جددت مجموعة من الشباب رفضها إطلاق أي حوار مع الحكومة قبل إصلاح «الخلل» الذي تتبناه في تعاطيها مع الشباب. وقالوا إن عدداً كبيراً من الشباب في السجون، بينما التشكيك في وطنية البقية يتواصل، وتساءلوا: أي حوار يمكن إطلاقه في ظل هذه الظروف؟
وأجمعوا على أن تمايز الحكومة في تطبيق القانون يهز سمعة دولة المؤسسات، ويجعلنا لا نشعر بالعدالة أو الاطمئنان للمستقبل، وأضافوا أن المسألة لا تتعلق بانتخابات الصوت الواحد وحسب، وحتى لو كانت لدينا ملاحظات على حراك البعض، إلا أن ممارسات السلطة تدفعنا إلى المضي في الحراك الميداني.
وقالوا خلال الحلقة الثانية من سلسلة استضافات صحيفة القبس لمجاميع شبابية إننا في دولة نعتز فيها بمرور 50 عاماً على ولادة الدستور والديموقراطية، ومن المؤلم أن ننتهى إلى قانون يتحدث عن «الهمز واللمز والنوايا».
نرفض هامش الديموقراطية..
نرفض التمايز في تطبيق القانون..
نرفض تلفيق التهم ومحاكمة النوايا..
ليس هذا فقط بل أكثر من هذه المطالبات التي دعا لها شباب يرون أن الأوضاع الحالية في البلاد غير مطمئنة والمستقبل مجهول، ويطرحون العديد من التساؤلات، أبرزها: هل هذا ما كنا نتطلع إليه في وطننا الذي نفتخر بأنه عاش 50 سنة ماضية من الديموقراطية؟!
يدركون أنهم مراقبون وأن اتصالاتهم مرصودة كما يقرون بخطأ استخدام وزارة الداخلية ضد الخصوم السياسيين، محذرين من أن هذا النهج سيقود الى توليد الأحقاد في المجتمع أمام قانون لا يطبق على الجميع ويمايز بين الناس، لكنهم مصممون على الاستمرار إلى حين تحقيق وطن أفضل لا يخلط بين «المشيخة والسياسة».
علي الصايغ، ود. فواز فرحان، والاء العمر، ومريم البلوشي، حضروا الى ديوانية القبس ضمن جلسة جديدة استكمالا لسلسلة حوارات بدأتها في الأسبوع الماضي للاستماع إلى من هم يسمون بـ «عصب الأمة» يشكلون مستقبل البلاد ونهضتها.
يرفضون خطاب «المنّة» الذي يصدر من أطراف بين حين وآخر بمفردات «حمدوا ربكم على النعمة والله لا يغير علينا»، مؤكدين أن الشعب «شريك» حسب النصوص الدستورية، بل ويضيف الشباب بهاراتهم الخاصة بالقول: «الحقوق لا تعطى ولكنها تنتزع».
ينظرون للوزراء بعين العطف، مدركين أنهم موظفون كبار للدولة لا يملكون قرارا، فلماذا يدعون الشباب للحوار في مقهى.. ويضيفون: نحن نعلم أنها دعاية إعلامية للرد على ملاحظات خارجية دولية بدأت ترد في شأن نهج تعامل الحكومة مع حرية الرأي والتعبير في الكويت، ويعلقون: هل تعتقد الحكومة أن الشعب ساذج؟
لكنهم لا يحملون الحكومة وزر ما يحدث بنظرهم، فحتى مجلس الأمة الحالي عليه أن يمارس الحد الأدنى من المسؤولية والإنسانية والأخلاقية تجاه الشباب، مستغربين «مستحيل أن يضرب الكويتي.. كويتيا مثله»، مشيرين إلى أن مشروع السلطة واضح في قمع الحريات.
مطالب واضحة حملوها معهم في برلمان حقيقي واستقلال القضاء، محذرين في الوقت نفسه من عامل «الوقت»، قائلين: الحراك مهدد بالاضمحلال إذا لم يتبلور على شكل خطط ومشاريع، وموضحين: نرفض التعامل بأسلوب المعارضة التقليدي القائم على التصدي للفساد بطريقة رد الفعل.
وقد دعا الشباب في ضيافة القبس إلى أن يكون هناك حوار من جميع التكتلات والقوى السياسية المعارضة لكتابة الخطوط العريضة وتبيان ما يريدونه من خطة عمل، حتى يكون قويا ويتم تحقيقه.
حوار الحكومة والشباب
القبس استضافت الشباب وسألتهم في بداية الحوار الذي فتحناه معهم عن المشاريع الحكومية ورغبة الحكومة في التحاور مع فئة الشباب من خلال دعوتهم عن طريق 3 وزراء في كافيه والالتقاء بهم؟
علي الصايغ: هي خطوة جيدة أمام الناس، ولكن هناك خطوة أساسية، فنحن نريد الحوار مع شخص له قرار، ونحن نعلم أن ليس لهؤلاء الوزراء الثلاثة قرار، لذلك كيف نتحاور مع أطراف لا نتوقع منهم نتيجة، وغير ذلك، فالحوار يعتبر مضيعة للوقت، وهذا الحال لايحل المشاكل ولايشفي الغليل.
متى ما كان لدينا ثقة ونتائج من أصحاب لديها القرار، فنحن لدينا القدرة على المساعدة والتحاور، وأنا أعتقد أن الحوار الذي تم مع الشباب، و3 وزارء هو تسويق وظهور إعلامي، ونحن رأينا في السابق مؤتمرات مع الشباب بلا نتائج! والسبب ان هناك قرارات تم اتخاذها من اشخاص معينين، أما ما يحدث من حوارات هزلية، هو عبارة عن ترويج للمجتمع بأن الحكومة تتحاور مع الشباب، ونحن بدورنا نرفض استغلالنا.
مع من الحوار؟
د.فواز فرحان: أعتقد انه في البداية يجب أن نحدد مع من الحوار؟ فأنا أعتقد أنه يكون مع السلطة الفعلية، وقوى شبابية، ومع الفاعلين بالحراك الشعبي، هذا من ناحية البداية، لكن حاليا لا يوجد حوار، لأن السلطة تسير في مشروعها ومستمرة وهو «قمع الحريات»، وقد رأينا خلال الأيام الماضية قانون الإعلام الشامل، وزيادة الحبس الاحتياطي، وغيرها من القوانين الأخرى التي تتعارض مع الحريات، ونحن كمعارضة كيف نحاورهم وهم مستمرون في مشروعهم الذي ينوون فيه؟
المعارضة كانت تتصدى لمظاهر الأزمة، وحاليا نحن بحاجة لمعالجة الأزمة نفسها، وليس التصدي لها، وما نراه من دعوة مجموعة من الشباب في جلسة حوارية، أو 3 وزراء يلتقون بالشباب هو ليس حوارا، لأنه يجب تحديد النقاط، وحاليا قوى المعارضة غير محددة.
تشكك وتحاور!
آلاء العمر: أتفق تماما مع من تحدث بهذا الاتجاه.. فكيف تدعوني لأن أجلس معك في حوار، وفي الوقت نفسه نجد أن نصف الشباب مشكك فيهم، ونصفهم الآخر بالسجن! فأي حوار هذا الذي تدعونا إليه الحكومة، ففي البداية إذا أرادت الحكومة الحوار عليها معالجة الجرح ومن ثم ادعونا للحوار.
أعتقد أن الحكومة أرادت تبرير موقفها، خاصة بعد الانتقادات الأوروبية التي جاءت لها على خلفية أسلوبها القمعي، ونحن من خلال الحوار الأخير مع الوزراء الثلاثة سمعنا الشباب ولم نسمع ردة فعل الوزراء عن الحوار، ولتبادر الحكومة بشكل جيـد أولا، قبـل أن تدعـو للحوار.
تسييس النوايا
● ما مطالبكم التي تنادون بها؟
مريم البلوشي: اليوم أصبح كل شيء، كان متنفسا للشعب، يسيس، بقضية الرياضة نفسها عندما سيست، وحتى موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» أصبح مسيسا!
ولا أخفيكم أننا أصبحنا حتى من «الواتس أب»، لأنه قد يكون مراقبا أيضا، فقد اصبحنا نخاف من كل شيء، وعلى سبيل المثال عندما أتحدث مع شقيقي عن المسيرة ومكانها، لا أرسل له كلمة «مسيرة» في المسج، وأكتفي فقط برسالة: هل وصلت الآن؟
المشكلة اليوم أنه حتى النوايا سيسيت، والشباب اصبح الخوف يملأهم.
لا للتمايز بالقانون
● هل هناك تمايز بالقانون من وجهة نظركم في القضايا التي يحال فيها المتهمون للمحاكمة من قبل الحكومة؟
آلاء العمر: أمر خطير جدا ويولد حقدا وضغينة، عندما تستخدم السلطة الداخلية لمن يعارضها فقط، فلقد رأيناهم يحمون ويراعون تجمعا من أحد النواب، لأنه «حكومي»، وفي المقابل يقمعون تجمعات أخرى، لأنها أرادت التعبير عن وجهة نظرها.
كما أننا رأينا أن من يسيء لدولة صديقة يحاسب، بينما بعضهم الآخر يشتم ولايحاسب، وهذا يجعلنا نكفر بدولة القانون.
ومع الوقت فإن ما يحدث سيؤثر في المجتمع، لأنه في السابق قد يكون هناك شاب منفرد بأسلوبه تجاه طريقة تعبيره عن معارضة الحكومة، لكنه إذا رأت العائلة بأكملها هذا الأسلوب ستقف كلها مع الابن.
نضرب بسوط المجلس
علي الصايغ: نحن أصبحنا نضرب بسوط مجلس الأمة، فالمجلس تخلف عن مسؤوليته، واليوم الأشخاص يضربون بالشوارع، ولا يحرك النواب حتى الدافع الإنساني على الأقل!
المجلس لديه مسؤولية أخلاقية، كيف لا يستنكرون بأي سؤال الضرب واستمرار الحجز غير المبرر على أقل شيء ممكن عمله؟!
إضافة الى أنهم أصدروا قوانين خطيرة، وعلى سبيل المثال قانون «الهمز واللمز» الذي نعتبره قانونا معيبا، فكيف لنا وبعد 50 عاما من الديموقراطية، يأتي لنا مثل هذا القانون، والمصيبة الأكبر أن أحد الأعضاء يستشهد بالآية القرآنية «ويل لكل همزة لمزة» والتي هي بعيدة عن هذا القانون وما يفكرون به! وعضو اخر وبعد موافقته على هذا القانون يصرح بأن «المجلس في جيب الحكومة»!
مريم البلوشي: حب الكويت لا أحد يساوم عليه، لكن المشكلة التي رأيناها كانت من خلال مظاهر ملاحقة المتظاهرين، والتي كانت تتم بطريقة معينة، تشعرك بأن فيهم «غلا»، فمن المستحيل أن شعورك يوافقك بأن من يضرب المواطن الكويتي ايضا مواطن كويتي ويكون أمرا طبيعيا في نهاية الأمر!
د. فواز فرحان: الشعب طغت عليه فكرة أننا نعيش في ديموقراطية.. وهذا غير صحيح، فنحن لم نكن في ديموقراطية، وإنما في هامش ديموقراطية، ولكن بحسب اشتداد الأزمة بين المطالبين بالديموقراطية والسلطة نرى مظاهر القمع، فالسلطة لا تقمع إذا كان مشروعها يسير كما تريد، وهذا دليل على أننا في هامش ديموقراطية، وليس في ديموقراطية.
استمرار الحراك
● ما بعد اتهامات الشباب والقضايا المرفوعة ضدهم.. إلى أين تتجه الأمور، إلى الهدوء أم الاستمرار في المطالبات أم إلى ماذا؟
آلاء العمر: الشباب مستمرون بالحراك والسلمية، لكن المطالبات ستكون بشكل أوضح، إذا انفتح باب حوار على أسس أخرى غير التي تحدثنا عنها.
ففي السابق كانوا يقولون ان هذا الحراك لمناطق داخلية وخارجية، لكن اليوم الحراك من جميع أنحاء الكويت.. فماذا تريدون؟
مشروع دولة
د. فواز فرحان: بالنسبة للمشروع الأمني، رأينا السلطة تراجعت في الأيام الأخيرة، فبدأوا يخرجون أشخاصا بتهم سياسية بكفالات شخصية، وهذا له دلائل وأسباب أدت إليه، ففي السابق كانت كل مسيرة تقمع، لكن في اخر مسيرتين رأيناهم يتراجعون، وأنا أرى أنه من دون تحديد مشروع للشباب والانتقال إلى حراك شعبوي، لن نكون بحالة أفضل، وأنا أرى من الضرورة مشاركة جميع الفئات العمرية، والكتل والقوى السياسية، لأن هذا مشروع دولة، فالحراك دائما يضمحل إذا لم يتبلور لخطط.
علي الصايغ: أنا أرى أن نهج الحكومة خاطئ عندما اتبعت المثل الشعبي «طق المربوط يخاف المفتلت»، فهي فشلت في جميع مراحل النهج المتبع، فقد رأينا تهمة رصيف يضرب مواطنا في السابق، واليوم نرى أكثر عجبا في القضايا.. فأنتم كيف تنظرون للشعب؟ فإلى هذه الدرجة نحن بهذه السذاجة؟
غيبوبة
مريم البلوشي: الفساد السياسي كان ومازال موجودا، وهو أمر خطر في أن يستمر، لأن التظاهرات تقوم بسبب الفساد، والشعب الكويتي لا يريد ان يصل إلى هذا الوضع، والمشكلة أن الشعب الكويتي يعيش في غيبوبة، ويعتقد أنه طالمـا كل الأمور تسير بصـورة طبـيعية من حقوق واجبة فإن الأمر جيد بالنسبة اليه.
وما دفعني هو أنني أحب الكويت، وحرصا على وطني، والأجيال القادمة ستسألني، وبالتالي الحقوق لاتعطى وإنما تنتزع.
القضايا الكيدية ثبتت
تحدثت آلاء العمر عن تصريح النائب العام لـ القبس بشأن حفظ قضايا أمن دولة ضد «مغردين»، مؤكدة أن ذلك دليل على أن هناك تلفيقا من قبل الحكومة في هذه القضايا، متسائلة: من يرد حق الشباب الذين حجزوا لأيام؟ والذين صدرت بحقهم أحكام، من الذي يعوضهم اجتماعيا ونفسيا وكل شيء؟
يدعوننا بأموالنا
قال علي الصايغ إن المهزلة هي أن الحكومة كانت طرفا في الانتخابات، فهي كانت عن طريق وزرائها ترسل للإعلام رسائل تدعو الى المشاركة بالتصويت، ومع ذلك كله جاءت بنسبة مشاركة %39.
أيضا هي كانت تدفع تكلفة هذه الرسائل من أموالنا، وبعد كل هذا يريدوننا ان نصدق ديموقراطية الحكومة.
لماذا يثور الإنسان؟
أوضح فرحان أن الجوع بالصومال لم يخلق ثورة.. كما أن بعض الدول ذات مستوى معيشي أفضل من مصر، ومع ذلك قامت بها ثورات طلبا للكرامة والحرية، ما يحرِّك الإنسان هو شعوره وقناعته بوجود مشكلة من عدمه، ويجب أن يدرك أن المشكلة تؤثر عليه.
لماذا نتحرك في الكويت؟
نتحرك لأننا في مواجهة سلطة لا ترغب في الديموقراطية.
المساءلة الشعبية
قالت العمر: الشباب يُزج بهم في السجون لمجرد التعبير عن الرأي، والاعتراض على رأيه لا يعني قبول ممارسات الحكومة وقوانينها المقترحة، والمطالبة بالحكومة المنتخبة ليس ترفا سياسيا، بل حاجة.
كيف تشكل هذه الحكومات.. وهل تمثل الشعب؟
الحكومة المنتخبة ستكون أمام مساءلة شعبية، لدينا وزير داخلية مغيّب ورئيس مجلس وزراء «يدورونه دوارة»، ووزير دفاع نسينا اسمه!\
ديوانية القبس الشبابية مستمرة
تستقبل القبس مجموعة شبابية أوسع الأسبوع المقبل للحديث عن مطالب الشباب ورؤيتهم وما يريدونه لوطنهم.
إعلام حكومي
آلاء العمر: بعد كل الاعتقالات التي حدثت لم يظهر وزير ليتحدث عما حدث، إضافة إلى أن الإعلام المرئي كان يشعرك بأن له وجهة نظر معينة، فكانت تظهر فقط مقاطع فيديو معينة، وهذا هو إعلام الحكومة.
كويتي يضرب كويتياً!
قالت مريم البلوشي اننا لم نصدق مظاهر إلقاء القبض على الشباب في المسيرات، فكنا نتساءل: كيف يضرب الكويتي أخاه الكويتي؟ مشيرة إلى أن تسجيل الفيديو لضرب المواطن المحتجز سلام الرجيب لم استطع إكماله، وكان ينتابني حزن شديد على حالنا في الكويت.
نفس قصير
أوضح د.فواز فرحان أن تكوين السلطة ليس قـمعيا، لــذلك نفــسـهـا بالقمع لا يستمر طويلا، وحالــيـا هي تــسيــر في طريـق مشروعها في العبث بالهامش الديموقراطي.
كرم التهم
قال الصايغ إن الداخلية وجهت لأحد الشباب المعتقلين 3 تهم، وتم احتجازه مع ثلاثة آخرين، ولحظة الإفراج عنه زادوها تهمتين، فأصبح المجموع 5 تهم، وهناك شاب آخر يواجه 26 تهمة، فهل يُعقل ذلك؟
نريد وطناً
قالت مريم البلوشي إن الشعب وللأسف تطغى لديه ثقافة الاستهلاك، فطالما يستطيع المواطن أن يشتري سيارة ويجد وظيفة ومسكنا فهذا يكفيه، مضيفة نحن نريد وطـنـا بـكل معــنى الكـلـمـة.
نخاف من «الداخلية»
أكدت آلاء العمر أننا وصلنا إلى مرحلة الخوف من «الداخلية»، بعد أن كانت هي المنوطة بحمايتنا، وبعد أن رأينا كل هذه الانتهاكات، وقد وصلنا إلى مئات القضايا، فهل يريدون نصف الشباب بالسجن، وأنا شخصيا لدي مخاوف من المستقبل وهذه أحد الأسباب التي جعلتني أشارك في المسيرات.
قم بكتابة اول تعليق