خليل حيدر: المزيد من الضياع.. لآمال الإصلاح


هل ستتحطم تجربة الكويت الديموقراطية على صخور الصراع السياسي بين «الاغلبية» و«الاقلية»، وتجارب «الاسلمة»، ومعارك الشد والجذب؟ هل نعيش اليوم الفصل الاخير من هذه الديموقراطية التي فقدت الكثير من انصارها المتحمسين، أم ان ما نرى زوابع مدروسة مرسومة؟
ان اعظم ميزات مجلس الامة كونه المكان الامثل للتحاور والنقاش بين النخبة السياسية التي تمثل الامة. وهو تحاور يتلوه تصويت حاسم يوجه قوانين البلاد من جانب، ويرسم مستقبلها الاجتماعي ومسارها السياسي من جانب آخر.
مخاوف الزميل الفاضل «فهد العلي» في القبس، 2012/4/21، تستحق القلق والخوف: فـ«ان توافق اللجنة التشريعية البرلمانية على انزال عقوبة الاعدام بحق من يسيء للذات الالهية والرسول -صلى الله عليه وسلم-، فيه حرص على التحصين القانوني للذات الإلهية والنبوية، لكنه لم يأت دون انفعال.. وان يقدم اكثر من 30 نائبا مقترحا بتعديل نص المادة 79 من الدستور، من دون ان نسمع صوتا يصدح رافضا في قاعة أبي الدستور.. ايضا امر مثير للاستغراب والقلق».
مثل هذه القوانين المتشددة ستدمر في النهاية الشخصية السياسية والملامح الدولية والاقليمية للبلاد، وستضعنا في مصاف الدول المعزولة التي لا يتعاطف مع مصيرها احد. ليس من مصلحة الكويت في شيء الدخول في صراع مع الاعلان العالمي لحقوق الانسان والهيئات الدولية، ولن تزداد صورة الاسلام بهاء بتهديد الكنائس بالهدم، والاقليات بالتضييق والخناق، والحريات الاجتماعية والثقافية.. بالبتر!
الديموقراطية ونتائج الانتخابات تعطي للاغلبية الفائزة حقوقا سياسية لا حصر لها. ولكن هناك قوانين وتشريعات دولية تتحكم في القانون الكويتي وسلطات مجلس الامة كذلك. فنحن دولة وشعب ضمن مجموعة دولية تضم كل اعضاء هيئة الامم المتحدة. ولنا سمعة طيبة بنيناها على امتداد سنين طويلة في مجال التسامح والحقوق والحريات، وسمحت قوانينا للمرأة بتحقيق درجات كبيرة من التقدم والتمتع بالحقوق، وسهلت هذه الصورة الدولية الايجابية للدبلوماسية الكويتية ولقيادتها السياسية التحرك والتوسط والتأثير في أعقد المشاكل. ومن الجريمة البينة بحق النفس والآخرين، بل بصورة الديموقراطية العربية وبصورة العالم الاسلامي، ان يتصدر اسم الكويت وسائل الاعلام بشكل سلبي وبقوانين دينية متزمتة.. كل يوم!
ان التشريعات الانفعالية المتسرعة والمتشددة تعمق كذلك الصراعات القبلية والطائفية، وتوسع الفجوة بين مكونات المجتمع الكويتي، وتلصق تهم التشدد والتخريب والفساد ظلما بهذه الفئة أو تلك. في حين يعتبر بعض نواب التشدد الديني مثل هذه التشريعات «إنجازات ونجاحات» يهدونها بفخر الى الناس، ويزفونها فرحين الى كل الكويتيين، وسط قلق كل المدركين لمخاطرها، ولما تمثل من تهديد مباشر لمصالح البلاد الاستراتيجية!
اخوتنا النواب، وخصوصا المتحمسين للقوانين الدينية المتشددة. ان هذا النهج ليس افضل ما في القوانين، ولا يعبر عن افضل السبل حتى لحماية الدين. واذا جرت محاكمات واعدامات في الكويت وفقا لهذه القوانين، فقد نقول وداعا لسمعة الكويت واستقرارها وبرلمانها. ان بيدنا ايها الاخوة مكاسب دستورية ووطنية عظيمة وقوانين وسياسات متزنة متسامحة.. فلا تهدموا هذا البناء باسم الدين والشريعة!
خليل علي حيدر

المصدر جريدة الوطن

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.