الرئيس التونسي: عندما عارضت غزو الكويت اتهموني بأني عميل

يحمّل الرئيس التونسي المنصف المرزوقي بلاده مسؤولية التقصير في انطلاق العلاقات مع الكويت إلى آفاق أرحب، لكنه يعد انه سيتم تجاوز جميع المشاكل بعد اجراء الانتخابات البرلمانية وتشكيل حكومة تونسية مستقرة.

ويعتبر المرزوقي ان ثمة أجواء ممتازة بين البلدين في الوقت الحالي «والمشكلة الآن عندنا وليست عند الكويتيين»، مضيفا «بنسبة الف في الف لدى الكويت استعداد للتعاون والمضي قدما مع تونس في توسيع مجالات الشراكة، وهذا ما لمسته في محادثاتي مع سمو الأمير».

استذكر المرزوقي الذي ترأس وفد تونس في المؤتمر الدول المانحة للشعب السوري الذي استضافته الكويت أخيرا في حوار مع «الراي» موقفه المعارض للغزو العراقي في 1990، مؤكدا «لم يكن ذلك لأي شيء ولم اكن انتظر من الكويت اي شيء، لكن عانيت ما عانيت من (القومجيين) الذين اتهموني بأني عميل وباني اقبض اموال من الكويت وكل هذا الكلام الفارغ».

واشاد المرزوقي بما حققه المؤتمر من دعم للاجئين السوريين، منبها في الوقت نفسه إلى ان «عملية جمع الأموال لتقديم المساعدات اللازمة التي يحتاجها اللاجئون هي ضرورية، لكن المسألة السياسية يجب ان نجد لها حلا ايضا»، معتبرا ان «الطريق الذي سلك عسكرة الانتفاضة ودخول كل الأطراف على الخط بداية بالأطراف الجهادية والاستشهادية والتكفيرية اربك الأمور وقلب الثورة الديموقراطية السلمية إلى حرب اهلية قذرة».

واضاف ان «الحل السياسي من وجهة نظري يتمثل في جلوس السوريين الى بعضهم البعض»، مؤكدا ان «الأسد لا يستطيع ان يحكم ويجب ان نجد له منفذا ليخرج ويذهب الى حيث يريد ولا نلاحقه اذا قبل فعلا بحقن الدماء».

ورأى المرزوقي ان الكويت يمكن أن تكون خير سند لفكرة انشاء المحكمة الدستورية الدولية التي اقترحها في قمة الاتحاد الافريقي وتمت الموافقة عليها، موضحا انها ستكون مختصة باستقبال شكاوى «الأحزاب والمعارضات حول أي انتخابات مزيفة او انتهاك لحقوق الانسان من قبل الأنظمة».

وطمأن المرزوقي إلى ان «حركة النهضة هي حركة اسلامية تونسية بامتياز، منضبطة بالشأن التونسي وليس لها اي علاقة بالتوسع او الانتشار ولا يمكن ان تهدد اي طرف»، مشددا على ان «تونس خلافا لما يقال ليست بلدا يحكمه الاسلاميون».

واشار إلى «اننا بصدد تفكيك ظاهرة السلفية الجهادية لأنها من بقايا عهد بن علي»، مبينا ان «تونس عندها كل مقومات البقاء والاستمرار اذا خرجنا من عمق الزجاجة خلال 6 إلى 7 اشهر».

وفي ما يلي نص الحوار

• كيف تقيم مؤتمر المانحين لمؤازرة الشعب السوري في الكويت؟

– في البداية اعتبر هذا المؤتمر مؤتمرا انسانيا لحشد الأموال التي طلبتها الأمم المتحدة وقدرت بأكثر من مليار دولار لإعانة الشعب السوري ودفعت الكويت خمس هذا المبلغ. تونس من جانبها على الرغم من وضعنا الصعب سندفع مبلغا سيكون متواضعا بالنسبة للمبلغ الكويتي على شكل هبات ومساعدات، علما اننا ارسلنا الى سورية طائرتين محملتين بالمواد الغذائية وبالأغطية، وسنواصل هذا الدعم. ولكن يبقى الموضوع الأساسي يكمن في وجود كارثة انسانية، فالى متى سيبقى اللاجئون السوريون نازحين؟

نحن في تونس كانت لدينا تجربة في استقبال اللاجئين ايام الثورة الليبية وعانينا كبلد مضيف للاجئين من هذه الكارثة، وتحملنا الى ان تم حل المشكلة وعاد اللاجئون الى بلدانهم بمن فيهم الليبيون. لذلك فاذا دامت الحرب في سورية فماذا سيكون مصير كل هؤلاء الناس اللاجئين من بلدهم. اعتبر ان عملية جمع الأموال لتقديم المساعدات اللازمة التي يحتاجها اللاجئون في الدول المجاورة لسورية وفي سورية ذاتها هي ضرورية وخصوصا انه يمكن ان يكون بمثابة دعم معنوي ونفسي للشعب السوري الكبير. لكن المسألة السياسية يجب ان نجد لها حلا ايضا، وفي ما عدا وجود حل سياسي سيتواصل النزيف ولن تنفع عندئذ اي نوع من الاعانات.

• هل تبلورت لديكم رؤية واضحة لما يجدر القيام به لوقف هذا النزيف في سورية وما يمكن ان تفعله تونس لدعم اي حل سياسي في دمشق؟

– نحن دائما وأبدا كنا اصدقاء للشعب السوري واتذكر في اكتوبر الماضي عندما اجتمع اصدقاء سورية في تونس اني فاجأت الكثيرين من الحاضرين عندما قلت يجب عدم تسليح المعارضة السورية وعدم التدخل الأجنبي ويجب الضغط السياسي على بشار الأسد اولا بمواصلة انتفاضة ديموقراطية سلمية والضغط عليه عبر اصدقاء سورية وهم بالأساس (الصين وروسيا وايران)، ويجب الاستعداد لمرحلة انتقالية وان تكون هناك قوات حفظ سلام اممية وعربية وتونس مستعدة للمشاركة فيها، ويجب في الوقت نفسه اعداد مخطط على شاكلة (مخطط مارشال) لإعانة سورية. هذه النقاط كلها طرحتها منذ أكثر من سنة ويتضح في آخر المطاف ان ذلك هو الطريق الصحيح. الطريق الذي سلك الى حد اليوم اعتبره خطأ وذلك من خلال عسكرة الانتفاضة ودخول كل الأطراف على الخط بداية بالأطراف الجهادية والاستشهادية والتكفيرية، فذلك اربك الأمور وقلب الثورة الديموقراطية السلمية الى ثورة ركبت عليها هذه القوى التي هي في الحقيقة ليست لها اي مكان في هذا النوع من الثورات. كما ان التدخل الخارجي قوّض كل شيء بحيث ان هذه الثورة المسكينة تآمر عليها العديد من الأطراف. الشعب السوري ارادها ثورة سلمية ديموقراطية ونتذكر ان الشعارات كانت رفعت في بداية الثورة السورية «واحد واحد… سلمية سلمية» لكن الآن اصبحت حربا اهلية قذرة وهنا كل الناس تتحمل مسؤوليتها.

• جمع الأموال لمساعدة الشعب السوري، هل تعتبرون ان هذا اقصى ما يمكن القيام به الآن وان هذا هو ما يطلبه السوريون في الوقت الحالي؟

– هذه اجابة ظرفية لمشاكل ظرفية لكن الحل سياسي. إلا انه يجب ان نعيل اللاجئين الموجودين ويجب ان نطعم الجائع، لكن في الوقت نفسه يجب أن نبحث عن حل سياسي. الحل السياسي من وجهة نظري يتمثل في جلوس السوريين الى بعضهم البعض وايجاد حل ما بينهم ورفع كل الأطراف الخارجية يدها عن هذا الملف. انا آمل ان المعارضات السورية والنظام السوري على الأقل الجزء الوطني فيه الذي لا يقبل بخراب سورية ان يتفقوا على حل وسطي يتمثل في تشكيل حكومة انتقالية من المعارضة ومن الجزء النيّر والخيّر في النظام السوري، لأني اعتقد ان هناك داخل النظام السوري اناسا وطنيين يريدون لهذه المأساة ان تنتهي وهؤلاء هم من يكونوا حكومة انتقالية، والحكومة الانتقالية هي من تسرع بصياغة دستور واجراء انتخابات وعودة الشرعية، أما ما عدا ذلك ليس هناك خيار آخر.

القضية الأساسية هي قضية بشار الأسد هل يبقى ام لا يبقى. الآن حسب رأيي بعد كل هذا الدم الذي اريق، هذا الشخص لا يستطيع ان يحكم ويجب ان نجد له مخرجا. دائما كنت مع نظرية ان العدل ليس اهم من الحياة واذا تطلب ان يبقى 10 الاف من الناس احياء فلنقبل بالظلم، لذلك قلت فلنترك له منفذا ليخرج ويذهب الى حيث يريد ولا نلاحقه اذا قبل فعلا بحقن الدماء، هذا هو الحل الذي يجب ان نفتح من خلاله لهذا الشخص باب للخروج هو وعائلته سالمين وان نتعهد بعدم المتابعة ويكون هناك اتفاق واضح وصريح بأنه اذا قبل الخروج فلن نتابعه ويكون هناك اتفاق سياسي وبهكذا نضمن خروجه وتتواصل العملية سلمية، لأني لا انا شخصيا ولا الشعب السوري يستطيع التصور ان هذا الشخص يبقى في الحكم وكأن شيئا لم يكن.

• تونس هل مازالت تفتح ابوابها امام اي لاجئ سوري مهما كانت الظروف؟

– نعم، نحن الآن نستضيف 2000 لاجئ سوري استقبلت بعضهم في قصر قرطاج وأتابع شخصيا اوضاع الكثير منهم وتونس مفتوحة لأشقائنا السوريين. انا لا أنسى ابدا انهم شعب من أكثر شعوب الأمة ضيافة. فقد استقبلوا مئات الآلاف من الفلسطينيين سابقا واللبنانيين والعراقيين. سورية كانت البلد الوحيد العربي في فترة ما الذي يمكن ان ندخله من دون تأشيرة وأعتبر سورية قلب الأمة النابض واننا مقصرون جدا امامهم.

• انتم في زيارتكم الثانية الى الكويت، الى اي مدى تعززت العلاقات بين تونس والكويت بعد الثورة؟

– العلاقات مع الكويت بالنسبة لي اعتبرها دائما علاقات مبدئية، فعندما عارضت غزو الكويت في التسعينات لم يكن ذلك لأي شيء ولم اكن انتظر من الكويت اي شيء، واعتبرت انذاك ان الشعب الكويتي تسلب ارادته وهذا مخالف للقانون الدولي وللتقاليد العربية الاسلامية وبالتالي انا اخذت موقفا مبدئيا ولم يكن لي في ذاك الوقت ادنى مصلحة لموقفي هذا، وعانيت ما عانيت من «القومجيين» الذين اتهموني بأني عميل وبأني اقبض اموالا من الكويت وكل هذا الكلام الفارغ. والآن انا على الموقف نفسه، فنحن نريد علاقات مبنية على اساس الاحترام المتبادل والأخوة.

انا اكتشفت ان سمو الأمير عنده استعداد كبير للتعاون مع تونس ويكن محبة كبيرة لتونس وهذا يثلج الصدر، والآن القضية في تفعيل بعض الاتفاقيات، علما ان الكويت عبر صندوقها للتنمية تعتبر من أولى الداعمين لتونس من خلال الاعانات. الآن هناك جو صفاء نفسي وسياسي ممتاز بين الدولتين فقط يجب ان نفعل امورا تقنية، والمشكلة الآن عندنا وليست عند الكويتيين الذين هم مستعدون فعلا لاعانتنا فمسألة تفعيل بعض الاتفاقيات الثنائية تنتظر حكومة تونسية مستقرة. يجب القول ان وضع تونس الآن صعب لأننا في مرحلة انتقالية فالملفات مرمية امام كل مسؤول سياسي، واعتقد انه من 6 الى 7 اشهر من الآن سيستقر الوضع وتتم كتابة الدستور وتتم الانتخابات، عند ذلك ستصبح الرؤية اوضح بوضع حكومة لمدة خمس سنوات وفي ذلك الوقت سنغتنم جميع فرص التوافق السياسي بين الكويت وتونس لكي ندفع الى ان تكون العلاقات مثالية.

بنسبة الف في الف لدى الكويت استعداد للتعاون والمضي قدما مع تونس في توسيع مجالات الشراكة، وهذا ما لمسته في محادثاتي مع سمو الأمير. وهذا يجعلني على ثقة تامة بأن العلاقات التونسية – الكويتية ستكون ممتازة ومثالية.

• زرتم دولاً خليجية كثيرة، هل وجدتم الدعم والتجاوب نفسه من هذه الدول للتعاون مع تونس في الفترة الراهنة والمستقبلية؟

– نحن نريد بناء علاقات متساوية مع كل هذه الدول وانا ببعدي العروبي اعتبر ان تونس هي جزء من الأمة العربية. تونس في وقت من الأوقات تركت بعدها الأفريقي والعربي ليكون لها بعدها الأورومتوسطي، وسنحافظ على البعد الأورومتوسطي وعلاقتنا متينة بالغرب ويجب ان تبقى، لكن نريد ايضا ان نربط تونس بفضائها الأفريقي، تصور على امتداد 30 سنة بن علي لم يزر دولة افريقية واحدة، وانا زرت في سنة واحدة اكثر من بلد افريقي وبنفس وتيرة الانفتاح في العلاقات، تونس اليوم تريد علاقات متينة مع الدول العربية وفي اطار هذه الاستراتيجية نريد علاقات متميزة مع بلدان الخليج وكل بلد فيه ارتباطات اكثر واجمالا تنسجم في محيطها العربي، الشيء الثابت هو لم اجد اي صعوبة مع كل هذه الدول وسنفتح باب تعاون جديدا مع الامارات واتفقنا على تبادل الزيارات.

• بعد نحو سنة من الغاء التأشيرة لدخول الخليجيين الى تونس، هل تعتقدون ان مثل هذه البادرة عززت من زيارات الخليجيين الى تونس؟

– نحن رؤيتنا استراتيجية برفع التأشيرة ونريد علاقات متينة أكثر وتبادل زيارات ورحلات من دول الخليج والى تونس بوتيرة أكبر، ولذلك فإن مثل هذه البادرة لا ندعي انها حققت هدفها بين عشية وضحاها لكنها رؤية استراتيجية لمستقبل العلاقات التونسة الخليجية، وانا اعتقد انه باستقرار تونس الذي سيكون مسألة اشهر مع ارساء حكومة بعد الانتخابات سيكتشف الخليجيون ان تونس هي بلد يشعرون فيه بالدفئ والأمان لأنه بلد عربي مسلم، وفي الوقت نفسه بلد يمكن ان يجدوا فيه ما يبحثون عنه في اوروبا. انا اعتقد انهم سيحبون تونس وان تونس ربما ستلعب الدور الذي كان يلعبه لبنان في وقت من الأوقات في السبعينات والثمانينات.

• لننتقل الى المبادرة التي طرحتموها أخيرا قبيل وصولكم الى الكويت وذلك في القمة الأفريقية في اديس ابابا وكنتم اعلنتم عن فكرة انشاء محكمة دستورية دولية، حدثنا عن هذه الفكرة وهل لاقت دعما دوليا؟

– هي فكرة راودتني عندما كنت في المعارضة وكان الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي يقيم انتخابات في 99 و 2004 و2009 (انتخابات تاسعة وتسعينية)، فلم يكن للمعارضين ما يفعلونه امام انتخابات غير نزيهة ولم تكن هناك اي محكمة يستطيعون ان يلجأوا اليها ولم تكن هناك اي مؤسسة دولية كنا نستطيع ان نلتجئ اليها لنطالب بإثبات ان هذه الانتخابات مزيفة وان هذا الشخص سرق مستقبلنا وسرق سيادتنا الى آخره. فكرت في ذاك الوقت في انشاء محكمة دستورية دولية، مثل محكمة العدل الدولية التي تذهب اليها الدول لتشتكي في قضايا تخاصم قانونية او سيادية مثل تقاسم الحدود، فقلت لما لا يكون هناك محكمة دولية تلتجئ اليها الأحزاب والمعارضات لتقول ان هذه الانتخابات مزيفة او هذا النظام ينتهك حقوق الانسان. يقال بأنه يجب ان يكون هناك دستور دولي حتى تكون هناك مثل هذه المحكمة، الدستور الدولي موجود متمثلا في القانون الدولي والميثاق العالمي لحقوق الانسان والمعاهدات والاتفاقيات التي وقعتها كل الدول، اذا فان حزمة هذه القوانين موجودة وتشكل دستورا دوليا، لذا قلت لما لا تنشأ مثل هذه المحكمة وقلت ايضا ان القانون الدولي ناقص لأنه لو كانت مثل هذه المحكمة الدستورية الدولية تنتقد الانتخابات المزيفة، فستكون لها تبعات حيث يمكن ان تتخذ بعض الدول الديموقراطية في العالم قرارات بعدم الاعتراف بأنظمة فائزة من خلال انتخابات مزيفة. كانت فكرة نظرية.

• هل وجدت فكرتكم تجاوبا؟

-انا في البداية كنت اتصور انها لن تجد تجاوبا لكن الاتحاد الافريقي قبلها، لأنه يتألف اليوم من دول ذات غالبية ديموقراطية لا تخشى من مثل هذه المحكمة ووجدت قبولا للفكرة من ثلاث الى اربع دول من اميركا اللاتينية ونبحث الآن عن مساندة دول عربية، واعتقد ان الكويت ايضا يمكن ان تكون خير سند لهذه الفكرة، ومن ثمة سوف نذهب الى الأمم المتحدة وشيئا فشيئا يمكن ان نتوقع انه بعد 20 الى 30 سنة ستوجد مثل هذه المحكمة. اذكر ان المحكمة الجنائية الدولية على سبيل المثال بدأت كفكرة في سنة 1920 واخذت وقتا حتى تحققت فعلا لذلك مثل هذه المبادرات تأخذ وقتا حتى تتبلور. المحكمة الدستورية الدولية اعتبرها ضرورة لبناء عالم القانون وتونس سيكون لها شرف المبادرة بهذه الفكرة.

• بعض الدول الخليجية ابدت تخوفها من الاخوان خصوصا في منطقة الخليج، وفي الوقت نفسه تونس ربما ينظر لها البعض على ان من يحكمها اسلاميون قريبون من الاخوان فهل تشاطرون من يتخوفون من امتداد نفوذ الاسلاميين في الدول العربية؟

– لا ابدا، اولا تونس الحركة الاسلامية الموجودة فيها هي حركة النهضة وهي حركة اسلامية تونسية بامتياز، تونسيتها هي خاصية تجعلها منضبطة بالشأن التونسي وليس لها اي علاقة بالتوسع او الانتشار ولا يمكن ان تهدد اي طرف. النهضة هي جزء من المشهد التونسي، والمشهد التونسي ليس النهضة، وتونس خلافا لما يقال ليست بلدا يحكمها الاسلاميون، فالنهضة لديها 89 مقعدا من 217 مقعدا في المجلس التأسيسي وهي لا تستطيع ان تحكم دون العلمانيين، وخلافا لما يقال فإن الحكومة هي حكومة ائتلافية فيها طرفان علمانيان وطرف اسلامي. لا يوجد اي داع للخوف. المشكلة التي نواجهها في تونس هي السلفية الجهادية التي بدأت تبرز وهي تشكل خطرا ربما لا يتجاوز مفرقعات اعلامية او تهديدات امنية ظرفية ولكنها لا تشكل اي شيء على استقرار تونس.

• هل هناك رؤية واضحة تونسية لتأطير السلفيين ام اقصائهم ونبذهم؟

– لا اريد ان اقول سلفيين لأن السلفيين طيف من اطياف الاسلاميين وفيهم الكثير ممن لا يشكلون اي خطر ولا ينتمون لأي حركات جهادية او تكفيرية، ونحن بصدد تفكيك ظاهرة السلفية الجهادية لأنها من بقايا عهد بن علي، لأن بن علي عندما ضرب حركة النهضة الجزء المعتدل في الاسلاميين فترك الفراغ، والفراغ احتلته هذه الجماعات المتطرفة وهذه الاشكالية لها بعد ثقافي، وبعد اقتصادي كالفقر وبعد امني وعندها بعد ديني ونحن نريد معالجة هذه الظاهرة على مختلف هذه الأصعدة وليس فقط على المستوى الأمني.

• هناك دعوتان في تونس على ما يبدو في خصوص من يوصفون بالاسلاميين المتشددين: دعوة لاحتضانهم ودعوة لاقصائهم تماما انت مع اي دعوة؟

– انا كرئيس جمهورية دوري ان أتعامل مع كل التونسيين الطيبين وغير الطيبين. هذا هو دور رئيس الجمهورية في بلد ديموقراطي، فأنا لست برئيس حزب، وانا استقبلت كل الوان الطيف السياسي ومن جملتهم جزء من السلفيين، وكل مرة اقول لهم اذا لم تتجاوزوا الخط الأحمر فأنتم من بين جملة التونسيين تمارسون افكاركم وتدعون اليها مع التزام عدم تعدي الخط الأحمر الذي هو العنف. اما هؤلاء الناس الذين هم دون خط العنف فسنتعامل معهم مثل بقية التونسيين والآخرون ممن تجاوزوا الخط الأحمر سنتعامل معهم كإشكالية امنية فهم لا يتركون لنا خيارا.

• اهم سؤال مطروح على الساحة التونسية متى سيتم التعديل الوزاري والاعلان عن حكومة تونسية جديدة؟

– انا طلبت تعديلا وزاريا في الحكومة لأن اداء الحكومة ناقص وطلبت حكومة صغيرة ومفعلة واذا امكن مفتوحة الى تيارات أخرى والنقاش متواصل والأمور صعبة لأن الحكومة الائتلافية اصعب ما يكون. لكن عندي امل اننا سننتهي بسرعة من المشاورات لأن هدفنا التعجيل فاشكاليتنا الكبرى اليوم في تونس هي التعجيل، كالتعجيل بالدستور والتعجيل بالانتخابات لأن الوضع الاستثنانئي الحالي غير مطمئن للاستثمار والبيروقراطية تنتظر، فنحن اليوم عندنا مشكلة مع البيروقراطية فالعديد من الملفات تنظر البت فيها لأن العديد يعتقدون ان الوزراء باقون لأشهر ولذلك لا يبتون في امور كثيرة حتى يتم تعيين حكومة مستقرة.

انا قناعتي ان تونس عندها كل مقومات البقاء والاستمرار اذا خرجنا من عمق الزجاجة التي هي فترة من 6 و 7 اشهر المقبلة.

• هل نتوقع اعلان حكومة تونسية جديدة قريبا في غضون اسبوعين مثلا؟

– اتوقع ان يكون قبل ذلك ان شاء الله سأعلن التعديل الوزاري الجديد.

• موعد الانتخابات متى سيتحدد؟

– لدينا خطوط حمراء فالانتخابات يجب ان تتم كما قال ذلك مرار رئيس الحكومة التونسية حمادي الجبالي بين شهري يونيو وسبتمبر المقبل.

• لماذا بقيت تونس شبه صامتة في ما يتعلق بالتدخل في مالي وخطر اتساع رقعة تنظيم القاعدة في المغرب العربي اثر هذه الأحداث التي تدخلت فيها الجزائر وفرنسا بقوة؟

– تونس لم تكن صامتة بل بالعكس جمعت المجلس القومي للأمن وكان حاضرا في الاجتماع رئيس الحكومة ورئيس المجلس التأسيسي ورئيس الأركان ووزير الخارجية واخذنا موقفا واضحا وصريحا، وقلنا اننا نتفهم الدخول الفرنسي في مالي لأن باماكو كانت ستسقط لكن نحن نطالب بانهاء الحرب في اسرع وقت وبرحيل القوات الفرنسية بأسرع وقت، لأننا نخاف ان تصبح هذه المنطقة عش دبابير، ونطالب بحل سياسي وذلك من خلال تقوية الحكومة المالية وتقوية الجيش المالي وحل مشكلة الأقليات الموجودة في ازواد وهذا موقفنا. اضيف يجب الانتباه الى ان هناك اقليات عربية افريقية وهي اقلية الطوارق واتخوف من حصول بعض العمليات الانتقامية، وللأسف بدأنا نرى مثل هذه الأعمال ضد الطوارق.

• الحدود التونسية مع الجزائر وليبيا هل هي آمنة؟

– نعم هي آمنة وهناك تنسيق أمني كبير، وهذه الحدود هي شاسعة يمكن لأي طرف ان يخترقها وممكن توقع حوادث صغيرة هنا وهناك، لكن اجمالا الحدود مؤمنة، وخصوصا من خلال التعاون السياسي والأمني الوثيق بين تونس وليبيا والجزائر. في النهاية احمد الله ان تونس علاقتها طيبة مع الجميع.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.