
تناولت الجلسة الختامية من الندوة الفكرية لمهرجان القرين الثقافي ال19 (امتدادات الربيع العربي) هنا الليلة محور (ربيع العرب من منظور الجوار) عبر ورقتي عمل قدمهما مستشار الرئيس التركي الدكتور أرشاد هرموزلو واستاذ الاقتصاد السياسي الدولي الدكتور محمد ربيع.
واستهل الدكتور ربيع الجلسة التي أدارها السفير الكويتي الدكتور عبدالله بشارة بورقة عمل بعنوان (نحو نظام ديموقراطي عربي) قائلا “ان الدعوة لتأسيس نظام حكم عادل في الوطن العربي يضمن الممارسة الحرة والمشاركة الحقة في العملية السياسية هي دعوة قائمة بذاتها وذلك لأنها السبيل الوحيد لتحرير الانسان من الظلم الذي لحق به على مدى عصور”.
واكد ان الديمقراطية ليست نظام حكم فقط بل هي ايضا قيمة اجتماعية في غاية الأهمية ترسي مبدأ التعامل بين الناس على اساس المساواة في الحقوق والواجبات واحترام الرأي الآخر والاعتراف بحقه في التعبير عن نفسه.
وبين اذا كانت الديمقراطية كنظام سياسي تعني وضع حد نهائي للحكم الفردي ومؤسسات الدولة غير الخاضعة لرقابة شعبية فاعلة فإن الديمقراطية كقيمة اجتماعية تعني وضع حد نهائي لاحتكار حزب عقائدي معين أو فلسفة شمولية مثل الدين والقومية والماركسية حق السيطرة على الفكر والثقافة وفرض رأيها على غير أتباعها من المواطنين.
وشرح الدكتور ربيع ان الدعوة للشورى في التراث العربي الاسلامي “تقوم على نصين واضحين في القرآن الكريم يقول أحدهما “وأمرهم شورى بينهم” ويقول الآخر “وشاورهم في الأمر” وهذا يعني إرساء مبدأ التشاور بين الناس وتبادل الآراء وتداولها فيما يتعلق بالقضايا العامة التي تهمهم ودعوة الحاكم لأخذ رأي المواطنين في الأمور المهمة”.
وشدد على ضرورة الاعتراف بحقائق معينة والاقرار بحقوق محددة لقيام الشورى والتشاور منها الاعتراف بوجود مجتمع يعيش في ظل ظروف معينة تجعله يكون وحدة انسانية ذات امور مشتركة والاعتراف بوجود خلافات في الرأي والمواقف بين الناس تستدعي اللجوء الى الشورى والتشاور والإقرار بتغير الظروف وتبدلها باستمرار والدعوة الى التعامل مع الواقع المتغير من خلال جعل دعوتي الشورى والتشاور عمليتين مجتمعتين مستمرتين وملزمتين.
وذكر ان النظام الديموقراطي الغربي لا يناسب غالبية الدول النامية بما فيها الدول العربية ويعود السبب الى كون معظم المجتمعات العربية تشمل اقليات عرقية ودينية وثقافية غير متجانسة واحيانا متنازعة مضيفا ان هذا يستدعي تأسيس نظام ديمقراطي يحول دون انفراد الأغلبية بالسيطرة على الحكم ويصون حقوق الأقليات ويمكنها من المشاركة في اتخاذ القرارات المصيرية.
من جانبه ثمن مستشار الرئيس التركي لشؤون الشرق الأوسط الدكتور ارشاد هرموزلو النقاشات “الجريئة والصريحة” التي دارت في ندوة (امتدادات الربيع العربي) على مدى ثلاثة ايام وشرح ورقة عمله التي حملت (نحو نظام ديموقراطي عربي آفاق التوجهات التركية في الشرق الأوسط) عنوانا لها مسميا ما يطلق عليه الربيع العربي “بالنهضة العربية” وتعبير الشرق الأوسط “المستحدث قبل قرن من الزمان”.
وقال الدكتور هرموزلو ان المناطق تسمى اما ببعدها الجغرافي او الديني او الثقافي فهناك مثلا امريكا اللاتينية او دول البلقان او العالم العربي او العالم الإسلامي ولكن ما اختطه الآخرون لمنطقة سموها الشرق الأوسط منقسمة على قارات ثلاث وتقع على عدة بحار ومحيطات ولم تكن متناغمة دوما في ابعادها الثقافية.
وعن تركيا كدولة علمانية اوضح “انه على الرغم من علمانية دولة تركيا الا انها لم ولن تعارض حرية الناس في ممارسة شعائرهم الدينية” مؤكدا أهمية المواطنة في اي مجتمع ومنتقدا مفهوم الفداء للوطن او الحاكم.
واوضح ان العلاقات بين الدول تقوم في منطقتنا على محورين اساسيين الأول هو المحور الثقافي الذي يتمثل في العلاقات التاريخية والاجتماعية والدينية والثقافية بكل ما تحتويها هذه العلاقات من معاني التآلف والود اما الثاني فهو المحور الاقتصادي الذي يتمثل في المصالح المشتركة والتنمية الاقتصادية.
وعن التواصل العربي التركي اعترف الدكتور هرموزلو “انه لا يمكن انكار حدوث فجوة بين العرب والأتراك في فترة من الزمن لم يكن الطرفان مسؤولين عنها حسب اعتقادي عن زرعها بل كان مخططا لها من قبل جهات رأت ان اعادة التقارب الحميم بين هذين الشعبين تؤذي تطلعاتها ومصالحها”.
واشار الى ملتقى الحوار العربي التركي الذي عقد في اسطنبول في العاشر من ديسمبر الماضي والذي يراه مثالا حيا وتجربة غنية للحوار العربي التركي حيث اشترك في لقاء الملتقى ناشطون من العرب والأتراك بشكل تطوعي ودون اسهام من اي حكومة او جهة رسمية ليصدروا نداء الى كل من هو معني بهذا الأمر للالتقاء حول هذه المفاهيم المتجددة.
وعبر الدكتور هرموزلو عن آماله في “بدء حوار جدي بناء يكون نموذجا لحوار مماثل بين مختلف الشعوب التي تتمنى ان ترى العالم واحة سلام واستقرار دون تغليب مفاهيم الاستعلاء والتفرد وتغييب الآخر من آليات القرار.
قم بكتابة اول تعليق