محمود حربي: ماذا لو حكم الإخوان المسلمون

«ماذا لو حكم الإخوان؟» هذا عنوان كتاب صدر للدكتورة فاطمة سيد أحمد، وتقول في أول سطر «منذ ثمانين عاماً والإخوان المسلمون» يريدون السلطة والحكم والسيطرة على الشارع المصري باسم «الدين».
وتضيف: عام 2005 يعتبر النقطة الفاصلة في تاريخ الإخوان، فقد تمكّنوا من الحصول على 88 مقعدا في البرلمان من 454 عضواً، رغم أنهم دخلوا كمستقلين من الصف الثالث لحماية الصف الأول.

وتتحدث المؤلفة في المقدمة عن ملامح وشكل دولة الإخوان كما يلي:

أولاً: مزيج من تجربة وشكل دولة إسرائيل، القائمة على أساس الدين، فما يسمى بـ«بروتوكولات حكماء صهيون» يماثل فكر «بروتوكولات مرشدي الإخوان».

ثانياً: تقوم دولتهم على أهمية تواجد «الفقيه»، وهو «المرشد العام»، الذي يحدد كيف نأكل ونلبس ونتكلم.

ثالثاً: المنطق الاقتصادي.. كيف نوزّ.ع الفقر على الجميع، فليس لديهم برنامج تنموي للنهوض الاقتصادي.

رابعا: ليست لديهم رؤية اقتصادية للعلاقات الخارجية.

خامساً: مخطط الإخوان «الفقر والإعلام».. وهما ركيزتان أساسيتان لا يحيدون عنهما.

سادسا: لديهم معياران للمكيال في كل الأمور.

سابعا: يخطو الإخوان حثيثا إلى كرسي السلطة، وفي عقولهم معنى واحد يسوقونه للعامة، أن الجميع «جهلاء».

ثامنا: السكوت عن الحكم جريمة والمطالبة به واجب إسلامي حسب فكر حسن البنا.

تاسعا: مشاريع الوحدة الإسلامية ليس لها حدود.

عاشرا‍: البيعة هي الأساس في تولي الحكم.

من البنا إلى عاكف

يبدأ الكتاب بفصل بعنوان من إخوان البنا إلى اخوان عاكف.

تتحدث المؤلفة عن المرشد الأول، الذي كان يتحدث عن موجة إباحية تجتاح المجتمع الإسلامي، وأنشأ الجماعة عام 1928 في الإسماعيلية، ووصلت إلى 50 مدينة عام 1934 من خلال المشاريع الخيرية، وفي عام 1945 أصبح لهم وضع اقتصادي ورياضي وكشفي، وأخذ البنا في مغازلة رؤساء الوزارات، وفي صراع الملك فاروق مع الأحزاب، احتضنت السراي الإخوان المسلمين، وهتف البنا ورجاله «الله مع الملك». وأقام الإخوان أنشطة اقتصادية كبيرة بعد الحرب العالمية الثانية.

وجاءت حرب فلسطين وأرسلوا شباب الجهاز الخاص للمشاركة في الحرب، وأصبحوا نواة الجناح العسكري.

وأرسلت الجماعة خطابات تهديد لبعض الشركات لابتزاز أموالها، وألقى طلاب الاخوان القنابل على البوليس في ديسمبر 1948 في جامعة القاهرة.

واغتالت الجماعة النقراشي والخازندار، وقُتل البنا في نوفمبر 1949.

المرشد الثاني كان حسن الهضيبي، الذي كان يقوم بزيارات نبيلة للملك! وكان دائم إعلان الولاء له.

وبعد الثورة تآمر الهضيبي على عبدالناصر، وكانت مؤامرة 1954 لاغتيال عبدالناصر.

وتتحدّث الكاتبة عن سيد قطب، وهو من أهم الشخصيات الفكرية في تاريخ الجماعة، ويرى الهضيبي أنه الفيلسوف الضائع بين حسن البنا وطه حسين، وتأثر قطب بأفكار أبو الأعلى المودودي، وأصدر «في ظلال القرآن» و«معالم على الطريق»، وأُعدم عام 1966.

وجاء التلمساني، المرشد الثالث، عام 1973، وخرج الإخوان من السجون، وفتح السادات لهم المجال، واستغل الإخوان هذه الفترة الذهبية لأقصى الحدود.

وتتحدث الكاتبة عن نائب المرشد، خيرت الشاطر، الذي فرض سطوته من خلال قوته المالية وعلاقاته الخارجية، وكان قد سجن في قضية «سلسبيل» وهي شركة معلومات تضم ملفاتها معلومات خطرة، ويعتبر الشاطر ممولاً رئيسياً للجماعة.

حوار الساعات الثلاث

تتحدث د. فاطمة سيد أحمد عن حوار مع د. محمد حبيب، النائب الأول للمرشد العام في نوفمبر 2006، واستمر لمدة ثلاث ساعات، ولعل أهم ما جاء فيه:

– مرشد الجماعة لا تأثير له على القرار الحكومي.

– الصناديق الحرة هي الحكم.

– قضية فلسطين هي قضية الأمة العربية والإسلامية.

– وزارة المال تجمع الزكاة وتقوم بتوزيعها.

– ضرائب تصاعدية تحدّ من الاحتكار.

دولة الإخوان

تتناول الكاتبة مباراة استراتيجية بين فريقين، أحدهما يمثّل الدولة الدينية، برئاسة د. محمد حبيب، والاتجاه الثاني يمثل الدولة المدنية برئاسة د. فتحي سرور رئيس مجلس الشعب في ذلك الوقت.

وكان السؤال الأول: هل يسعى الإخوان للوصول إلى الحكم؟

وتشير الكاتبة إلى أن نتائج المباراة جاءت كما يلي:

1 – يشكل الإخوان المسلمون خطورة على استقرار الأوضاع في البلد.

2 – هناك قضايا ليست لدى الإخوان حلول لها مثل العلاقة بين الدولة والدين، والديموقراطية وحقوق الإنسان مثل «أهل الذمة» وحقوق المرأة.

3 – لا يتحدثون عن قوانين الطوارئ، لأنهم سوف يستخدمونها بشدة إذا ما اعتلوا كراسي السلطة.

4 – يفضّ.لون رابطة المؤتمر الإسلامي عن الجامعة العربية.

5 – ليس عندهم برنامج لإدارة البلد، ولكن لديهم برنامج لإدارة الفقر.

6 – يعتبرون «حماس» فرعا للإخوان المسلمين.

وشهد شاهد من أهلها

وتعرض الكاتبة كتابا بعنوان «الفكر السياسي المعاصر عن الإخوان المسلمين»، دراسة تحليلية موثقة للدكتور توفيق الواعي، وهو من اصدارات مكتبة المنار الاسلامية الكويتية.

ويعرض الدكتور الواعي «دولة الإخوان» من خلال:

– السياسة والحكم.

– شمولية الإسلام تفرض العمل السياسي.

– الدولة ممثلة للفكرة.

– السكوت عن الحكم جريمة والمطالبة به واجب إسلامي.

– الاعتدال والعقلانية في منهجية التعامل في مسألة الحكم.

– الاقناع ونشر الدعوة والنضال الدستوري.

– الشورى والديموقراطية.

– الاصوليون والاسلام السياسي.

كذلك يتناول الكتاب رؤية الاخوان المسلمين للتجربة الايرانية، وعندما يتحدثون عن دولة مدنية ذات مرجعية دينية، ويتحدثون عن ايران باعتبارها الشكل الحديث للدولة الدينية.

«الإخوان» وإسرائيل

تتحدث الكاتبة أيضا عن بحث إسرائيلي بعنوان «تجربة الإخوان في عهد الرئيس السادات».

ويتحدث الباحث عن الإخوان باعتبارهم حركة سياسية عملت على تغيير النظام السياسي والاجتماعي، وقد انهارت تحت الضغط الناصري، وفي السبعينات لم يعترضوا على نظام الحكم، ويتحدث الكاتب يسرائيل آلتمان عن نشاط الإخوان في الأربعينات وإقامة شبكة ضخمة للأنشطة المتعددة. وأشار إلى هجوم الإخوان على النظام الاقتصادي الناصري.

وتستعرض الكاتبة تخطيط الجماعة لحرب الشوارع، وتذكر بعض المؤشرات، منها:

– إعلان المرشد العام مهدي عاكف عن استعداد الإخوان لتسفير عشرة آلاف مقاتل إلى لبنان.

– إقامة معسكرات صيفية للشباب في مرسى مطروح.

– استخدام صالات كمال الأجسام في القرى لإعداد كوادر إخوانية.

يتحدث الفصل عن تنظيم تظاهرة شبه عسكرية يوم 10 ديسمبر 2006.

الحياة السرية

وتتعرض الكاتبة للحديث عن فرقة الأخوات المسلمات، التي نشأت عام 1932، واستعرضت تاريخ هذه الفرقة واتساع نشاطها في إعداد الطعام والملابس للإخوان في السجون، والقيام بعمليات التمويل، كما تتحدث عن دور زينب الغزالي، كما تحدثت عن الحياة السرية للمتطرفات.

الجزء الأخير عبارة عن قراءة في برنامج الحزب، القراءة الأولى قامت الجماعة بتوزيعه على مجموعة من المفكرين والسياسيين.

بقي أن نذكر أن هذا الكتاب صدر في القاهرة عام 2008 عن دار الحرية للصحافة والطباعة والنشر، ويقع في 454 صفحة من القطع المتوسط.
أما المؤلفة، فهي صحافية في روزاليوسف وتحمل الدكتوراه في الآداب. لها مجموعة من الإصدارات، منها «الأنثى في الجيش المصري» و«حزب الله.. فدائيون أم عملاء».