية الاجنبية، لذا فمن يتحدث عن الحماية الامنية للخليج او لغير الخليج عليه اولا ان يعتمد على قدراته العسكرية الذاتية، ففاقد الشيء لا يعطيه واما اذا كان للعرب قوة ضاربة فلماذا لا توجه تلك القوة نحو الاراضي الفلسطينية المحتلة وتحريرها من براثن المحتلين الصهاينة..؟!!
ان الخليج قلب العالم ومسؤولية حمايته الامنية تقع على القوى الدولية الكبرى، وغير ذلك هراء، وشعارات رنانة زائفة، واستعراض لبضاعة قديمة مفلسة..
حسن علي كرم
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق