واجه رئيس لجنة المناقصات المركزية أحمد الكليب الشائعات في الديوانيات، والندوات، حول شبهات وجود فساد في المشاريع وريبة من ارتفاع تكاليفها، منتقدا مطلقيها الذين يرون التكاليف مبالغا فيها، مشددا على ان أي تكلفة محسوبة بمنتهى الدقة من قبل «متخصصين»، وفنيين، وخبراء، مطمئنا المواطنين بأن «المناقصات» تسعى جاهدة، لسد أي ثغرات، وعلاج أي خلل، انتظارا لاصدار القانون المقترح الذي سيحد كثيرا من عملية الأوامر التغييرية، وطول الدورة المستندية التي قد تصل في بعض الأحيان الى سنتين، فتبطئ انتهاء التنفيذ على أرض الواقع، داعيا في الوقت نفسه كل من يرتاب، أو يشك في أي فساد مالي، أو اعتداء على المال العام، لأن يتجه فورا الى القضاء.
وعزا الكليب في حواره مع الاعلامي أحمد الفهد في برنامج اليوم السابع على قناة الوطن تأخير المشاريع الى الصراع السياسي، قائلا: «كل مناقصة ثارت عليها علامات استفهام من الشارع نتيجة الصراع السياسي فهو أكبر معرقل لـ «الانجاز»، ما يسبب زيادة التكلفة»، موضحا ان ارتفاع تكلفة بعض المشاريع التنموية الكويتية عن مثيلاتها في بلدان اخرى، يرجع الى اختلاف نوع التربة في الكويت، التي تحتاج لانفاق أكثر لتهيئتها، مطالبا بالتمهل والصبر على التنفيذ، لأنه يرى ان جميع مشاريع التنمية لاتخرج بـ «ضغطة» زر، وحتى لو تأخرت فانها تنجز بالنهاية.
وعزا الكليب الشائعات التي تنطلق، الى التقصير في التسويق الاعلامي لهذه المشاريع، الذي يأتي بطريقة غير سليمة، فتصل المعلومات غير سليمة للناس، نافيا مايتردد عن ان اختيار السعر الرخيص كارثة، لأنه ببساطة مرهون بمطابقة المواصفات التي هي الأهم، داعيا الى النظر للمنفعة العامة لكل مشروع التي تعود على البلاد، والمجتمع، لا حسابه بالقيمة المادية.
وأكد الكليب ان الرقابة المسبقة احدى أسباب تعطيل المشاريع الحكومية في الديرة، مدللا على ذلك بمشاريع القطاع النفطي التي قد تفوق نظيرتها المهمة في قطاعات «العام» قيمة، لكن الرقابة اللاحقة في القطاع النفطي تنجز مشاريعه أفضل، وأسرع، مشيرا الى ان كل دول العالم لا توجد لديها رقابة مسبقة على المشاريع، ومع التفاصيل في السطور التالية:
في البداية تحدث الكليب عن اسباب ارتفاع تكلفة المشاريع في البلاد، ومنها طريق الجهراء وطريق عبدالناصر وجسر جابر وتوسعة المطار ومستشفى جابر قائلاً: «مقارنة المشروع بآخر ليس بالقيمة فمن الممكن ان يكلف كيلومتر مليون دينار، وفي منطقة اخرى يكلف اقل من ذلك، ولكن عندما نتحدث عن ان هذا الكيلو متر قيمته مرتفعة في المشروع فيجب ان نضع مقابله مشروعاً مماثلاً بنفس المواصفات، واضرب مثالاً على ذلك اختلاف تكلفة الطرق في الارض الرملية والصخرية بالكويت عن المناطق الجبلية في الدول الأخرى، فنحن نحتاج الى تدعيم الارض او تغيير نوع التربة، وبالتالي ترتفع التكلفة».
واضاف: «وخلال الفترة التي قضيتها في الحكومة او السفارة عندما تصل الي معلومة بوجود خلل ما استطيع ايصاله الى اعلى سلطة بحكم وظيفتي في الحكومة او الخارجية، والذي يشك في صحة البيانات الموجودة فأمامه القضاء ولكن نحن نسيس كل شيء وكل بيان».
لا مقارنة
اما عن ترسية جسر جابر، ووجود جسر مماثل له في الصين اقل تكلفة، قال: «لا نستطيع ان نقارن مشروعاً في الكويت واي دولة اخرى، الا بنفس طبيعة الارض والبحر والمصاعب التي تواجه هذا المشروع، ولا نستطيع ان نحكم ان مستشفى او جسر اقيم في الكويت اعلى كلفة من المشاريع الاخرى اذ توجد بعض المشاريع النمطية التي تكون اسعارها مرتفعة، ويتضح ذلك في الترسية «الفرق بين القيمة التقديرية والترسية»، مبيناً انه تمت ترسية مناقصة جسر جابر بحوالي 740 مليون دينار، وتم التوقيع عليه، ومستوفٍ كل قنواته».
وأكد الكليب ان كل المناقصات التي ثارت عليها علامات استفهام من الشارع، نتيجة صراع سياسي، متسائلا عن اسباب عدم اثارة هذه الاقاويل قبل الاقرار، والترسية، عن الجدوى والقيمة والاجراءات.
وأشار الكليب الى ان جميع اجراءات استاد جابر تم عرضها على مجلس الوزراء، وديوان المحاسبة الذي اختلف مع الوزارة، طبقا لقانون ديوان المحاسبة، عندما يختلف الوزير مع رئيس ديوان المحاسبة يرفع الامن الى مجلس الوزراء، الذي اقرها طبقا للصلاحيات المنصوص عليها حتى في قانون ديوان المحاسبة، قائلا: «لماذا لم يقل هذا الكلام قبل الترسية؟!، ولكن عندما يخسر البعض يستخدم نفوذه الاعلامي والسياسي حتى يكسب بصورة أخرى، والطريق السريع لهذا الامر هو التظلم عند اللجنة، ا واللجوء الى القضاء».
وحول سقوط جسر في الهند من قبل نفس الشركة، قال: «الجزء الذي سقط من الشركة الهندية، وليس الشركة المساهمة في بناء جسر جابر».
المطابقة للمواصفات
وكما يثار بشأن ان المبلغ مبالغ فيه، قال: «لا استطيع ان اقول في اي مشروع ان المبلغ مبالغ فيه، واضرب مثالا على ذلك بثلاثة مشاريع تم الغاؤها، وهي المصفاة الرابعة بكل مواصفاتها، وإذا اعيد طرحها اليوم ستكون بمبلغ اعلى، ومشروع جسر جابر اذا طرح مرة اخرى ستزيد الكلفة عما اقر اليوم ولن تنقص، والدليل على ذلك ان السعر الثاني يفرق 40 مليوناً والسعر الذي بعده يفرق اكثر من هذا المبلغ، واذكر انه تم عرض هذا المشروع منذ سنوات، ولم يتجاوز الـ200 مليون آنذاك، لاختلاف القيمة الشرائية اليوم عن الامس»، موضحا ان التكلفة لا يمكن حسابها الا عن طريق متخصصين، وخبراء فنيين في نفس المجال.
وأكد ان لجنة المناقصات ليست لها علاقة بالجدول والمواصفات الفنية للمشاريع، وان المطابقة للمواصفات هي الاهم وليس الارخص، قائلا: «عندما كنت خارج لجنة المناقصات كنت اعتقد ان سبب الكارثة في البلاد هو السعر الارخص، ولكن عندما تقلدت منصب رئيس لجنة المناقصات وجدته فهما خاطئا اذ ان السعر الارخص يجب ان يكون مطابقا للمواصفات وفقا للقانون»، معتبرا ان الصراع السياسي هو الذي أضَّر عددا ليس بقليل من مشاريعنا التنموية.
وأضاف: «بالنهاية، لا تحسبها بالقيمة المادية انما بالمنفعة التي كانت ستعود على البلد، مثل المصفاة الرابعة ومحطة الزور».
قانون لمنع الثغرات
وبالنسبة لمشروع استاد جابر، قال: «استاد جابر الدولي سيكون جاهزا لاقامة المباريات الدولية والمحلية، وحفل افتتاحه سيكون في شهر فبراير المقبل «برعاية أميرية سامية» وقد حدث خلل، واوامر تغيير في المشروع. لكن، لماذا لم توضع هذه التغييرات في بداية المشروع؟ لأن مشروع القانون الجديد يحد من عملية الاوامر التغييرية، وحتى يصدر القانون فلابد من أن نجد ثغرات، ونحاول جاهدين في لجنة المناقصات وضع حد لها».
وعما تردد عن وجود تقرير انشائي يقول ان الاستاد آيل للسقوط نفى الكليب الكلام نفيا قاطعا، مؤكدا وجود ضمانات من المقاول، ووزارة الاشغال على سلامة المبنى، قائلا: اذا كان هناك خلل طبيعي فهل يخاطر احد بافتتاحه الشهر المقبل، خاصة مع حضور صاحب السمو أمير البلاد الذي يتابع المشروع بنفسه، والجماهير الغفيرة المتوقع مجيتها؟!.
ضغطة على «الزر»
وحول ما يثار عن أن ترسية مستشفى جابر جاءت بمبلغ مبالغ فيه، قال: «لا يمكن القول بأن المبلغ مبالغ فيه، ولكن عندما تطرح لجنة المناقصات المشروع لا تستطيع أن تحدد المبلغ، فعندما طرح المشروع للترسية في المرة الأولى كان بمواصفات معينة، ولكن رأت وزارة الأشغال إعادة طرحه لوجود خلل في بعض الشروط التي أرادت تعديلها قبل الترسية، وبالتالي تم تعديلها وإعادة ترسية المشروع على مقاول آخر»، لافتا إلى أن المواطنين يعتقدون أن المشروع سيخرج بضغطة على «الزر»، ولكن أي مشروع يحتاج إلى وقت لتنفيذه على أرض الواقع.
أما عن تكلفة توسعة المطار التي بلغت ثلاثة مليارات، قال: «مبنى المطار جديد وفي مرحلة التأهيل، وأنا لم أسمع عن هذا الرقم من قبل لا في تصريح أو في مستندات»، مشيرا إلى مشروع مبنى الركاب الجديد والمدرج الثاني والثالث.
الصراع السياسي هو السبب
وبالنسبة لمشروع طريق عبدالناصر وتكلفته 20 مليون دينار على الرغم من أنه لا يتعدى حارتين، قال: «عندما تقول إنه طريق من حارتين أقول إنه رقم غير طبيعي، ولكن هناك جسوراً تتطلب تهيئة البنية التحتية لهذا المشروع المهم، وأضف إلى ذلك أن الوزير السابق فاضل صفر أوضح من قبل أن هذا المشروع له مثيل في دول أخرى، ومشروعنا هو الأرخص بينها، وبالتالي ما يثار حاليا هو نتيجة صراعات سياسية، ومن يرد أن يتابع فعليه تشكيل اللجان لمعرفة هل التكلفة صحيحة أم مبالغ فيها؟! حتى نصل إلى نتيجة محددة، بدل الجلوس في الندوات والديوانيات، والحديث عن أن هذا المشروع بـ200 مليون وليس 20!! فماذا يريد هؤلاء من ذلك، فهو شيء من اثنين، إما أنهم يرتابون بوجود فساد فعليهم بالذهاب إلى المحكمة، أو يوصلون المعلومة الصحيحة للناس».
وأضاف: «للأسف نحن كلجنة المناقصات والأجهزة الحكومية نرى أن التسويق الإعلامي لهذه المشاريع لا يتم بشكل صحيح لإيصال المعلومة السليمة إلى المواطن، فإما أن نقول إن المعلومات التي تثار صحيحة، وهناك خطأ في القيمة التقديرية والاجراءات، أو نقول إن الذي يثار غير صحيح، وأكرر من عنده شك فعليه بالذهاب إلى المحكمة، وهذا أحد أسباب تعطيل المشاريع في البلاد، فكيف يثار ذلك بعد الترسية في حين لم يتكلم أحد عن المناقصة قبل الترسية؟!».
الرقابة «المعطلة»
وأرجع الكليب أحد أسباب تعطيل المشاريع في الكويت إلى الرقابة السابقة، مدللاً على ذلك بمشاريع القطاع النفطي التي قد تفوق قيمة المشاريع الحكومية المهمة في بعض القطاعات، لكن بها رقابة «لاحقة» تنجز دون عمل تعطيل على الرغم من أن الرقابة اللاحقة أشد، مؤكداً أن كل دول العالم لا توجد عندهم رقابة مسبقة على المشاريع، والرقابة اللاحقة في القطاع النفطي تنجز المشاريع على أفضل ما يمكن ولها تأثير أكثر.
وتطرق الكليب إلى جامعة الكويت، فقال: «هي تمر بمراحلة عدة منها اقرار الميزانية، وغيرها، فالخسائر غير المنظورة لعدم إقرار الميزانية كبيرة، وهناك مشاريع تم تأجيلها نتيجة عدم وجود الميزانية على الرغم من الاحتياج إليها، ولكن رغم أن مشاريعنا تطول ولكنها تنفذ، نحتاج فقط إلى مناقشة كيفية القضاء على الروتين».
وأضاف: «كل الدول الخليجية تختلف عن الكويت لأنها تعتمد على قرار يتخذ، يتم من خلاله تنفيذ المشاريع في فترة أقل، أما في الكويت فلا بد أن يمر المشروع بالدورة المستندية الطويلة، التي قد تأخذ أكثر من سنة إلى سنتين، ما قد يؤثر في قيمة المشروع، وانسحاب المقاول»، مؤكدا أن هناك خللاً لابد من معالجته، والقانون المقترح سيحل الكثير من هذه الحالات، لذا يجب التعجيل به».
الإبداع لا يقيّم
وعن الملايين الأربعة التي صرفت على الألعاب النارية في احتفالية ذكرى الدستور، قال: «عندما ترى البهجة في وجوه الكويتيين ستنسى كل شيء يقال، فضلا عن تشريف حضرة صاحب السمو الحفل بحضوره مع المواطنين، وهذا لا يُعادله فلس ولا مليون، كما أن هذه الألعاب إبداع لا يمكن تقييمه أو مقارنتها بعمل آخر، بل إن هناك دولا تنظم احتفاليات لمناسبات لديها بتكاليف أكثر من الكويت».
قم بكتابة اول تعليق