تحتفل الكويت بالذكرى السابعة لتولي سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح مسند الإمارة وسط ظروف إقليمية ومحلية بالغة الدقة والتعقيد تتطلب أن يتابعها المراقب السياسي والمهتم بشؤون وطنه، وأن يقيم أداء قادة المنطقة أيضاً بموضوعية ودقة لأهمية قراراتهم في هذه المرحلة، ولذلك يجب أن تنصبّ المتابعة والتقييم على المناسبة وصاحبها سمو أمير البلاد بقراراته المصيرية التي شهدتها الكويت في السنوات السبع السمان بالإنجازات والأحداث في عهده.
صباح الأحمد هو القاسم المشترك بين حدث اليوم ومؤسسي الدولة الكويتية المستقلة الحديثة المدنية منذ أكثر من خمسة عقود، فهو من أبناء الأسرة الذين شاركوا مع أهل الكويت في المجلس التأسيسي في صياغة رؤية الكويت الحديثة بدستورها وهويتها المنفتحة والمتطلعة للاندماج مع ثقافة العالم والتحضر الإنساني، وبعد خمسين عاماً يصوغ سموه مجدداً رؤية لكويت المستقبل كمركز مالي واقتصادي منذ أن تولى رئاسة مجلس الوزراء، وعززها عندما تولى الحكم بسياسات خارجية واقتصادية وسلسلة مؤتمرات دولية منتقاة أخرجت الكويت من الانكفاء الداخلي الذي عاشته بعد التحرير، وشهدنا كذلك صياغة خطة التنمية والمشاريع التنموية الكبرى التي لم تتحقق بسبب مشاكل الجهاز الحكومي المتوارثة، بينما شهد الكويتيون في عهد سموه المنح المالية من الدولة لأول مرة في تاريخ البلاد رغم الأزمة المالية (2008) التي عصفت بكل العالم ومرت على الكويت بسلام، كما أنه منذ أن تولى سموه زمام الأمور في الدولة لم تشهد ميزانية الكويت إلا الفوائض بما يحق معه أن يكون سموه “أمير الخير”.
وعلى مستوى العمل السياسي والحريات، فإن عهد صباح الأحمد هو الأوفر في الاستجابة للمطالب الشعبية منذ أن استجاب المغفور له الشيخ عبدالله السالم لمطالب الكويتيين بصياغة الدستور، فقد بدأ عهده بالاستجابة للمطالب الشعبية بتعديل الدوائر الانتخابية بعد أن استفتى الشعب الكويتي في انتخابات برلمانية أعادت أغلبية النواب الذين يطالبون بتعديل الدوائر، رغم ما أثاره بعض المتخصصين من سلبيات حيالها، كما شهد كذلك أول مشاركة للمرأة الكويتية في الحكومة وبعد ذلك في البرلمان، وصياغة قوانين فتح تراخيص الصحافة ورفع العقوبات الحابسة للحرية عن الصحافيين وتنظيم المرئي والمسموع وما تلاها من قوانين النزاهة وكشف الذمة المالية وحماية الوحدة الوطنية، وأوامر العفو السامية ضد صحافيين ووسائل إعلامية أدينوا قضائياً، بعدد أوامر عفو مجموعها لم تبلغه كل حقب الكويت منذ استقلالها، بما يؤكد سعة صدر سموه ومرونته في التعامل مع أبنائه. وفي عهده أيضاً شهدت الكويت حركة إعادة الانضباط وسيادة القانون من خلال إزالة مظاهر التعديات على أملاك الدولة التي بلغت مراحل شديدة السوء والإخلال بالشارع الكويتي، بالإضافة إلى تأكيد سموه المتواصل أنه حارس الدستور بما يحتويه من ضمانات الديمقراطية والحريات بما يؤكد أنه عن حق “أمير الديمقراطية”.
وفي جانب التعليم، فإن عهد صباح الأحمد يشهد أكبر طفرة تعليم وتنوير بخطة ابتعاث لم يسبق لها مثيل في تاريخ الكويت حتى مقارنة ببداية الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، إذ يبلغ عدد المبتعثين الكويتيين حالياً قرابة العشرة آلاف طالب في جميع أصقاع العالم علماً بأن الابتعاث إلى ثقافات عالمية أخرى هو عملية تعليم وتنوير ضخمة، بالإضافة الى افتتاح العديد من الجامعات الخاصة وبداية إنجاز المدينة الحلم منذ السبعينيات، وهي المدينة الجامعية، وانطلاق حملات شبابية ثقافية واجتماعية وسياسية برعاية الديوان الأميري، بما يجعل سموه عن حق “أمير العلم والتنوير”.
عهد الشيخ صباح الأحمد لا يقتصر على سبع سنوات فقط، فهو سيرة ممتدة لرجل دولة سيقف التاريخ أمامه كثيراً، ومازال عطاؤه مستمراً، فسموه لديه مهمة عظيمة يباشرها بحكمة وسعة صدر وأبواب مفتوحة لكل الكويتيين، وبحزم وشدة عندما يتعرض الوطن للمخاطر والفتن المهلكة، ولن نستطيع في مقالة أن نحصي مآثره وأفعاله للديرة وأهلها، لأن الكتب ستسطرها، وأهل الاختصاص سيروونها لأجيال وأجيال مقبلة، وستظل في ذاكرة وقلوب الكويتيين إلى الأبد، وكلنا كذلك نتطلع إلى مزيد من السنوات السمان بإنجازات الحب الكبير الذي يملأ قلب صباح الأحمد للكويت والكويتيين… فكل عام وسموك بخير وعافية.
المصدر جريدة الجريدة
قم بكتابة اول تعليق