ألا يتوقف، وأن يبقى على زخمه، كما كان خلال الفترة الماضية، لكن على القائمين عليه أن يتوقفوا قليلا لالتقاط الأنفاس، ولمراجعة ذاتية، من أجل وضع مشروع جديد لتطوير الواقع السياسي، ومن أجل وضع آليات جديدة مبتكرة، لتجسيد ذلك المشروع على أرض الواقع، بدلا من استنزاف الجهود في معارك وهمية لا قيمة سياسية لها.
من يراجع المسيرة الماضية، يجد أن هناك ملامح مشروع تتكون في بداية تلك المسيرة على يد مجموعة من الشباب المخلصين النشطين، لكن ملامح ذلك المشروع تبعثرت خلف طموحات بعض المخضرمين من النواب، ليصطف الحماس الشبابي مجبرا وراء مشروع وحيد، هو الاستمرار في انتخاب أولئك النواب في أي انتخابات مقبلة. ورغم محاولات «تفلت» الشباب من سطوة ذلك الفريق، فإنهم أخفقوا واضطروا لمسايرة الأجواء، اعتقادا منهم أن ذلك الخيار هو الأفضل.
بعض النواب عندما رأوا الحراك الشبابي، وإن كان من مجموعة صغيرة، لكنها بالطبع مجموعة جادة تريد التخلص من الإرث السياسي الحالي والانحدار على كل الأصعدة الذي تعيشه البلاد، بسبب تنازع الصلاحيات خلقوا هم مجاميع شبابية وهمية، واختطفت تلك المجاميع القيادة، لتصبح هي المحور الرئيسي في الحراك، ولتصبح تلك المجموعة المخلصة الجادة مجرد طرف داعم يمكن التخلص منه، في حال لم يتمكن المخضرمون من تدجينه.
الآن، المرحلة أصبحت أصعب بالنسبة للحراك الشبابي الجاد والمخلص، فهم في مواجهة طرفين، هما الحكومة وبعض النواب المخضرمين من المجالس السابقة، ولا يمكن مواجهتهما والتصدي لهما بالآليات التقليدية، فكلا الطرفين يريدان مصادرة جهود الشباب وتسويقها على أنها جهودهما، وأي مواجهة بمثل تلك الآليات ستصفي ما تبقى لهم من قدرة على فرض شيء ما على الساحة، حتى وإن كان رمزيا.
ها هي الحكومة تشكل لجنة للشباب تتبع مجلس الوزراء، لتدجين من يقبل بفكرة التدجين، وخصوصا من المحبطين ممن حاول فعل شيء ووجد حائطا لا يمكن تجاوزه من النواب المخضرمين يعملون على إفشال مشروعهم، وها هم أولئك النواب يزجونهم في قضية ما يسمى تدويل القضية، وهي خطوة أبعد بكثير من مشروع الإصلاح السياسي المقترح على يد أولئك الشباب.
ليس أمام الشباب الذين بدأوا فكرة الحراك الشبابي، وشكلوا الحركات الأولى لدق إسفين في مدماك الفساد، سوى التوقف قليلا لالتقاط الأنفاس، وتوسيع دائرة المشاورات، وتنقية الصفوف، فالمرحلة المقبلة حاسمة، وحسمها سيكون على الساحة المحلية، بشرط أن تكون هناك أفكار وآليات جديدة تؤكد القطيعة مع الماضي، القائم على الخيارات الاجتماعية في الوصول إلى المشروعات السياسية.
قم بكتابة اول تعليق