الإيداعات المليونية ليست أولوية!

قضية الإيداعات اليوم أصبحت موطنا خصبا للتكتيك السياسي التي سيفاجأ المواطنون بنتائجها لاحقا ربما، وسيظل المواطن يشكو ويئن تحت هاجس انتظار السكن، وغلاء المعيشة، وتهميشه في المجتمع بسبب غياب التنمية، في حين أنه سيضطر أن يسمع عن قضية سرقة هنا واختلاس هناك كل شهر مرة.
أول العمود:
متى يلفظ الشارع مخربي الكويت من درجة كبار المسؤولين؟
هل هي سباحة ضد التيار ما سطرته في عنوان المقال؟ فليكن.
نعيش التضليل السياسي بمعنى الكلمة، ويوميا في “بلد الدستور والمؤسسات”، فيأتي نفر من النواب ليفرضوا ما يظنونه أولويات ويتركون معاناة المواطن العادي في أكثر من موقع ومكان.
فالمجلس السابق كان قد وضع أولويات شبيهة بما يروج له هذا المجلس، فماذا كانت النتيجة: مظاهرات وخروج إلى الشارع لم تشهد الكويت له مثيل، وذهاب المجلس والحكومة مع الريح. أولويات المواطن الكويتي تكمن في قضايا حقيقية لا يستطيع المجلس والحكومة مجتمعين القيام بواجبهما تجاهها، فهما عاجزان عن حلها منذ عقود، فالفخر في حل مشكلة المرور اليومية “الزحام والوفيات” هو أولوية، والفخر أيضا في نسف مناهج التربية البالية والتي صرف عليها وعلى العملية التعليمية مليار و320 مليون العام المالي الماضي دون نتائج ملموسة على الأرض هو أولوية أيضاً.
الكويت اليوم بلد غير نظيف بسبب فساد جهاز البلدية الذي يعتبر عماد التحضر في بلدان أوروبا، فشوارعنا قذرة وهناك تمييز واضح في الخدمات بين المناطق، الفخر أيضا في حل ملف البدون الذي ينخره الحقد والتشفي بأصول وعروق الناس الاجتماعية وكأننا في إسطبل تربية جياد أصيلة هو أولوية.
هذه القضايا وغيرها ممن يعانيه المواطن في حياته اليومية لا تعد من أولويات السلطتين لأن الطرفين منغمسان في لعبة التنافس والمناكفة السياسية وعلى طريقة “غالب ومغلوب” دون اعتبار لمصالح المواطنين الحقيقية.
هنا، نحن لا نقول بعدم أهمية قضية الإيداعات، لكننا على يقين بأن حلها أسهل بكثير من القضايا التى أوردناها، فهي سهلة لأن طريقها القانوني محدد ومعروف ويمكن أن تنتهي في سنة على الأكثر وتعلن الأسماء على الملأ، لكن كيف أصل كل يوم إلى مكتبي بوقت أقل؟ وكيف أمنع تدهور مستوى أبنائي التعليمي المستمر؟ وكيف أنهي الإضرابات المتكررة؟ تلك المشاكل بحاجة إلى رجال دولة لا رجال تكتيك من تحت الطاولة.
ما فائدة أن نعلن كل يوم قضية فساد دون وجود أدوات قانونية لمواجهتها كما هي الحال في تجاهل اتفاقية مكافحة الفساد؟ فقضية الإيداعات اليوم أصبحت موطنا خصبا للتكتيك السياسي التي سيفاجأ المواطنون بنتائجها لاحقا ربما، وسيظل المواطن يشكو ويئن تحت هاجس انتظار السكن، وغلاء المعيشة، وتهميشه في المجتمع بسبب غياب التنمية، في حين أنه سيضطر أن يسمع عن قضية سرقة هنا واختلاس هناك كل شهر مرة.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.