أهم أسباب الترهل والفساد وتشتت القرار في جهاز الدولة الإداري هو التنفيع وإكرام الأحبة على حساب المال العام وتوسيع رقعة البيروقراطية في ذلك الجهاز العتيد، لذلك وجدنا في معظم الوزارات والهيئات الحكومية كما كبيرا من الوكلاء المساعدين، بينما كان الأمر في أواخر السبعينيات والثمانينيات لا يتجاوز 3 أو 4 وكلاء مساعدين، ولكن ومنذ التحرير المبارك وجدنا الأعداد تتضاعف حتى وجدنا بعض الوزارات والهيئات فيها 9 أو 10 أو 12 وكيلا مساعدا، ومعلوم أن هذا المنصب له كلفة مالية وإدارية على الدولة، فالوكيل المساعد مرتبه عال بالإضافة لبونص سنوي يقدر بـ 30 ألف دينار أو أكثر، ناهيك عن سيارة فارهة، أما الكلفة الإدارية فهي تتمثل في إدارة للمكتب من مدير وموظفين وفراشين وفنيين، ولا بأس منها لو كانت مصلحة العمل تتطلب ذلك لتسهيل انسيابية العمل والقضاء على البيروقراطية وتحقيق الإنجاز، ولكن أن تزيد المناصب وتتكاثر وتزيد التكلفة على المال العام، وفي الوقت نفسه تزيد البيروقراطية ويزيد الفساد الإداري فهذا والله حرام.
وقد حدث هذا بسبب الترضيات ومكافأة الأحبة والأصدقاء والتيارات السياسية، وكنا نشاهد هذه المهازل بالوزارات والمؤسسات الحكومية ونقول إن شاء الله يصلح ممثلو الأمة من خلال مجلس الامة هذا الحال المائل، إلا أننا وجدنا ظاهرة تفريخ الوكلاء تصل لمجلس الأمة فوجدنا فيه أكثر 13 وكيلا مساعدا ففقدنا الأمل مؤقتا في الإصلاح الإداري بسبب اهتمامنا بالفساد والسرقات التي باتت تتفشى على كل المستويات ولم يسلم منها حتى أمن وطننا واستقراره ممن يتجاوز الدستور والقانون ويدعي بأنه ينزل الشارع لحمايتهما ولا حول ولا قوة إلا بالله.
المهم وفي غمرة هذه الأوضاع وتراجع الاهتمام بالإصلاح الإداري وجدنا أخباره تنبعث من مجلس الأمة، حيث مركز الإصلاح أو يفترض هكذا، حيث جاءت أخبار اجتماع الرئيس علي الراشد مع الوكلاء المساعدين وحثه لهم على ضرورة التقاعد أو البحث عن مكان آخر غير مجلس الأمة لأنه لن يجدد لأكثرهم بسبب رغبته في إعادة النظر في الهيكل الإداري للأمانة العامة وتقليص عدد الوكلاء المساعدين فيها بما يحتاجه العمل لا أكثر، وأن صدقت هذه الأخبار فإن الرئيس الراشد يكون قدم القدوة الخيرة للإصلاح الإداري الذي يتوق له الوطن وأهله بعد أن قدم نموذجا صحيا يجب أن يحتذى عندما أوقف عمليات الانتقام والإكراميات التي كانت تجري، والتي كان أفدحها وأخطرها ما حدث بعد انتخابات فبراير 2012 المبطلة، وإذا تمكن الرئيس الراشد من الشروع في الإصلاح الإداري وأوقف الهدر أو قل النزيف في المال عام فإنه سيقدم القدوة للوزارات والهيئات الحكومية لينطلق مجلس الأمة من خلال ممثلي الأمة لضرب أوكار التنفيع والتكسب على حساب المال العام وتوسيع رقعة الفساد الإداري، ورغم إدراكي لعظم المهمة وخطورتها، إلا أنني متفائل وواثق بأن سعادة الرئيس علي الراشد أهل لها وهو القادر بإذن العزيز القدير وتوفيقه على إنجازها بكل اقتدار.. فهل من مدكر؟
baselaljaser@yahoo.com
baselaljaser@
المصدر جريدة الانباء

قم بكتابة اول تعليق