دراسة لسلوى الجسار: يجب إعادة النظر في مضامين البرامج التربوية

حددت عضو مجلس الامة السابق والاستاذ المساعد بجامعة الكويت الدكتورة سلوى الجسار وصفة الارتقاء بالتعليم وقدمت مقترحها من عدة بنود تمثل اطارا عاما لاستراتيجية تربوية في ظل المستجدات المحلية والعالمية وقالت في الجزء الثاني من دراستها التحليلية «رؤية في تطوير خدمات التعليم العام» والتي خصت بهاالوطن بان تطوير التعليم في الكويت رهن بمدى جعله اولوية عند السلطتين التنفيذية والتشريعية وطالبت بضرورة الاهتمام بالشق التدريبي وربط الاحتياجات التعليمية لمحتواه واتاحة الفرصة لتعليم الجميع وفق القدرات وتنظيم صلاحيات صناع القرار والتوسع في التعليم بأنواعه العام والعالي والفني والمهني واعادة النظر في البرامج التربوية ومضامينها لتصبح قادرة على المنافسة والتناغم مع متطلبات العصر الحديث.

ان عملية تطوير التعليم بصورة عامة تتطلب التأكيد على الاهتمام:

-1 أولوية تطوير الخدمات التعليمية في رؤية الحكومة والبرلمان.

-2 ظاهرة العولمة.

-3 الثورة العلمية التكنولوجية.

-4 التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي صاحبت الحراك المجتمعي ومتطلباته.

-5 البدائل في مجال مصادر التعلم وتنويعه.

-6 رفع مستوى أداء العاملين في القطاع التربوي والتعليمي.

مقترح لإطار العام للاستراتيجية التربوية في ظل المستجدات المحلية والعالمية حتى عام 2020:

ان التعليم المتصف بالفاعلية والجودة العالية يجب ان يقوم على عدة مرتكزات رئيسة هي:

-1 اعادة صياغة الرؤية والرسالة لنظام التعليم في الكويت بما يتواكب مع كافة المستجدات وطبيعة المتعلم.

-2 تكافؤ الفرص التعليمية والتأكيد على مراعاة الفروق الفردية.

-3 اعتبار البعد الانساني للطلاب أساس التعليم. (الخطيب والخطيب، 377:2006).

-4 التأكيد على أهمية التدريب والتنمية المهنية لجميع العاملين في القطاع التعليمي والعمل على تقويم الأداء بربط الاحتياجات التعليمية لمحتوى التدريب.

-5 تطوير أنظمة التقويم والقياس لتشخيص التحصيل الدراسي للطلاب وتطبيق نظام قياس جودة التعليم.

-6 اعادة توجيه أساليب الاتفاق على تطوير التعليم.

على ضوء المرتكزات السابقة يجب العمل على عدة محاور وهي:

المحور الأول (مبدأ التعليم للجميع) ان للجميع حقاً في التعليم، حسب ما جاء في (ميثاق الأمم المتحدة) مادة 28 والتي نصت على:

– جعل التعليم الابتدائي الزامياً ومتاحاً للجميع مع التأكيد على متابعة الالتزام بالتحصيل العلمي لأن هذه المرحلة تمثل أساس العملية التعليمية.

– تشجيع تطوير شتى أشكال التعليم الثانوي سواء العام أو المهني وتوفيرها واتاحتها لجميع الطلبة واتخاذ التدابير المناسبة لتطوير التعليم وتقديم المساعدة وكافة أنواع الدعم الفني عند الحاجة اليها.

– جعل التعليم العام بشتى الوسائل المناسبة متاحاً للجميع على أساس القدرات.

– جعل المعلومات والمبادئ الارشادية التربوية والمهنية متوافرة لجميع الطلبة وفي متناولهم.

– اتخاذ تدابير لتشجيع الحضور المنتظم في المدارس والتقليل من معدلات ترك الدراسة.

المحور الثاني فتأتي في مقولة الرئيس الأمريكي بوش عن الاستراتيجية التعليمية في الولايات المتحدة الأمريكية: «لقد خطونا خطوة موفقة، ونحن نضع أبصار الأمة على ستة أهداف تربوية قومية طموحة، ووضعنا غايتنا لتحقيق ذلك عام 2000 فلطلبة اليوم لابد ان نجعل المدارس القائمة أفضل، وان نجعلها موضعاً لمحاسبة أكبر، ولطلبة الغد أعني الجيل القادم لابد ان نضع جيلاً جديداً من المدارس الأمريكية»، هذه المبادرة تقوم على جعل المدرسة تناسب لكل تلميذ ملتحق بها، وأن يجد كل طالب التعليم الذي يتناسب مع قدراته وامكانياته مؤكدين ان الجميع لديه القدرة على التعلم.

المحور الثالث يجب الاهتمام بالقضية القيمة لما لها من مكانة بارزة في حياة الفرد والمجتمع وذلك لمحاربة الفساد بأنواعه واعداد الفرد المتزن والمنتج ومحاربة التعليم المستهلك الغير الهادف من خلال تعزيز مفاهيم وقيم المواطنة في اعداد المواطن الصالح.

المحور الرابع يتأكد على رفع معدل حجم الاتفاق على التدريب لأن اصلاح وتطوير التعليم لا يكون الا في اعادة التأهيل كافة الموارد البشرية وان يصبح التدريب والاعداد والتأهيل أول الأولويات على سلم التغيير، ليس فقط في موازنة وزارة التربية وانما على مستوى برنامج عمل الحكومة ومؤسسات المجتمع.

المحور الخامس ان الاعتقاد بأن المال يعالج القصور والخلل التربوي فهذا اعتقاد خاطئ فالتعلم الجيد مكلف ولا يمكن الحصول على مخرجات ذات كفاءة نوعية الا من خلال توجيه وسائل وحجم الاتفاق على التعليم بسياسة واضحة تحدد البرامج والمشاريع وفق برنامج زمني محدد.

لذلك نود الاشارة الى أهم المقترحات العامة لاستراتيجية التربية في دولة الكويت:

– الايمان بأهمية اصلاحات في التعليم بهدف مواكبة روح العصر، وتحسين عوائد البرامج التربوية ونتائجها.

– اعادة النظر في البرامج التربوية ومضامينها لتصبح قادرة على المنافسة والتأقلم مع متطلبات العصر الحديث، بهدف خلق انسان جديد قادر على التفكير والابتداع والتميز والمنافسة.

– بناء أنظمة تربوية مرنة وجذابة لمواجهة التغيرات السريعة والمتلاحقة على الساحة الدولية عبر مسارات التعليم المختلفة الذي يواكب متطلبات المتعلم واحتياجاته.

– التكامل والتعاون في المؤسسات المجتمعية ومؤسسات التعليم والانتاج وعدم الاقتصار في المدرسة أو الجامعة، أي التحول من النظرة الضيقة الى النظرة الموسعة للتربية ومصادر التعلم الواسع.

– ان النظام التربوي جزء من منظومة اجتماعية أوسع يؤثر ويتأثر بها، ونجاح الأنظمة التربوية يتأثر الى حد كبير بطبيعة العلاقة والتغيرات التي تتم في المنظومات الأخرى خاصة الاقتصادية والسياسية والثقافية، أي ان اصلاح التعليم يجب ان يوجه من خلال التخطيط الشامل من كافة القطاعات التنموية في المجتمع.

– مشاركة مجتمعية موسعة لتطوير والاصلاح التربوي وذلك من خلال خطة وطنية تهدف الى وضع رؤية لتمكين الاصلاح التعليمي والتربوي.

– الاهتمام بالتقويم الشامل للعملية التربوية وعدم الاهتمام فقط بتقويم التحصيل الدراسي للتلاميذ من خلال المراجعة الدورية المستمرة للمؤسسات التعليمية وتقويمها تقويماً داخلياً وخارجياً، وفق ضوابط ومعايير الجودة النوعية في المؤسسات التعلم العام والتعليم العالي.

– أن تكون هناك صيغ شراكة في تمويل قطاع التعليم العام والجامعي، من خلال اتاحة الفرص للقطاع الخاص بالاستثمار في مجال التعليم العام والعالي.

– التوسع في مجال التعليم الفني والمهني والتفكير في مرحلة التعليم العام بانشاء الثانويات المهنية، وضرورة فتح القنوات بين هذه الأنظمة والأنظمة الأخرى من التعليم مع مراعاة المرونة بين أنظمة التعليم المختلفة.

– أن يتم ربط التعليم بسوق العمل ومراكز الانتاج، والسعي المتواصل لأحداث المواءمة بين برامج التأهيل والتدريب والاعداد لسد حاجة سوق العمل.

– التوسع في برامج التدريب المتواصل أثناء الخدمة مع الاهتمام بالنوعية وان يسند التدريب الى الجامعة.

– تبني صيغ الادارة اللامركزية في العمل الاداري والتربوي واعطاء المزيد من الصلاحيات للمستويات المختلفة في صناعة القرار.

– توفير مساحة وحرية أكبر وصلاحيات للمدرسين ومديري المدارس والادارات التعليمية وفي صناعة القرارات المرتبطة بتطوير المحتوى التعليمي، وأساليب التدريس وتقويم المتعلمين.

– الابتعاد عن الأساليب التقليدية في التعليم المتمركزة حول الحفظ والتلقين، واحلال بطرائق وأساليب ترتكز على الفهم والنقد والتحليل وحل المشكلات وتنمية مهارات التفكير بأنواعه.

– لابد من اعادة النظر بدور المعلم في العملية التعليمية فيجب التحول من دور الملقن والمسيطر والمرسل الى دور يهدف الى اعداد المتعلم لممارسة أدواره الحياتية كمواطن منتج.

– البعد عن التسلط الاداري والرقابة التعليمية الموجهة، والدعوة الى ايجاد مناخ تربوي متبادل وتحكمه السلوكيات الديموقراطية والحريات المدروسة.

– فرض التعليم المفتوح والتعليم عن بعد كبدائل تربوية استراتيجية في مراحل التعليم المختلفة مع التأكيد على أهمية وضع الاجراءات والضوابط اللازمة لضمان الجودة والكفاءة النوعية.

– الابتعاد عن الأساليب التقليدية في أنظمة التقويم والقياس وخاصة الامتحانات والاستعاضة عنها بطرق وأساليب جديدة ومبتكرة تؤكد على أهمية الأداء ونوعيته وليس على النتائج.

– تعميق العلاقة بين المؤسسات التربوية والمجتمع من خلال انفتاح المؤسسات التربوية على المجتمع بهدف تعزيز التواصل مع الأسرة وأولياء الأمور وأجهزة الاعلام وكافة مؤسسات المجتمع، لتقوم برسالتها التربوية.

– نشر القيم الانسانية العالمية التي تؤكد على مفاهيم التسامح والتفاهم المتبادل ونشر قيم الابداع والمنافسة والحوار والمناقشة والمحافظة على الهوية الوطنية الاسلامية.

– انشاء مؤسسات أو مراكز وطنية واقليمية تتولى مسؤولية رصد الاصلاحات التربوية من خلال تطبيق نظام الجودة الشاملة للحكم على مدى صلاحية المؤسسات التعليمية وأفرادها، وان لا تتبع هذه المؤسسات أو المراكز وزارة التربية حتى تحقق الموضوعية في التشخيص والتقويم والمتابعة.

 

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.