الزنكي: التخطيط لإعادة إعمار القطاع النفطي كان من أبرز تحديات حياتي

قال الرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول فاروق الزنكي متحدثا عن مشواره مع المؤسسة لقد شاركت في أكثر من 10 مؤتمرات عالمية وهذا الأمر ساعدني في مواجهة الجمهور وأكسبني ثقة بالنفس خضت العديد من التجارب وواجهت الكثير من المعوقات وبدأت من موظف عادي حتى أصبحت الرئيس التنفيذي ولم أجد مثل العلم والتزود بالمعرفة لتحقيق النجاح الهوايات صقلت شخصيتي وتطورت من خلالها قدراتي لكنني لم أهمل دراستي عشت حياتي ببساطة ولا أحب التعقيد ولا أعرف كلمة «لا» وهذا ليس ضعفاً في الشخصيةأمي شجعتني على الدراسة في الخارج على الرغم من أن فراقي كان صعباً عليها زوجتي وأولادي شركاء في كل نجاح أحققه والاستقرار الأسري نجاح عظيم

الأنانية أكبر عائق في حياتنا ومحبة الآخرين والعمل بشكل جماعي أمر يساعد على النجاح عملت في لجنة تقدير التعويضات التي أصابت القطاع النفطي القطاع النفطي يجب أن يبتعد عن السياسة ومستقبل النفط الكويتي جيد لأنه مطلوب بالأسواق العالمية تعلمت اللغة الإنجليزية في بريطانيا ودرست هندسة البترول في أميركا والغربة علمتني الإحساس بالمسؤولية والدتي لعبت دوراً كبيراً في حياتي وأعتبرها أماً مثالية لها الفضل بعد الله في نجاحي
وضوح الرؤية وتحديد الهدف منذ البداية من أهم عوامل النجاح وليس هناك شيء اسمه مستحيل

كتب: ناصر الخالدي

بدأ حياته وهو يعرف ماذا يريد، وعاش طفولته في كنف والدته التي أغدقت عليه بالحب والعطاء فكانت تدفع به حتى يكون متميزا، وهكذا انتقل من الطفولة إلى الشباب فإذا هو شاب محب للحياة مولع بالرياضة منسجم مع الأنشطة والبرامج وهي السمة الأبرز في شخصيته أثناء مرحلة المتوسطة والثانوية.

فاروق حسين الزنكي الرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول الكويتية تخصص في الهندسة ودرس في جامعات أميركا وعمل في واحدة من الشركات الأميركية ما أسهم كثيرا في أن تصنع من شخصية ضيفنا كفاءة كويتية في عالم البترول.

تدرج في العمل في مجال البترول منذ أن كان مساعد مهندس ثم مساعد باحث حتى أول وظيفة قيادية في المكامن وتوالت التجارب والتي بكل تأكيد لم تكن عادية إلا انه عرف كيف يتعامل معها ليصنع من صعوبتها فرصة للتميز والإبداع، فكلما كانت الظروف قاسية كانت الفرصة مناسبة لإظهار مزيد من القدرات، ولعل من بين هذه التجارب القياسية المساهمة في اعادة اعمار القطاع النفطي بعدما تعرض له أثناء الاحتلال الصدامي الغاشم للكويت.

تفاصيل أكثر تعرفونها عن الرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول تجدونها من خلال اللقاء التالي:

في البداية حدثني عن طفولتك وفي أي عام كانت ولادتك؟

كانت ولادتي في مستشفى الأميري عام 1953م وعشت طفولتي على فترتين جزء في «المطبة» مع والدي ووالدتي وجزء قضيته مع جدي النوخذة ناصر العيسى، حيث عودني ان أنام واستيقظ باكرا وانا الى الآن مستمر على هذه العادة، وكانت طفولتي فيها بعض التميز فقد كنت كثير النشاط وتأثرت كثيرا بالبيئة التي عشت فيها طفولتي حيث البساطة والتعاون ومحبة الآخرين والاهتمام بالقيم والأخلاقيات فكانت البيئة تعلمنا مزيدا من الدروس الإيجابية التي تؤهل الفرد منا لصناعة النجاح والتميز ولعل هذا يؤكد أهمية البيئة في تنشئة الفرد.

ماذا عن دور الوالد والوالدة وتأثيرهما على شخصيتك؟

الوالد والوالدة لعبا دورا كبيرا في حياتي، حيث ساهما في تهيئة الاجواء المناسبة خلال آخر سنة دراسية في الثانوية، كذلك لم يعترضا على دراستي في الخارج، خصوصا والدتي، كانت حزينة وصعب عليها الفراق، وأتذكر كلامها لي «يا وليدي لا اتعود عليهم ويقصون عليك وتعيش هناك».

ما الشيء البارز في طفولتك؟

من أكثر الأشياء وضوحا في حياتي منذ البداية هو أنني كنت أعرف ماذا أريد وهذا الأمر ساعدني كثيرا في حياتي كنت أريد أن أتميز وأحرص على التفوق وأسعى جاهدا على التزود بالعلم والمعرفة في كل التخصصات لأن ذلك يساعدني في قراءة المستقبل بشكل صحيح وشعرت بأن عندي قدرة لعمل الكثير لكنني في تلك الفترة لم أتعرف على قدراتي بشكل واسع.

هل كانت لك هوايات أثناء دراستك؟

كنت كثير الهوايات ويغلب على هواياتي الطابع الرياضي فكنت أحب كرة القدم ولذا التحقت بنادي القادسية وتدرجت في اللعب وكان انضمامي لنادي القادسية باقتراح من صديقي غانم حمادة والهوايات قد تؤثر على الإنسان بشكل سلبي عندما يجعل الهوايات في مقدمة الاهتمامات وقد تؤثر بشكل إيجابي عندما يجعل العلم أولا ثم بعد ذلك الهواية وقد فعلت ذلك حتى قال عني بعض زملاء الدراسة «أنت أبو قليب».

برأيك ما أثر الهوايات على الإنسان؟

شخصيا وجدت للهوايات أثرا في شخصيتي فقد اكتسبت علاقات اجتماعية واسعة ووجدت أن الهواية تحفظ لي وقتي وتساهم في صقل شخصيتي وتنمية مواهبي وقدراتي وكذلك وجدت أن فكري يتطور ونظرتي للحياة تتجدد وهكذا يجب على الآباء أن يتعرفوا على هوايات أولادهم وأن يتفاعلوا معها بشكل ايجابي.

ماذا عن رحلتك الدراسية هلا حدثتنا عن تفاصيلها؟

بدأت رحلتي من خلال الالتحاق بروضة المهلب في منطقة شرق، وكنت شوي شيطان (عبثي)، لكن كنت محبوبا عند «الأبلات»، وكانوا يشركونني في جميع الحفلات والانشطة المدرسية وبعد ذلك انتقلت إلى مرحلة الابتدائي في مدرسة الشرقية وكنت من أوائل الطلبة وكانت فترة مميزة وقد شاركت في الأنشطة الصباحية ثم بعد ذلك انتقلت إلى مدرسة المتنبي للمرحلة المتوسطة ومدرسة المتنبي مدرسة حظيت بشهرة واسعة وقد درس فيها الكثير من رجالات البلد.

كيف كانت مرحلة المتوسطة في حياتك؟

مرحلة المتوسطة مرحلة صعبة لأنها كانت مرحلة انتقال في الشخصية من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الشباب وكانت أنشطتي في هذه المرحلة أنشطة رياضية كنت عرباويا قبل أن اعرف صديقي غانم حمادة الذي جعلني قدساويا إلا أنني مع ذلك كله كنت أعطي الدراسة حقها.

ماذا عن مرحلة الثانوية العامة؟

مرحلة الثانوية العامة كانت مرحلة تحد وفيها العديد من الصعوبات إلا أن الرؤية بالنسبة لي كانت واضحة فاخترت الدراسة في القسم العلمي لأن مجالاته واسعة ولأنني كنت احب المواد العلمية مثل الرياضيات والفيزياء ساعدني هذا الأمر كثيرا وقبلت التحدي واجتهدت من أجل تحقيق هدفي.

هل واجهت معوقات أو صعوبات في مرحلة الثانوية العامة؟

في مرحلة الثانوية العامة كانت عندي مشكلة في صعوبة تعلم اللغة الإنجليزية بينما في المواد الأخرى لم تكن عندي مشكلة وقررت أن أتعلم اللغة الإنجليزية بكل الوسائل والطرق فكنت أتابع البرامج الأجنبية وأستعين بالدروس الخصوصية فنجحت وحصلت على النسبة التي تؤهلني للدراسة في الولايات المتحدة الأميركية وهذا الأمر كان هو هدفي الرئيسي منذ بداية حياتي فكما قلت لك كنت من البداية أعرف ماذا أريد وهذا الأمر ساعدني كثيرا في حياتي العلمية والعملية.

كيف بدأت حياتك بعد التخرج في الثانوية العامة؟

بعد التخرج في الثانوية العامة نجحت في الحصول على بعثة من شركة الزيت العربي وأعتبر الحصول على بعثة دراسية كانت نقطة التحول في حياتي وتحديدا في 14/ 12/ 1970م ركبت الطائرة متجها إلى بريطانيا وأذكر هنا أنني عندما ركبت الطائرة شعرت بالمسؤولية ورأيت أن الرحلة وإن كانت طويلة إلا أنني يجب أن أجتهد من أجل الوصول إلى النجاح وقررت أن اجعل الدراسة وناسة وهذا سر نجاحي في دراستي.

كيف وجدت بريطانيا وما هو الهدف من السفر إليها؟

الهدف من السفر إلى بريطانيا دراسة اللغة الإنجليزية ولذلك جلست في بريطانيا 8 شهور وكنت حريصا جدا على تعلم اللغة الإنجليزية فكنت كثير الأسئلة شديد المتابعة دقيق الملاحظة لأنني وجدت في داخلي رغبة حقيقية للتعلم ولا يوجد شيء اسمه مستحيل متى ما وجدت الرغبة وهذا درس لكل من يريد النجاح ابذل قصارى جهدك ولا تتوقف عن المحاولة فقد تفشل مرة أو أكثر لكن بكل تأكيد ستصل إلى النجاح وهكذا ودعت بريطانيا بعد شهور من الجد والاجتهاد.

وماذا بعد الانتهاء من تعلم اللغة في بريطانيا؟

بعد الفترة التي قضيتها في بريطانيا سافرت إلى الولايات المتحدة الأميركية وهناك تخصصت في دراسة هندسة البترول واخترت هذا التخصص لأنني وجدت له مستقبلا فنحن بلد نفطي وبالتالي نحتاج مثل هذا التخصص وبالفعل بعد مرور السنوات وجدت أنني اخترت التخصص المناسب.

ماذا تعلمت من الغربة؟ لا شك أن هناك دروسا مستفادة حدثني عن أبرزها؟

الغربة علمتني احترام الناس والمساواة فيما بينهم وألا أنظر لهم إلا بما لديهم من قدرات وطاقات وإمكانيات وهذه النظرة أحوج ما نكون لها اليوم حتى نرتقي بالكثير من الأعمال والوظائف لان التمييز يسبب تدميرا كبيرا وإلى جانب ذلك فالغربة أعطتني ثقة كبيرة بالآخرين فأنا اعتقد ان كسب ثقة الناس وكسب الناس ثقتي انجاز كبير وعامل اساسي للنجاح في اي عمل وفي الغربة شعرت بالإحساس بالمسؤولية.

برأيك الدراسة في الخارج إلى جانب المال ماذا تحتاج أيضا؟

الحياة بكل نواحيها وتفاصيلها تتطلب مزيدا من الصبر، والدراسة في الخارج تتطلب صبرا وتحملا وتأقلما مع الواقع وهذه نصيحتي لكل طالب يدرس في الخارج، تأقلم مع واقعك ولكن دون أن تتنازل عن المبادئ والقيم التي تربيت عليها.

خلال دراستك ما الأشياء التي كنت تحرص عليها؟

كنت شديد الاهتمام بمتابعة دروسي وكذلك كنت أهتم بعلاقتي مع الدكاترة وأحرص على أن استفيد بأكبر قدر ممكن من المعلومات لأن العلم سلاح واستطعت أن اجعل دراستي فترة «وناسة». وأتذكر ماذا كان يقول لي بروفيسور مادة هندسة الحفر الدكتور الكندي وكذلك كان مستشار الطلاب الاجانب في الجامعة: if you say you can’t do it, you will not do it, but if you say I can do it, you will do it.

كنت دائما اتذكر هذه الجملة، انا وزميل الدراسة م.محمد عبدالوهاب والذي تقاعد موخرا في القطاع وساعدتنا في تكملة الدراسة دون اي مشاكل.

هل كانت لك أنشطة في الولايات المتحدة الأميركية؟

كما تعلم المجتمع الأميركي لم يكن يهتم كثيرا بلعبة كرة القدم آنذاك، إلا أنني أثناء دراستي أسست فريق كرة قدم وسرعان ما انتشر هذا الفريق وأصبح منافسا قويا وكانت هذه التجربة ممتعة بالنسبة لي والحياة فن يجب أن نأخذها ببساطة ودون تعقيد.

في أي عام تخرجت في الولايات المتحدة الأميركية وأين اتجهت بعد ذلك؟

عام 1976م أنهيت دراستي وعملت لمدة 9 شهور في شركة نفط الكويت وكانت فترة عادية جدا فقررت أن أنتقل إلى معهد الأبحاث لأنني وجدت في داخلي رغبة لاستكمال دراسة الماجستير وبالفعل قدمت استقالتي من البترول وانتقلت إلى معهد الأبحاث ثم سافرت لدراسة الماجستير.

حدثني عن تجربتك أثناء دراسة الماجستير وما هي رسالتك؟

رسالتي كانت بعنوان «تحاليل الضغط للمكامن التي لها القدرة على الضغط الذاتي» وعملت بكل جهد لكتابة رسالة متميزة وفترة دراسة الماجستير هي فترة مميزة في حياتي وشخصيا لا أنسى الجميل وأحاول دائما العمل على رد الجميل فأنا شاكر لكل من وقف معي في رحلتي العلمية.

أعرف أن لك تجربة عمل في إحدى الشركات العالمية في أميركا، حدثني عن هذه التجربة؟

عملت في شركة فيغن Fagin للدراسات الاستشارية العالمية. وقصة عملي في هذه الشركة كانت من خلال حضوري لمؤتمر جمعية مهندسي البترول في أميركا وكان هذا المؤتمر هو اجتماع عالمي يعقد كل عام وفي هذا المؤتمر التقيت بالسيد فيغن مالك الشركة وعرض علي العمل في الشركة وكنت أعمل في التحليل وكان عملي جزءا من دراستي وفي الصيف عملت بشكل كامل واستفدت من هذه الشركة خبرة في دراسة محاكاة المكامن.

هل جاءتك عروض للعمل في أميركا بعد التخرج؟

على الرغم من أنني تأقلمت في المجتمع الأميركي إلا أنني في حياتي كلها لم أفكر يوما من الأيام بالعمل خارج بلدي الكويت ولذلك لم أنظر إلى تلك العروض التي جاءتني باسثناء فرصة العمل أثناء الدراسة وذلك لكسب الخبرة.

حدثني متى بدأت رحلتك في عالم النفط؟

في فبراير عام 1976م بدأت رحلتي في عالم النفط وذلك من خلال شركة نفط الكويت وعملت في البداية «مساعد مهندس» وكانت تجربة يغلب عليها الحماس وحب العمل والرغبة الجادة بالارتقاء ثم بعد ذلك انتقلت الى معهد الابحاث العلمية بوظيفة مساعد باحث، وبعدها سافرت الى أميركا للدراسات العليا (ماجستير في هندسة البترول)، وبعد حصولي على درجة الماجستير التحقت مرة ثانية بشركة نفط الكويت عام 1980، حيث شعرت بأن القطاع النفطي هو الاختيار المناسب.

وكيف تطورت في عملك؟

في عام 1980م عملت في دائرة المكامن وقد استفدت من العمل في هذه الإدارة كثيرا وأثبت قدرتي على العطاء فقررت الشركة ابتعاثي إلى الولايات المتحدة الأميركية وذلك لتمثيل الشركة في أميركا للإشراف على مشروع نفطي وأذكر أن البعض سألني عن المستحقات المالية ولم اهتم لرغبتي في التدريب الجاد والتعليم المتميز وبعد شهر من تواجدي في أميركا قلت لرئيس المشروع أريد أن أكون ضمن فريق العمل حتى أتعلم وأطور من قدراتي وتعلمت من هذه التجربة كثيرا فكنت أجلس مع رئيس المشروع واستمع إلى توجيهاته وكانت قصة التدريب هذه هي انطلاقة حقيقية في حياتي المهنية.

ماذا عن أول وظيفة قيادية كيف كانت تفاصيلها؟

عام 1982م تسلمت مهام عملي في أول وظيفة قيادية وكانت في غرب الكويت حيث عملت كناظر مكامن واستفدت من هذه التجربة أنني تعلمت أسلوب الإدارة وتوجيه الموظفين والعمل بروح الفريق الواحد وكانت تجربة ممتعة.

هل واجهت في هذه التجربة صعوبات؟

لا شك أنني واجهت صعوبة في تطوير قسم جديد واستحداث بعض المهام لكن من الضروري أن يتعامل الإنسان مع الواقع وألا يشتكي فالشكوى لن تغير في الموضوع شيئا.

وما التجربة الثانية في حياتك العملية؟

التجربة الثانية كانت عند انتقالي للعمل في الوفرة من عام 1985م وحتى عام 1990م وقد استفدت من هذه التجربة الإحساس بالمسؤولية فكنت مسؤولا عن الكثير من الأمور وقد عملت مع مجموعة من الموظفين الأميركان فتعلمت اقتصادات العمل وأن انظر إلى المشاريع من الناحية الاقتصادية.

هل واجهت مخاطر في عملك؟

في عام 1998م تعرضت لحادث مروري في طريق عملي والمدهش في الأمر أن جميع من شاهدوا سيارتي اعتقدوا وفاتي لكن الحمد لله بقيت على قيد الحياة وعلى الإنسان أن يتوقع كل شيء ويتوكل على الله بصدق وهذا يكفي لتجنب كل مخاطر الدنيا.

ماذا عن دورك أثناء فترة الاحتلال الصدامي الغاشم لدولة الكويت؟

في فترة الغزو كنت خارج الكويت فاتصل بي الأخ فيصل الجاسم (نائب العضو المنتدب للعمليات في شركة نفط الكويت)، وطلب مني العمل على مشروع العودة، عودة اعمار القطاع النفطي بما في ذلك إطفاء الآبار وكنت جزءا من الفريق الذي يخطط ويعمل لذلك وكنا نعمل من مكتب الشارقة وجلسنا في هذه المهمة حتى فترة التحرير وبلا شك فإن التجارب والمساهمات الوطنية لها أثر كبير في نفسي فالانتماء الصادق للوطن يجب أن نترجمه بمزيد من التضحيات.

وماذا عن جهود بعد التحرير؟ علام تركزت؟

كما تعلم، فان الكويت كانت مدمرة بعد التحرير وقد أصابها الضرر في كثير من مرافقها فكنت أمثل الكويت في لجنة التعويضات عن القطاع النفطي وما أصابه من أضرار وكانت مهمتي تقدير الأضرار وهي نوعان الأول من خلال تقدير الكمية التي فقدناها من النفط والغاز والإنتاج بدون كنترول والنوع الثاني مدى التأثير على حالة المكامن على المدى الطويل من ناحية الضغط وحركة المياه وهذا يؤثر على الاستخراج والاحتياطي وكانت اجتماعاتنا مكثفة.

كيف كانت هذه المرحلة بالنسبة لك؟

بلا أدنى شك هي مرحلة تحد خصوصا أنني أعمل باسم الكويت وأفتخر بأنني نجحت في هذه المهمة من خلال إثبات حجم الضرر الذي تعرض له القطاع النفطي ووجوب تعويض الكويت على ما تعرضت له من ضرر.

بعد هذا التحدي أين اتجهت في عملك؟

في هذه الفترة، تم نقلي الى شركة نفط الكويت فعملت بوظيفة ناظر عام المكامن في العام 1991 وافتخر بأنني ساهمت في تطوير المكامن والتعامل مع بيوت استشارية عالمية لتقييم الاضرار لجميع المكامن التي تضررت من إحراق الآبار.

عملت في إدارة التخطيط والاستكشاف والتطوير، كيف وجدت هذه التجارب؟

في عام 1995م أصبحت مديرا لإدارة التخطيط وجلست فيها حتى عام 1997م لأصبح مدير الاستكشاف والتطوير وفي هذه التجربة وجدت سعادة كبيرة من خلال استغلال المعرفة الفنية والحرص على العمل وفق أسلوب اللامركزية فكنت أحرص على توجيه الموظفين لا تجريحهم لأنني أؤمن بأن كثيرا من الموظفين لديهم القدرة على العمل ولكنهم يحتاجون الفرصة المناسبة.

كيف وجدت تجربة العمل كنائب عضو منتدب؟

كلما ارتقيت في المناصب وجدت المسؤولية أكبر والحاجة للعمل أكثر، وتجربة العمل كقيادي في مجال الاستكشاف وتطوير الإنتاج بدأت في عام 1999م وحتى عام 2001م وقد جعلتني قريبا من الإدارة العليا وكانت فرصة لتوظيف الخبرة التي اكتسبتها وقد واجهت تحديات كبيرة في هذه الفترة لعل أبرزها دعم المؤسسة للشركات فأنا اهتم بوجود اتصال كبير بين المؤسسة والشركات التابعة لها.

ما المناصب التي تدرجت فيها قبل الوصول لمنصب الرئيس التنفيذي؟

في عام 2001م أصبحت نائبا لرئيس شركة نفط الكويت، ثم في عام 2004م أصبحت رئيس شركة نفط الكويت، وقد كانت هذه المراحل مليئة بالتحديات لكنها مع ذلك كانت ممتعة لأنني اهتم دائما بوجود فريق عمل ناجح ولم أكن لأنجح من دون وجود فريق عمل ناجح حتى عام 2007م انتقلت للعمل في شركة البترول الوطنية وقضيت فيها 3 سنوات نجحت في أن أجمع الفريق على رؤية واحدة.

اليوم أنت الرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول الكويتية فما هي طموحاتك وتطلعاتك؟

بكل تأكيد احرص على الارتقاء بالقطاع النفطي وهو رؤيتنا جميعا من خلال التعاون مع الأعضاء المنتدبين والذين أجد فيهم إخلاص ورغبة في العطاء المستمر وقد نجحنا في فترة قصيرة في مجال التسويق العالمي كما أن لدينا العديد من المشاريع التي نحرص على تنفيذها بالوقت المحدد هذا إلى جانب العمل على توفير البيئة المناسبة للموظفين وكما قلت أعتقد أننا نحتاج إلى مزيد من الوقت.

هل هناك موقف بارز في حياتك العملية لا تنساه؟

بعد تدريب عام ونصف العام في أميركا وعندما عدت إلى الكويت عملت في المكامن، وعملت مع زملاء من المختصين في الجيولوجيا وعلى رأسهم المرحوم نبيل الجزيري والذي كان يشغل ناظر قسم الجيولوجيا في شركة نفط الكويت، واذكر انه قال لي في العام 1982: اذا استمررت بهذا الاسلوب في العمل فستصبح قياديا في مركز عال في المستقبل، وكانت هذه الكلمات لها وقع كبير في نفسي، وعندما اصبحت رئيسا تنفيذيا تذكرت المرحوم نبيل الجزيري وتمنيت ان يكون معنا، رحمة الله عليه.

كم عدد المؤتمرات والندوات التي شاركت فيها وماذا استفدت من المشاركة؟

شاركت في أكثر من 10 مؤتمرات عالمية في دول مختلفة وكذلك شاركت في العديد من الندوات واستفدت من ذلك أنني كسرت حاجز الرهبة وعرفت فنون مواجهة الجمهور ورأيت أفكارا جديدة ومعلومات مفيدة فالمؤتمرات الدولية أفادتني كثيرا في الجوانب الشخصية وكذلك في الجوانب المعرفية.

ما الأسلوب الذي تجد له أثرا في رفع الروح المعنوية لدى الموظفين؟

بلا شك أسلوب المشاركة وأخذ الآراء لان هذا يشعر الموظف بمدى أهميته في المؤسسة التي يعمل فيها وكذلك أسلوب المكافأة لان الموظف الذي يعمل بإخلاص ولا يجد أثرا لما يعمله بكل تأكيد لن يستطيع الاستمرار بتقديم المزيد وبذلك يوصي علماء الإدارة.

علام تحرص في عملك؟

أحرص على الحضور مبكرا وكذلك أحرص على قراءة التقارير لاسيما التقارير التي تتعلق بالاقتصاد العالمي وهذا الأمر له أهمية كبرى حتى نعرف إلى أين تسير الأمور؟ وماذا نحتاج؟ وهذه الأمور أجدها مهمة بالنسبة لي.

هل لا زلت تتعلم ام تجد نفسك اكتفيت؟

من يخجل من القول بأنه مازال يتعلم فلن يصل إلى غير الجهل وأنا ما زلت أتعلم وقد استفدت كثيرا من زملائي في العمل في الماضي والحاضر، وهكذا ينبغي أن يكون الإنسان الناجح في رحلة مستمرة من أجل العلم والتعلم، وتطوير القدرات والمهارات يحتاج إلى جهد.

سمعت أنك رفضت الكثير من اللقاءات الصحافية فلماذا؟

الإعلام مهم جدا وأنا أحترم الرسالة الإعلامية ومنتسبيها لكن في بعض الأحيان لا أحب أن أكرر نفسي وفي الزملاء «خير وبركة» وأحيانا أخشى أن يفهم كلامي بشكل خاطئ.

ما رسالتك للشباب؟

رسالتي للشباب أن يهتموا بوضع أهداف واضحة وأن يثبتوا قدراتهم، فالوصول عن طريق الأفعال هو النجاح الحقيقي وأنصحهم بالجد والمثابرة والتزود بالمعلومات الكافية وعدم اليأس من العقبات التي قد تواجههم لأن الحياة فيها الكثير من المعوقات، والشخص الناجح هو الذي يعرف كيف يتخطى الصعاب كذلك أنصحهم باختيار التخصصات النادرة التي لها مستقبل وهذه نصيحتي لأولادي الحرص على اختيار التخصص المناسب هو نصف الطريق للنجاح.

برأيك ماذا يحتاج القطاع النفطي في الكويت؟

القطاع النفطي في الكويت قطاع مهم وحيوي للغاية وهو ولله الحمد يحظى باهتمام كبير جدا وما يحتاجه هو أن يبتعد عن السياسة وأن يأخذ وقته للتطور فنحن نحتاج وقتا لتطوير القطاع النفطي.

كيف يمكن الارتقاء بالصناعات النفطية؟

الصناعة النفطية تحتاج إلى قيادة تستند الى خطط واضحة واستراتيجيات محددة وكذلك من خلال استغلال الكفاءات وإعطاء الفرصة للإبداع والتطوير وخلق جو مناسب للعمل وهذه الأمور نحن ننظر إليها بعين الاعتبار لأننا نعيش في زمن التحديات والواقع يتطلب منا أن نعمل دائما للأفضل.

هل أنت تعطي فرصة لمن يعمل معك؟

نعم، أعطي فرصة لمن يعمل معي وهذا يكون بإعطاء مساحة واسعة من الثقة والتعاون وشخصيا أقبل وأتفهم وقوع الخطأ لأن من يعمل يجب أن يخطئ واحترم من يتعلم من الخطأ ومع هذا لا أحب اللوم لأنه لا يأتي بنتيجة إيجابية بل ربما ساهم في ضياع المؤسسة وعرقلة العمل دون فائدة.

كيف نحقق نجاحا في أعمالنا؟

من خلال تجربة دعني أؤكد لك أنه متى ما كان الهدف واضحا ومحددا كان الوصول إلى النجاح سهلا وما يؤكد هذا الكلام تجربتنا في إطفاء الآبار فقد نجحنا وبفترة قياسية لأن الهدف محدد ولان الرغبة موجودة استطعنا تحقيق نجاح كلي.

برأيك كيف يمكن مواجهة الأزمات خصوصا أن النفط مرتبط بالعرض والطلب؟

الأسلوب الأمثل أن نحاول منع الأزمة قبل وقوعها لا أن ننتظرها تقع وهذا الأمر لا يكون إلا بمعرفة كيف نتعامل مع المستقبل من خلال وجود نظرة مستقبلية واضحة.

هل صحيح ما تم نشره في بعض التقارير من أن الكويت لا تملك احتياطي نفط كافيا؟

من خلال خبرتي في العمل في المكامن أؤكد أن احتياطي النفط ممتاز جدا والخير «وايد» ونحن نعرف قياس احتياطي النفط من خلال العلم بإدارة المكامن.

يقال ان الواسطة تلعب دورا هل لجأت لها خلال رحلتك؟

الحمد لله أنني تدرجت في عملي بعد أن خضت العديد من التجارب ولم أصل بواسطة بل بثقة وتقدير من أصحاب القرار وأنا أجد أن هذا الأمر فيه مسؤولية كبيرة جدا وهو ما يدفعني للعمل والإنجاز وجميل أن تكون أعمالك هي واسطتك.

هل تجد صعوبة في التعامل مع نواب مجلس الأمة؟

لا شك أن للنائب دورا كبيرا في الارتقاء بالبلد وبالتالي مهم أن يلاحظ الأمور ويقدم الملاحظات ونحن نتفهم دور النواب ونقدر جهودهم وحرصهم الدائم والمستمر على الارتقاء بالقطاع النفطي ونحاول دائما التوضيح لهم فيما يحتاجون إلى معرفته، والحمد لله علاقتي معهم طيبة ولله الحمد.

ماذا عن مستقبل النفط الكويتي؟

مستقبل النفط الكويتي جيد جدا مادام النفط والغاز لاعبين رئيسيين والطلب بازدياد وهناك دول واعدة ولنا معها تعاملات كبيرة فهي تنظر إلى النفط كمصدر رئيسي للطاقة إلى جانب علاقتنا مع الصين وكوريا واليابان والهند والعلاقة معهم استراتيجة وأسواقهم أسواق كبيرة ومتطورة.

البعض يقول بإنك

لا تملك قرارا؟

في حياتي تعودت على ألا أقول «لا» ودائما أعطي الثقة واعرف متى اتخذ القرار ولذلك يعتقد البعض أن هذا الأمر ضعف بينما هو في حقيقة الأمر خطوة في الطريق الصحيح نحو إدارة ناجحة، فأنا أحب إعطاء الفرص ومن ثم المحاسبة.

كلمة أخيرة تود إضافتها؟

أشكركم على اللقاء وأتمنى أن يكون لقاء مفيدا للقارئ الكريم.

ثمرة النجاح

الحديث عن الأبناء دائما يأخذ جزءا كبيرا من حياة أي شخصية ناجحة وفي سياق حديثنا عن الأولاد ببالغ الصبر تحدث بو حمد عن فاجعته بوفاة ابنه الأكبر حمد، رحمه الله رحمة واسعة، ثم تحدث عن ابنه حسين وهو متخصص في العلوم السياسية ويعمل في وزارة الخارجية في المجال الديبلوماســي.

وأما مشعل فيدرس هندسة بترول في الولايات المتحدة الأميركية وأما ابنته حنان فهي صيدلانية ودلال تعمل في الديوان الأميري وأما هنوف وهي الأصغر فمازالت في رحلة الدارسة ولم تتخصص بعد.

السفر وتجارب ناجحة

أثناء حديثـي مـع بـو حمـد ذكـر أنـه لا يحـب السفر والترحـال كثيـرا إلا الرحلات التي تكون للعمل مع مراعاة أن تكون غير طويلة لنتوقف عند بعض الدول التي زارها فقد أبدى إعجابه باليابان والصين وكوريا إذا انها دول آخذة بالاتساع والتطور موضحا أنه وعلى الناحية الشخصية يحرص دائما على الاستفادة من كل تجربة ناجحة ويعمل على تطبيقها.

شكراً رفيقة الدرب

في سياق حديثنا عن الحياة الشخصية للرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول ذكر قاعدة مهمة من قواعد النجاح والتميز وهي وجود امرأة صالحة موجها كلمات الشكر والتقدير لرفيقة الدرب، قائلا: هذه شريكتي في صناعة كل نجاح، وكانت من المهندسات اللاتي اثبتن قدراتهن خلال فترة قصيرة في شركة نفط الكويت في اوائل الثمانينيات.

نصيحة

يجب أن يتخلص المرء من الأنانية لأنها أكبر عائق أمام الإنسان الراغب في الوصول إلى النجاح والتألق، هذه هي نصيحة الرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول لكل من يرغب في الوصول الحقيقي إلى النجاح.

عمل جماعي

أثناء اللقاء كثيرا ما كان الرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول يشيد بجهود العاملين معه، ولعل الأمر الذي لفت انتباهي الى أنه يذكرهم بالاسم، مؤكدا أن النجاح في المؤسسات لا يمكن تحقيقه بشكل فردي بل لابد من العمل الجماعي.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.