أجمع اكاديميون على ان انتشار ظاهرة لغة (الفرنكو) او (الابجدية الانجليزية المعربة) بين الصغار والمراهقين في المجتمع العربي يهمش من قيمة اللغة العربية ويدمرها كتابة ونطقا داعين الى الحد من هذه الظاهرة عبر اساليب تربوية وعلمية.
وقالت استاذة الاجتماع في جامعة الكويت الدكتورة نادية الحمدان لوكالة الانباء الكويتية (كونا) ان اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم “ومن المؤسف المضي في تشويه هذه اللغة فهو يؤثر سلبا مستقبلا على قراءة القرآن الكريم وينشئ جيلا غير قادر على تكوين جمل عربية صحيحة بقواعدها لأنه أضاع لغته الام”.
وذكرت ان (الفرانكو) او الانجليزي المعرب هو نوع من الابجدية المستحدثة تكتب بطريقة اشبه بالشيفرة من خلال التواصل في كتابة الرسائل النصية عبر اجهزة الحاسب الالي او الهواتف المتنقلة لدى البعض من الجيل الجديد.
واوضحت ان انتشار هذه الظاهرة في الدول العربية جعل منها طريقة جديدة للتواصل مع جميع اللهجات العربية وهي طريقة تقوم على استخدام الأحرف والأرقام الإنجليزية المعربة في كتابة الرسائل النصية العربية.
وافادت بأن هذه الطريقة قلبت بعض الأحرف العربية الى أحرف لاتينية أو أرقام انجليزية مثل الرقم 7 للدلالة على حرف الحاء والرقم 5 للدلالة على حرف الخاء وغيرهما من الرموز.
وعن مدى تأثير هذه الطريقة على اللغة العربية قالت الحمدان “كوني متخصصة بعلم النفس اللغوي أجد أنها طريقة تهمش اللغة العربية وتؤثر سلبا على جودتها كتابة ونطقا”.
وقالت الحمدان انه نظرا لأهمية هذا الموضوع فانها حاولت معرفة ورصد آراء الشباب ممن يستخدمون هذه اللغة الانجليزية المعربة فقالت الطالبة بالجامعة الأمريكية في الكويت لطيفة المزيدي (العمر 22 سنة) انها تستخدم اللغة الانجليزية المعربة في كتاباتها النصية بالهاتف أو البريد الالكتروني “لانها الطريقة الأسهل في التواصل مع زميلاتها وهي اللغة المرغوبة لهذا الجيل وانها تعني ان الذي يستخدمها شخص متطور لانها لغة عصرية أسهل بالتواصل من اللغة العربية”.
واضافت الحمدان أن الطالبة المزيدي ترى كتابة الأحرف اللاتينية اسرع واسهل من الكتابة باللغة العربية المتشابكة حيث تكون الأخطاء الإملائية فيها قليلة على الرغم من أنها تدرك أن هذه الطريقة غير صحيحة وتؤثر على لغتها العربية مستقبلا.
واشارت الى انه بسؤالها الطالب في الأكاديمية العربية الأمريكية بدر المنصور (العمر 17 سنة) في الصف الحادي عشر عن هذا الامر اوضح أنه يستخدم هذه الطريقة في التواصل مع اصدقائه كونه طالبا يحتاج الى السرعة في الكتابة والتفاهم مع الاصدقاء عبر البريد الالكتروني والهاتف النقال لانه يجد صعوبة في الكتابة باللغة العربية.
وتابعت انها سألت المحاضرة في جامعة الأميره نورة بنت عبدالرحمن سارة هاني (العمر 30 سنة) فأجابت انها تستخدم الطريقة الانجليزية المعربة لان الجيل الحالي يستخدمها في التخاطب والتواصل اللفظي وانه من خلال ملاحظتها كمحاضرة في الجامعة فإن هذه الظاهرة تؤثر سلبا على اللغتين العربية والانجليزية قراءة وكتابة فهي تضعف الشخص في استخدامهما.
واكدت الحمدان حاجة المجتمعات العربية الى حملات توعية تعرف هذا الجيل بخطورة استخدام طريقة كتابة الانجليزية المعربة وان عليه ان يتعلم اللغة العربية بأصولها وقواعدها الصحيحة اولا وقد يستخدم الطريقة الانجليزية المعربة للتواصل الالكتروني فقط وليس كطريقة للتواصل الرسمي.
من جانبها قالت استاذة الاجتماع في جامعة الكويت الدكتورة مها السجاري ان علماء الانثروبولوجيا اللغوية وجدوا ان هناك علاقة تفاعلية وثيقة بين اللغة وكل من البيئة الجغرافية والبناء الثقافي والمحيط الاجتماعي الذي تنشأ بها في بناء وتكوين القواعد اللغوية للجماعات السكانية.
واوضحت ان اللغة تعتبر وسيلة من وسائل الاتصال اللفظية الاساسية التي يستعين بها الانسان للتواصل والتخاطب مع الاخرين وتلك الوسيلة هي التي يعبر من خلالها عن مشاعره وافكاره واهدافه وهذا ما يميزه عن سائر الكائنات مستخدما قواعد لغوية والفاظا صوتية تتناسب مع الظروف الاجتماعية والبيئية المحيطة.
وافادت السجاري بأن اللغة تعتبر جزءا اساسيا لثقافة اي مجتمع سواء كانت لغة كتابية او غير كتابية مثلما نجدها في المجتمعات البدائية حيث يلاحظ علماء اللغة وجود تداخل كبير بين البيئة الطبيعية لاي مجتمع والمفردات والمصطلحات اللغوية واللفظية لافرادها.
وضربت مثلا بالبيئات الجليدية التي يتكاثر فيها تساقط الثلوج اذ يوجد بها مصطلحات لغوية عدة في المعجم الانجليزي حول انواع الثلج بينما في البيئات الصحراوية هناك مصطلحات لغوية عدة حول انواع الرياح الموسمية والتضاريس الطبيعية والاحياء الصحراوية.
واشارت الى تفاوت وتباين المصطلحات اللغوية في مفرداتها حسب الجنس والطبقة الاجتماعية والاحياء السكانية اذ ان بعض المفردات التي تتداولها النساء اكثر من الرجال في المجالس وهناك بعض الالفاظ التي يتم استخدامها بكثرة عند بعض الطبقات دون الاخرى.
وقالت ان للغة وظائف عدة ابرزها تحديد المكانة الاجتماعية للفرد في المجتمع حيث من خلالها يميز نفسه عن الاخرين عن طريق انتقائه لالفاظ معينة ومختارة بدقة والتحدث باسلوب معين عند حواره معهم.
واعطت مثالا على ذلك بأنه عندما يلجأ الافراد الذين ينتمون الى طبقات اجتماعية عالية ومن اصحاب الدخل المادي المرتفع الى تعليم ابنائهم لغات اخرى بجانب اللغة الام والحرص على التحدث بها واستخدامها في حياتهم اليومية.
وذكرت ان من ابرز العوامل التي تؤثر على استخدام الافراد للغة هي العولمة الثقافية التي اتاحت الفرصة لشريحة كبيرة من افراد المجتمع للاطلاع واستخدام اللغة الاكثر انتشارا في العالم الا وهي اللغة الانجليزية.
وقالت السجاري ان اللغة الانجليزية “اصبحت تعكس في مجتمعنا المستويين الثقافي والاجتماعي للاسرة حيث يحرص اولياء الامور على تعليم ابنائهم اللغة الانجليزية وغالبا ما يتم ذلك من خلال التحاقهم بمدارس خاصة”.
واضافت انه بناء على ذلك يبدو جليا اثر العولمة الثقافية على استحداث التلاميذ للغة الانجليزية المعربة تلك اللغة التي يستخدم فيها الابناء الاحرف الانجليزية في الكتابة وقراءتها بألفاظ عربية.
وافادت بأنه يمكن تفسير تلك الظاهرة برغبة التلاميذ في تكوين لغة خاصة بهم تميزهم عن اللغة الام حيث تمثل لهم عالما خاصا بهم وخصوصية عن بقية الطبقات الاجتماعية الاخرى.
واضافت ان هذه الظاهرة تشكل على المدى البعيد خطرا على الابناء لانها ستهدم الموروث الثقافي اللغوي العريق كما انها تؤثر على تحصيل الطالب اللغوي للمفردات اللغوية العربية والانجليزية.
واكدت اهمية انتباه اولياء الامور لهذه الظاهرة وملاحظة مدى انتشارها واستخدامها بين ابنائهم كوسيلة للتواصل اليومي ومحاولة تعزيز التحدث وكتابة الاحرف العربية عند التواصل فيما بينهم للحد من تعريب اللغة الانجليزية.
واشارت السجاري الى انه لكي يصل اولياء الامور الى الهدف المنشود يجب عليهم الحرص على تشجيع الابناء على قراءة الكتب العربية باستمرار وابراز اهمية اللغة العربية “كونها جزءا اساسيا لا يتجزأ من ثقافتنا العريقة ولانها لغة القرآن الكريم”.
قم بكتابة اول تعليق