بدأت قاطرة التنمية خطاها الاولى لتنطلق بعد اقرار مراسيم الضرورة التي توقفت لسنوات خلال السنوات السابقة ابان مجالس امم متعاقبة ساهمت في وقف قوانين اقتصادية معنية بالتنمية منها تخصيص الخطوط الجوية الكويتية واقرار قانون الشركات والعمل على انشاء هيئة لتنظيم قطاع الاتصالات.هذه المشاريع اقرها اعضاء البرلمان الحالي ما يؤكد حقيقة ان الاعضاء السابقين وراء تعطل مشاريع التنمية, ومن المؤكد ان البلاد سوف تشهد طفرة تنموية غير مسبوقة عبر الانفاق الحكومي الملحوظ في الوقت الحالي.
“السياسة” استطلعت آراء بعض فاعليات اقتصادية حول انطلاق قاطرة التنمية بعيدا عن الجدل السياسي … التفاصيل فيما يلي:
الثامر: يجب تعزيز توعية المجتمع بأهمية التنمية
علينا ان نلقي خلفنا الصراع لنحرك قاطرة البناء العمراني بما يتلاءم مع دفع عجلة التنمية. ان تحريك قاطرة التنمية المعطلة مرهون بعدة اسس وعناصر منها تعاون السلطتين وتعزيز الدور التوعوي لدى المجتمع بأهمية التنمية وعدم تشكيك السلطة التشريعية في دور التنفيذية.
ولاشك ان الكويت واحدة من الدول التي تعاني من تباطؤ التنمية وضعف النمو الاقتصادي بسبب تعثر الجهاز التنفيذي ومن المؤكد ان الاستقرار السياسي هو الطريق المؤدي للاصلاح خاصة انها عرفت في السنوات الاخيرة سلسلة من الاشكاليات السياسية التي انعكست على الشق الاقتصادي غير ان فورة النمو السريع خففت من وطأتها الا ان اثارها في هذه المرحلة قد تكون اكبر من السابق, خاصة بسبب الازمة المالية العالمية وتذبذب اسعار النفط ولا شك ان ابرز دليل على تأثر الاقتصاد بالصراع السياسي, فكانت قضايا “داو كيميكال” و “المصفاة الرابعة” وقانون الاستقرار عناوين لابرز الملفات الشائكة التي وسمت المرحلة السابقة منها ولذا وجب علينا ان نلقي خلفنا الصراع لنحرك قاطرة البناء العمراني بما يتلاءم مع الخطة المقدمة للانفاق والبرنامج الزمني لها الى ان المساعي لبحث الحلول والمعالجات التي تواجه النمو الاقتصادي اصبحت ضرورة ملحة لدفع عجلة التنمية.
الثنيان: الاقتصاد مقبل على انفراجة حقيقية
منذ العام 2006 شهدت الكويت سلسلة من الازمات السياسية المتتالية ادت الى تقديم تسع حكومات استقالاتها, والى حل البرلمان خمس مرات وهي في الواقع ازمات اكثرها مفتعل نتيجة لوجود صدامات وصراعات اقتصادية وسياسية استغل فيها البرلمان ووسائل الاعلام المختلفة وجند خلال هذه الصراعات نواباً سابقين داخل قبة البرلمان كانوا محسوبين على تيار المعارضة للضغط على الحكومة, ولقد حذر الجميع من هذا الصراع مرارا وتكرارا.
ورغم المعاناة من ازمة اقتصادية خانقة قد لا تبشر بالخير يبقى التفاؤل هو النظرة المأمولة ويبقى الحل في تلاقي وجهات النظر المختلفة لتكريس تنمية الموارد العامة وحماية الثروات من التآكل والجميع يطمح في اخراج الملفات الاقتصادية للنور دون تشكيك بين الفريقين سواء الحكومة او البرلمان ولابد للجميع ان يعلم ان الاستقرار هو اساس البناء ولا شيء يبنى دون استقرار ولذلك تعتبر الصراعات السياسية المتهم الأول في هذه المال العام, مع امعان سياسيين ونواب بعينهم في استمرار حالة الصدام والصراعات الشخصية في حين انشغل مجلس الامة عن قضايا تنموية خطيرة اكثرها حالة الاقتصاد الكويتي المتردية التي اقبلت على الانفراج
الشريعان: تقارب ادارتي السلطة يدعم اطلاق قاطرة التنمية
تراجع المداخيل مع انخفاض الاسعار وترافق ذلك مع وصول الازمة المالية العالمية الى ذروتها يبقى امامنا فرصة للتحول الديمقراطية على الصعيد السياسي في ضوء حالة تحقق التوازن بين فئات واطياف المجتمع كي تسير الحركة الاصلاحية بالاتجاه نحو التقارب بين الإدارة التنفيذية والتشريعية ومع ذلك التقارب يمكن ان نطلق العنان لقاطرة التنمية بالتحرك الفعلي والاسراع لما يحقق الطفرة المنشودة وتحويل الكويت الى بوابة استثمارية وتجارية اقليمية.
اعتقد ان الفرصة لا تزال امامنا للتحول الديمقراطي على الصعيد السياسي لاسيما ان الجهاز التنفيذي والسلطة التشريعية عنصران مهمان لتوطين الاستقرار في اي بلد العالم لاسيما وان الترابط القائم بين الاقتصاد والسياسة يشكل حلقة الدفع او البطء فكلما استقرت العلاقة بين السلطتين تقدمت الحالة الاقتصادية واذا ساءت تعطلت والعكس صحيح فضلا عن ذلك تدرك الحكومة واجبها لتحسين الاقتصاد ونيل الرضا الشعبي يمكن للحكومة تعزيز الدور الاقتصادي بانجاز خططها واعادة الثقة لدى المجتمع.
وبالنظر الى الدولة نجدها تسعى الى احداث التغيير في الوضع السياسي ليتناغم مع الحاجة للاستقرار الاقتصادي كما ان الاقتصاد الكويتي بشكل اساسي يعتمد على النفط وصادراته وذلك على غرار سائر دول المنطقة, ولقد شهدت الكويت طفرة كبيرة مع الصعود القياسي لاسعار النفط العام الماضي.
المشاري: المرحلة تتطلب القضاء على الدورة المستندية الطويلة
الصراع السياسي في الكويت لم يكن يقصد التنمية وتعطيلها لأن مجلس الامة في 2011 اعتمد خطة التنمية بكلفة تصل الى 37 مليار دينار وفق برنامج زمني قدر بأربع سنوات, واذا كانت النظرة تجاه الحكومة سلبية فمن المؤكد ان هناك واقعاً يحتاج الى تغيير وأرى ان الدورة المستندية الطويلة تعوق انجاز المشاريع او تمرير المناقصات بسبب الفساد المتغلغل في جدران الجهاز التنفيذي للدولة وأرى ان تعطيل المناقصات يصيب اقل مناقصة سواءً بكلفة مليون او مليار دينار, ما يشير الى ان هناك عدم تعاون مستمر بدءاً من المديرين وانتهاء بالوزراء ناهيك عن التغاضي عن توجيه عقوبات لاعضاء الحكومة المتجاوزين وأرى ان هناك نسبة تصل الى 80% من المشاريع المعطلة ناتجة عن الفساد الاداري والتمصلح والخلل الخاضع للروتين والبيروقراطية والواسطة والمحسوبية.
وكانت بعض وكالات التصنيف الائتماني التي تقيس مدى قوة اقتصادات بعض الدول وجهت رسائل سلبية حول مستقبل بعض القطاعات ونتج عن ذلك تعطل بعض القوانين الاقتصادية المهمة وغابت خطط التنمية وتباطأت وتعطلت الكثير من مشاريع البنى التحتية المأمولة لدى الشعب الكويتي ولهذا اصبحنا نحتاج لحالة سياسية جديدة لا تؤثر سلبا في الاقتصاد وعندها يمكن تنمية الموارد واستغلال الثروات فيما يصب في مصلحة الوطن شرط ان يتم تطهير الجهاز الاداري من الفساد.
فؤاد المشاري – خبير مصرفي ورئيس مجلس الادارة للشركة الكويتية السعودية للمواشي
درويش: الاحتياطي النفطي يحتم على الحكومة التحرك لإحداث طفرة اقتصادية
الكويت تملك ثروات كبيرة مهدرة وهي خامس اكبر احتياطي نفطي في العالم وتحتل المرتبة الحادية عشرة عالميا من حيث دخل الفرد وتمتاز بأعلى مؤشرات التنمية البشرية عربيا لعدد سكان يبلغ اقل من ثلاثة ملايين نسمة نحو 60% منهم من المغتربين, ويمثل نفط الكويت نحو 50% من الناتج المحلي و95% من عائدات التصدير, الى غير ذلك تقدر الموازنة السنوية بما يتجاوز الـ 80 مليار دولار لتعد من اعلى الموازنات العربية وتذهب نسبة 30% منها الى باب الرواتب والاجور للكويتيين الموظفين لدى الدولة.
ويقدر الانفاق الاستهلاكي بنحو بـ 78 مليار دولار سنويا, أما البنوك فتحمل ودائع مصرفية يصل اجماليها الى 143 مليار دولار وذلك دليل على عدم القدرة على توظيفها في مشاريع انتاجية, لان الهيكلة الاقتصادية الكويتية تعتمد على عائدات النفط فقط, فمجال العمل الاقتصادي الخاص محدود ومنحصر في بعض النشاطات التجارية فقط في غياب شبه تام للعملية الانتاجية الصناعية الخاصة.
ان معظم استثمارات الكويتيين ليس لديها خيار سوى التداول في البورصة وهي ظاهرة ادت الى عدم الثقة عقب انهيار القيمة السوقية وتراجع اسعار السهم لأدنى مستوى ولكن التفاؤل موجود والآمال معقودة على وصول السفينة لشاطئ الامان بإنهاء الصراع السياسي وبدء الحكومة في طرح مشاريع التنمية لتبدأ الطفرة الاقتصادية في الانتشار.
المصدر”السياسة”
قم بكتابة اول تعليق