
حدد النائب والوزير الاسبق احمد باقر الاسباب الكفيلة برفض المقترح النيابي باسقاط فوائد القروض على المواطنين المقترضين، خاصة في ظل الزيادات والكوادر التي أقرت اخيرا، الامر الذي يؤكد عدم وجود أية مسببات علمية واقتصادية ومالية تدعو الى اسقاط فوائد القروض.
وقال باقر عشرة اسباب تدعو الى رفض ذلك المقترح من جوانب شرعية واقتصادية ودستورية، فمن الجانب الشرعي والديني قد أفتت وزارة الاوقاف بعدم جواز هذه الاقتراحات من جهة شرعية، بسبب افتقادها للعدالة، وهذه الفتوى موجودة في اللجنة التشريعية بمجلس الامة، فضلا عن فتاوى من قبل كبار المشايخ، ومنهم الشيخ د. عجيل النشمي، والشيخ د. ناظم المسباح التي أفتت بعدم شرعية تلك المقترحات.
خطأ شائع
وتابع: إن عدد المقترضين حوالى 320 الف مواطن، منهم من قد اقترض 70 الف دينار كحد اقصى، وبفوائد وصلت الى 70 الف دينار، ولمدة 12 عاما، بينما هناك متقاعدون وصغار الموظفين الذين كانت قروضهم من الف دينار الى 15 الف دينار، بفوائد لا تتجاوز من 100 الى 5 آلاف دينار، وبالتالي كيف يتم تحقيق العدالة في اسقاط فوائد القروض من خلال ذلك المقترح النيابي، ولا يخفى على احد ان اسقاط فوائد القروض يعني ان تدفعها الدولة للبنوك من المال العام، او تمتنع الدولة عن اخذ فوائد وارباح عن مبالغها المودعة، وكلا الامرين سيان لان متوسط الفائدة والارباح على الاموال الحكومية المودعة في البنوك هو %1.5 سنويا، فاذا كانت الفوائد على المقترضين هي مليار و700 مليون دينار كويتي، فهذا يعني ان تدفعها الدولة مباشرة من المال العام، او تضع مليارات من المال العام، ايداعات في البنوك بلا ارباح او فوائد لمدة سنوات طويلة، متسائلا: فكم يا ترى سيضيع على الدولة من ارباح هذه الودائع؟ وكم سنحتاج من المليارات لكي نضعها في البنوك؟ وكم عدد السنوات التي سنبقى فيها بدون ارياح لمجرد دفع فوائد المقترضين، بدلا من استخدامها لمصلحة ومنفعة للشعب الكويتي كله؟ وهل يستطيع اي عاقل ان وضع مليارات في البنوك بلا ارباح او فوائد لا يكلف الدولة شيئا من المال العام؟
تحقيق العدالة
وزاد: اذا اسقطت الدولة الفوائد التي تقدر ب 70 الف دينار من كبار الموظفين والمقترضين، بينما لم تدفع مثل هذا المبلغ لمن اقترضوا من الف الى 15 الف دينار وهم صغار المقترضين وايضا المتقاعدين، خاصة من تجاوز سن ال 65 عاماً فأين العدالة في ذلك.
ومضى يقول: هناك شريحة كبيرة ممن قاموا بالسداد على مدى ال 12 عاماً الماضية، وهم كثر ونجالسهم في الدواوين ونعرفهم حق المعرفة، فهم لن يستفيدوا، ان اسقطت فوائد تلك القروض فضلا عن حرمان ما يقرب من 400 الف مواطن لم يقترضوا وسوف حرمون ايضا من الاستفادة من المال العام.
واشار الى وجود شريحة من المواطنين الذين هم على بند الرعاية الاجتماعية التي تمنح من قبل وزارة الشؤون وعددهم حوالي 30 الف مواطن، وهم لا يستطيعون الاقتراض فضلاً عن وجود شريحة المتورعين عن الاقتراض الذين لديهم اسباب دينية وشرعية لعدم الاقتراض، ويكفون حياتهم بميزانيتهم المالية العادية، فتجد بيوتهم عادية غير فارهة وحتى سياراتهم عادية ايضا رغبة منهم في عدم التورط بالقروض، وبالتالي ما ذنبهم في ان يحرموا من المال العام في حال طبق ذلك المقترح.
تمييز
ولفت باقر في معرض تصريحه الى وجود شريحة المواطنين الذين يتعاملون مع البنوك الاسلامية بالمرابحة وليس عليهم فوائد متغيرة وانما ارباح ثابتة من اول القرض الى اخره، ويعلمون بموعد سداد القسط ومبلغه منذ ساعة التوقيع على العقد حتى نهايته، ولا توجد لديهم مشكلة الفوائد المتغيرة.
وتابع: هناك شريحة المواطنين الذين سيدخلون الى سوق العمل خلال الفترة التي حددتها الاقتراحات في المجلس خلال ال 15 سنة القادمة وعددهم 600 الف مواطن، فبمجرد دخولهم سوق العمل سيقومون بالاقتراض او المرابحة وسيطالبون ايضا باسقاط القروض عن كاهلهم او الفوائد او مرابحتهم، ويطالبون بدفع رأس المال فقط، ويطالبون بدفع رأس المال اذا اقرت الاقتراحات المعروضة، وسيرون انهم حرموا من المال العام بعد ان استفاد منه آخرون بسبب اسقاط القروض او الفوائد.
مقترحات مرفوضة
وقال: لهذه الحقائق السالفة الذكر فإن المقترحات المعروضة على مجلس الامة لا تحقق العدالة بين شرائح المجتمع الكويتي، لأنها ستدفع الفائدة من المال العام الذي هو ملك للجميع وليس لاشخاص دون آخرين وستحرم منه فئات كبيرة بمن في ذلك صغار المقترضين.
وأكد انه من المعلوم ان الدستور الكويتي قد ساوى بين المواطنين، إذ انه لا يجوز سداد فواتير القروض او فوائد مواطنين بدرجات متفاوتة وحرمان آخرين، وهو ما يتناقض مع جوهر الدستور ومواده ونصوصه، وبالتالي فإن تلك المقترحات غير دستورية وتفتح الباب لمطالبات جديدة لكل من لم يستفد من هذه الاقتراحات او استفاد باقل من غيره، وهو باب لن يغلق بعد ذلك.
ولفت إلى أن الاحصائيات الرسمية توضح ان عدد المتعثرين حوالي %1.6، وهي أقل نسبة في العالم، علاوة على إنشاء صندوق المتعثرين لمساعدة المواطنين المتعثرين واقالة عثرتهم، الامر الذي نؤكد معه مجددا عدم قانونية وشرعية ودستورية ذلك المقترح، خصوصاً أن اجمالي مبالغ تلك الفوائد مليار و700 مليون دينار كويتي في حين ان نسبة %98 من المواطنين المقترضين غير متعثرين.
صندوق المتعثرين
واستطرد باقر: كثير من المقترضين اقترضوا لاجل فلل فاخرة او شراء سيارات فارهة وامور اخرى، فما ذنب الدولة لتتحمل فوائدهم او سداد تلك الاموال عنهم؟! مشيرا الى ان صندوق المتعثرين في المادتين 15 و16 قد نص على انه من حق القضاة المسؤولين عن الصندوق ان يشطبوا أي مبلغ من الدين أو الفائدة اذا تبين لهم انه قد احتسب بطريقة مخالفة للقانون او لوائح البنك المركزي او مخالف للعقد بين المدين والبنك.
واشار الى انه بمجرد ان يثبت المدين ان البنك قد احتسب عليه زيادة في الفائدة او الدين للمسؤولين في الصندوق سيتم اسقاط الزيادة، ورأينا ان الكثير من المواطنين قد استفادوا من مزايا الصندوق وتخلص الكثير منهم من المبالغ الزائدة التي قامت بها تلك البنوك.
28 ألفاً استفادوا
واضاف: ان مجلس الامة بإمكانه ان يحقق بأي شكوى يتقدم بها المواطن المقترض وانصافه، وعدم احتساب اي مبلغ زائد عليه، بدلا من تحمل الدولة مبالغ طائلة بسبب دفع فوائد نيابة عن المقترضين، بما يعود بالضرر على المال العام، تنتج عنه سابقة في منتهى الخطورة، اذ لا توجد حروب او كوارث تجعل الدولة تتحمل تلك الاعباء المالية من القادر وغير القادر والمتلاعب وغير المتلاعب.
ولفت الى ان 28 الف كويتي تقدموا لصندوق المتعثرين، وتم تسليمهم قروضاً حسنة، اذا كانت مجموع اقساطهم تزيد على الــ %40 من الراتب، وتم تخفيض اقساطهم الى اقل من ذلك، اذ يلاحظ انه عند احتساب الصندوق لهذه النسبة كان يضيف اقساط الكهرباء والماء وبيت الزكاة والاحوال الشخصية (الاحكام الخاصة بالزوجة والابناء للمطلقين)، اذ تحسب نسبة %40 من صافي الراتب، اي ما يتبقى منه.
الكوادر
وأشار الى انه في الفترة الماضية اقرت الكوادر والعديد من الزيادات في وزارات الدولة وهي كبيرة، فكل من كانت اقساطه الشهرية %40 خفّضت الى الـ%30 ومن كانت %30 خفضت الى %20، وهكذا الامر الذي نجدد فيه التأكيد الى انه لا حاجة للموافقة على تلك المقترحات واعادة فتح ذلك الملف بعد كل تلك المزايا والزيادات.
وقال: للاسف ان بعض المقترضين اقترض حتى وصلت اقساطه الشهرية الى الحد الاقصى، اي %40، ثم تقاعد بعد ذلك او استبدل جزءاً كبيراً من الراتب في التأمينات، فأصبحت النسبة نتيجة لانخفاض راتبه اكثر من %40، مستدركاً بقوله: كما ان هناك من قدم مستندات للبنوك غير صحيحة أوهم فيها البنك بان لديه دخلا آخر غير الراتب، من مثل ورقة من القطاع الخاص تثبت انه يعمل خارج اوقات الدوام الرسمي، او ورقة تثبت ان لديه شقة او دورا مؤجرا، من اجل الحصول على قيمة اكبر للقرض، حيث فوجئ المسؤولون في صندوق المتعثرين بانه لا يملك شيئاً من ذلك، لذلك فإن جميع تلك الحالات يجب دراستها وكشفها، ولا يجوز مكافأتها من المال العام.
بلد متميز
وخلص الى القول: ان إنشاء صندوق المتعثرين، بالاضافة الى وجود بيت الزكاة وكثير من المؤسسات الحكومية، يجعلان الكويت بلدا متميزا دائماً في خدمة المحتاجين والمعسرين من ابنائها، فإذا كان هناك تلاعب من بعض البنوك فبإمكان المدين او المقترض التقدم بشكوى الى القضاة المسؤولين في صندوق المتعثرين او الى مجلس الامة لانصافه، كما ورد مسبقا، بدلا من ذلك المقترح الذي يجعل الدولة تتحمل مبالغ طائلة نتيجة لدفع الفوائد عن جميع المقترضين لدرجات متفاوتة يحرم منها الشعب الكويتي.
المصدر “القبس”
قم بكتابة اول تعليق