أزمات مالية للمنتجين الكويتيين بسبب أجور الفنانين

تمرّ الدراما الكويتية هذه الأيام بأزمة لا ترتبط فقط بالأحداث السياسية التي يمر بها العالم العربي أو بالأزمات الاقتصادية لبعض القنوات الفضائية، بل قد يكون السبب الرئيس لها النصوص المكررة التي وضعت في غير سياقها وذهبت تغرد بعيداً عن واقع المجتمع وعاداته وتقاليده، والأجور التي قصمت ظهر العديد من المنتجين الجدد بعدما أصبح البعض منهم يحجز «غروب» كاملاً من الفنانين في عدد من الأعمال بأجور خيالية ومُبالغ فيها لم يحصل عليها فنانون يعملون في الساحة الفنية منذ 15 عاماً.

ارتفاع الأجور جعل العديد من النجوم الشباب يعيشون وكأنهم نجوم هوليوود، فكلما وجدوا مهرجاناً هرولوا إليه رغم أن تاريخهم الفني بسيط، وكان الأولى بهم صقل مواهبهم والعمل بموضوعية، لكن ما حدث هو أن حالة التسويق تمر بأزمة وأصبح العديد من المنتجين يعاني من أزمات مالية بسب مغامراتهم في رفع أجور عدد من الفنانين بحجة أنهم يسوّقون عملهم لأنهم نجحوا في أعمال سابقة، إلا أن الرياح جاءت بما لا تشتهي السفن وتوقفت عجلة الإنتاج إلا القليل منها، ليبقى السؤال هل يعيد الفنانون النظر في خفض أجورهم أو أنهم سيظلون متمسكين بها؟

وقدألقت حالت الركود في الدراما المحلية هذا العام بظلالها على الفنانين والفنيين وجميع العاملين في الوسط، إلى درجة أن الكثير منهم أصبح يستخدم النكات والافيهات حين يدور الحديث أن هناك عملاً يصوّر قريباً، فقد كشفت الأزمة هشاشة العديد من المنتجين والكتّاب وحتى الفنانين الذين خرجوا علينا نجوماً فجأة ومن دون مقدمات، وتتلخص هذه الهشاشة في عدم الاهتمام بالجودة أو البناء على قاعدة سليمة تضمن نهوض هذه الصناعة والتعامل مع الأحداث الاقتصادية والسياسية بحكمة لتظل الدراما موجودة على الساحة، فما حدث هو تحويل الدراما إلى أفكار مكررة سئم الناس منها، فكلما نجح عمل يحمل فكرة معينة ذهب الجميع إلى تقليده.

أما المصيبة التي تسبب بها المنتجون وبعض القنوات، فكانت بتحويل الدراما إلى فيديو كليب يجمع فتيات عدة في مسلسل واحد، الأمر الذي جعل المعلنين يهربون من هذه الأعمال ويشترطون على القنوات ألا تعرض إعلاناتهم فيها، ليجف نهر الدراما ويتحسر المنتجون بعد أن ظلت مجموعة من أعمال الموسم الماضي من دون عرض.

وبوجود هذه الأزمة وقع العديد من المنتجين والفنانين في حيرة من تراجع الدخل المادي الذي كان يأتيهم من الفن ويعتمدون عليه. لكن يبدو أن الإنتاج الدرامي دخل في حالة ضبابية رغم ظهور بصيص أمل بتصوير بعض الأعمال، إلا أن الأجور ما زالت هي اللاعب الأساسي… وفي هذا التحقيق نسأل عن إمكاينة أن يخفض الفنانون أجورهم أو أن المنتجين سيستغلون الحالة ويذهبون بها إلى أدنى مستوى.

الفنان أحمد الصالح رأى أن الأجور لن تنخفض بالنسبة إلى النجوم المعروفين في الساحة حتى وإن ظلوا بعيدين عن الأعمال الفنية، «علينا أن ننظر إلى الموضوع بمنحى آخر، وهو أن الحالة المعيشية أصبحت باهظة التكاليف، والفنان مطالب بأن يعيش بشكل جيد حتى يستطيع العمل، فهو يجسد من خلال الشخصيات التي يقدمها معاناة الآخرين ومن الصعب أن يعاني هو في الحياة خصوصاً في الأمور المادية»، مطالباً بوجود بدائل أخرى بدلاً من تخفيض أجور الفنانين.

واعتبر الصالح أن الأزمة التي حدثت في قضية ارتفاع الأجور وتسويق الدراما تعود إلى أن «العديد من المنتجين اعتمدوا على شخص واحد أو اثنين في عملية التسويق، وأصبح هو الوحيد المعروف لدى الفضائيات، لذلك هو من تسبب بارتفاع الأجور الخيالية وأغرى الفنانين، لكنه لا يدرك أن السوق لا يمكن أن تسير على ما يريده دائماً»، داعياً إلى «التوسع في تأسيس شركات تسويق جديدة للدراما وفتح أسواق غير تقليدية من أجل أن تدور العجلة مرة أخرى».

أما الفنانة فاطمة العبد الله فقالت: «هذه الأزمة يجب أن نستفيد منها جميعاً، وأن نضحّي من أجل أن تعود عجلة الإنتاج مرة أخرى، فغالبية الوجوه الشابة تجامل المنتجين في الأجور لا سيما إذا كان المنتج جديداً أو كان صريحاً في ما يحصل عليه من الجهة الأصلية للإنتاج مع الفنان».

واعتبرت العبد الله أن «الأزمة لن تؤثر إلا في مجموعة «الطمّاعين» من الفنانين الذين لا تكفيهم ثلاثة أو أربعة أعمال في الموسم الواحد إلى درجة أنهم لم يستطيعوا النوم أو الذهاب إلى منازلهم»، متوقعة أن من رفع أجره بشكل مبالغ فيه سيعيد النظر إذا أراد التواجد في الساحة مرة أخرى».

ومن جهتها، قالت الفنانة عبير الخضر إن «المنتجين هم من صنعوا هذه الأجور والآن يعانون منها ويقولون «خربت بيتنا»، علينا أن نعرف جيداً أن من صنع هذه الغروبات التي كررت الأعمال والوجوه هم المنتجون والآن يدفعون الثمن، لكن الحسنة الوحيدة التي تحدث الآن هو أن بعض الفضائيات تقدم منتجين جدداً بعدما سادت العشوائية في كل شيء».

وأضافت الخضر: «لقد تعاملنا مع الدراما بشكل لا يليق بها من خلال نصوص غير قوية، ثم بدأنا نجعلها دراما مؤنثة من خلال جمع الفتيات في مسلسل واحد وهو ما جعلها تتراجع»، مطالبة بضرورة أن يعيد الجميع النظر في الدراما بشكل يجعلها مزدهرة.

المنتج خالد البذال أكد أن «الفنانين الجدد أصبحوا يطلبون أرقاماً فلكية في أجورهم بما لا يتناسب مع تاريخهم أو موهبتهم أو حتى قدراتهم الفنية في الوقت الذي لم تعد الفضائيات تدفع أموالاً باهظة أو حتى تنتج أعمالاً».

وقال البذال: «شخصياً رفضتُ أن يتعاملوا معي بهذه الطريقة لأنني قرأت ما يحدث في الساحة، والدليل أن جميع القنوات الآن لم تعط «منتجاً منفذاً»، ولم يعد يبقى لهذه الدراما سوى تلفزيون الكويت، وإذا أراد هؤلاء أن يعملون فيها فعليهم أن يعيشوا الواقع ويقبلوا بالأجور نفسها التي كانوا يعملوا بها منذ عامين»، مشدداً على أن «الدراما الآن لم تعد تتوقف على نجم بقدر ما تتوقف على حكاية جميلة في النص ومخرج متمكن وجودة في الإنتاج».

بدوره، رأى الفنان أحمد السلمان أن «الوضع الحالي سيدفع المنتجين إلى خفض أجورهم لأنهم في النهاية يفكرون في مصالحهم، كما أن النجوم الكبار لم يرفعوا أجورهم في المرحلة الماضية، ومن المستبعد أن يقوموا بتخفيضها على الإطلاق، لكن قضية خفض الأجور موجهة إلى الجيل الجديد من الفنانين لاسيما الذين رفعوا أجورهم خلال الثلاث سنوات الماضية بشكل كبير».

وأرجعت الكاتبة والمنتجة عواطف البدر المشكلة إلى «الدراما التركية والحالة الموجودة في العالم العربي»، وقالت «علينا الاعتراف بأن الدراما التركية توغلت في العالم العربي في وقت يعاني فيه من أزمات سياسية ساهمت في وجود أزمة تسويق لدى الكثير من المنتجين، وبالتالي ستنعكس على الأجور»، مشيرة إلى أن «رفع الأجور من قبل الجيل الجديد خلال السنوات الماضية تسبب بأزمة».

واعتبرت البدر أنه «كان لبعض المنتجين سوء تقدير في التعامل مع الأجور خلال الفترة الماضية وساهموا في انتشار سيّئ لبعض الوجوه التي تواجدت في الأعمال وطالبت بأجور خيالية، والآن يدفع الجميع الثمن».

وأضافت: «قد يستحق بعضهم الأجر الذي يطلبونه، لكن تواجدهم في كل القنوات ساهم في استهلاك الأعمال إلى درجة أن القنوات لم تعد تقبل وجودهم في أعمال جديدة».

المصدر “الراي”

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.