ان التظاهرات، كردة فعل من بعض الناشطين السياسيين والنواب السابقين، ستتواصل لفترة، وذلك يعتبر أمراً طبيعياً للرهان الخاسر الذي سلكوه في مقاطعة الانتخابات.
وهم، الآن، يراهنون رهاناً آخر على حكم المحكمة الدستورية بشأن المرسوم بقانون الذي أعطى الناخب صوتاً واحداً بدلاً من أربعة.
هذا الرهان سينجح إذا حكمت المحكمة بعدم صوابية المرسوم، ولكنه سيكون الرهان الخاسر الثاني إذا حكمت المحكمة بدستوريته، وبما أن مجلس الأمة وافق عليه، فإن المجلس الحالي عليه أن يواصل العمل سنواته الدستورية.
عندها، سيتبين للمواطنين مدى حكمة المعارضة السابقة إذا استسلمت لمعطيات الدستور ومؤسساته، وسلكت مسلك المعارضة الإيجابية من خارج البرلمان إلى حين موعد الانتخابات المقبلة.
وبانتظار موعد صدور حكم الدستورية، فإن التظاهرات ستستمر والتعامل الأمني معها سيتواصل. وهنا، نقترح على المعارضة السابقة إذا أرادت مواصلة الاحتجاج السلمي والتعبير عن الرأي المعارض، وهو من حقها، أن تلجأ إلى «ساحة الإرادة»، وهي المكان الذي سمحت وزارة الداخلية لمن يريد التعبير عن رأيه السياسي أن يتخذها مكاناً للاحتجاج.
وذهابهم إلى ساحة الإرادة سيحقق أكثر من هدف.
أولاً: الابتعاد عن التصعيد الأمني والمواجهة غير المبررة مع إخوانهم رجال الأمن.
ثانياً: طرح رأيهم الدستوري والقانوني بوضوح كي يستمع المواطنون إلى حججهم ومبرراتهم في رفض المرسوم، لأن الغالبية ترى أن المرسوم دستوري، وأن المجلس اكتمل جانبه الدستوري، وبدأ بممارسة أعماله التشريعية والرقابية.
ثالثاً: إظهار المعارضة السابقة بالمظهر الحضاري والالتزام بالدستور والقانون، لأن المواجهة لن تقنع أحداً، بل ستشوه مطلبهم وتضعف حجتهم.
إذا جرى الالتزام بذلك، نكون دخلنا في جو سياسي جديد يجعلنا نستمع إلى الرأي والرأي الآخر بأطر دستورية وقانونية من دون اللجوء إلى الفوضى والتوتر السياسي.
د. عبدالمحسن يوسف جمال
ajamal2@hotmail.com
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق