حالة من الركود الفني تشهدها الساحة الفنية الكويتية بل الخليجية، ففي مثل هذا التوقيت من العام الماضي كان الكثير من المنتجين قد انتهوا من تصوير الكثير من الأعمال الفنية خرجت من السباق الرمضاني والأخرى حالفها حظ في العرض الرمضاني. وبالمقارنة مع الوضع الحالي نتلمس جمودا حقيقيا تتضارب أسبابه الفعلية، فالبعض أرجعه إلى قلة النصوص والآخر أرجعه إلى الشللية والعصابات والتدوير والسياسات. ولكي نقف على السبب الحقيقي وراء تراجع الحركة الفنية وانغلاق سوق الانتاج الدرامي توجهنا الى بعض الشرائح الفنية من منتجين وفنانين وفنانات لنتعرف سبب ذلك بالإضافة إلى الحل الذي سيخرجنا من هذا المأزق من خلال التحقيق التالي:
يقول الفنان عبد الرحمن العقل: من وجهة نظري أرى أن السبب الحقيقي وراء الركود الذي تشهده الساحة الفنية الحالية هو اقتصار تعامل بعض القنوات على منتجين بعينهم بصرف النظر عن الكفاءات، وأصبح الإنتاج محصورا بأناس معينة، وأغلبهم من خارج الكويت فالساحة الفنية باتت مقتصرة على شركات محددة ومن ثم انغلقت على نفسها، أصبحت الثقة معدومة بالمنتج الكويتي، لكن الأمل حاليا في تلفزيون الكويت بعد أن أعاد العمل بسياسة المنتج المنفذ.
يضيف: للأسف العملية الانتاجية أصبحت قائمة على المجاملات والمحسوبيات واللعب من تحت الطاولة بعيدا عن المضمون والهدف الفني.
وتابع: قدمت أعمالا كثيرة للعديد من الفضائيات وإلى الآن انتظر الرد حيث لم يبت في أمرها على الرغم من قوة النصوص التي قدمتها. نحن نحتاج إلى آليات جديدة تتحكم في الأمور الفنية حتى لا تتعثر أكثر من ذلك.
قلة نصوص
فيما علق المنتج باسم عبد الأمير قائلا: اعتقد ان قلة النصوص تلعب دورا كبيرا ومهما في هذا الركود، فالكتاب المميزون قليلون جدا، وهذا أدى الى جمود الحركة الفنية هذه السنة على عكس العام الماضي، في مثل هذا الوقت من العام الماضي كنا قد انتهينا من تصوير الكثير من الأعمال، وللأسف المنتج أصبح في حيرة من أمره، هل يوافق على خوض الموسم الجديد بأعمال عادية او ينتظر الأفضل.
يضيف: شخصيا السبب في تأخيري هو تالبحث عن التميز وانتقاء العمل الجيد حتى لا يحاسبني الجمهور والنقاد خصوصا بعد تفوق الدراما المصرية والتركية وتسيدها الفضائيات في الفترة الأخيرة، الموضوع بالنسبة لي أصبح بالكيف وليس بالكم.
وحول الرقابة يقول: من يعلق على الرقابة أخطائه ويتخذها شماعة فهو مخطيء، أرى أنه على الرغم من تأخر آليه إجازة النصوص إلا أنها تصب دوما في مصلحة العمل، وهي سلاح ذو حدين، أحيانا تكون من صالح العمل لكن بطء آليتها يؤخرنا كثيرا، لكنني مع الرقابة قلبا وقالبا.
تنظيف الفضائيات
لكن الفنان أحمد جوهر رأى أن سبب التأخير هو تنظيف الفضائيات من بعض الكودار التي ليس لها لزوم ووجودها مثل عدمه، وصرح قائلا: كانت اللعبة الإنتاجية داخل الفضائيات الخليجية في الفترة الماضية تحكمها الشللية والعصابات المتحكمة وكانت قائمة على أسماء معينة يتعاملون معها وكأنهم أصحابها، الآن نظفت من كل هؤلاء، وباتت القنوات تغربل الاعمال والقائمين عليها.
يضيف: كذلك بدأ المنتجون أنفسهم يعيدون حساباتهم لأن ثمة آليات جديدة في أغلب الفضائيات الخليجية بدأت تقف لهم بالمرصاد خصوصا بعد تدني مستوى الأعمال والقصص التي تسير أغلبها في دائرة مغلقة، فكل عام القصة نفسها والوجوه نفسها وكذلك المحاور، الأمر الذي سبب ملل المشاهدين.
واستكمل: الرقابة ليس لها دخل في تعطيل الأعمال، وكي نتفادى هذه المشكلة على الفنانين ألا يعتمدوا على الفن فقط كمصدر للرزق، لأن الفن أصبح في الفترة الأخيرة لا أمان له.
ضيق وقت التصوير
من جانبها بررت الفنانة منى شداد سبب الركود بقلة النصوص، بالاضافة الى ضيق وقت التصوير الأمر الذي ساهم في اختفاء ما يسمى بأعمال خارج الموسم، لأن الكل بات يستعد لتصوير أعمال رمضان، ناهيك عن الظروف السياسية وحركات التدوير في وزارة الاعلام والتقلبات التي مرت بها، وهو ما أثر في الحركة الفنية.
كما أشارت إلى أن تكاليف العمل أصبحت باهظة للغاية فالمسلسل بات يحتاج إلى ميزانيات ضخمة حتى يخرج بالمستوى المطلوب، لافتة إلى أن وضع الفنان أصبح محيرا جدا فهو يعاني، إما من كثرة الأعمال وضغطها النفسي وإما من قلتها وكذلك تأثيرها النفسي، فهو في كلتا الحالتين مظلوم وسط هذه اللعبة التجارية.
التنبؤ بالأزمة
ويقول الفنان خالد أمين: اعتقد ان جهاز الرقابة في الكويت أصبح دقيقا جدا في اختياراته للنصوص، بالإضافة إلى أن المحطات الآن اصبحت تفكر أكثر من مرة قبل الموافقة على أي عمل، وهما السبب الحقيقي وراء هذه الأزمة، كنت أخشى من حدوث هذه الأزمة التي سبق أن تنبأت بها.
وتابع: حذرت منها وبالفعل حدثت، قلة الانتاج وغلق الدائرة على منتجين بأعينهم لا بد من التخلص منهما في أقرب وقت ولا بد من الاحلال والتجديد ودخول الشباب في اللعبة الانتاجية لأنهم اكثر دراية، الساحة محتاجة الى الشباب في جميع المجالات الفنية كالكتابة والاخراج والتمثيل والانتاج، الآن وقت الشباب مع الاحترام والتقدير للكبار الذين لا نستطيع الاستغناء عنهم.
وقال: ما نعيشه اليوم كارثة حقيقية حيث أقفل الباب أمام الكثيرين وتعطلنا نحن كفنانين، فطوال هذا الوقت ونحن ننتظر رداً من المنتجين، أرى الحل في حتمية وجود فكر جديد من المنتجين، وأن تكون الرقابة أكثر مرونة وأن تشرع قوانين يسير عليها الكتاب والمنتجون قبل ان يقدموا العمل للخروج من هذه الدوامة الكبيرة.
لا بد من الحل
من جانبه أبدى الفنان أحمد العونان أسفه لما يحدث في الفترة الحالية من حالة فتور وركود في الحركة الفنية وقال: للأسف هناك جمود في الحركة الفنية الخليجية والكويتية بشكل عام هذا العام، والكل مستاء ومستنكر من الأمر، خصوصا الشباب من الفنيين وادارة الانتاج فالكثيرون منهم يتصلون بي يسألون عن أعمال لأنهم اكثر المتضررين، فهذه رزقتهم الوحيدة، ومن وجهة نظري ارى أن القنوات هي السبب، بالإضافة إلى زيادة وطأة الرقابة كما أن الوضع ازداد سوءا بسبب الشللية.
المصدر “القبس”
قم بكتابة اول تعليق