سامي خليفة: يا نواب.. هيبة المجلس عالمحك

من الناحية النظرية، يمكن القول بأن هناك سعياً حثيثاً وجهودا واضحة لإظهار مجلسي الوزراء والأمة، وكأنهما منسجمان، وخصوصا بعد الإعلان عن تبنيهما لـ 18 أولوية، والسعي لإنجازها في المرحلة المقبلة، ولكن حقيقة الواقع هي أن الحكومة باتت جاثمة على صدر هذا المجلس، وشبه مسيطرة على إرادته، من دون وجود أي شوكة رادعة واضحة يمكن التعويل عليها في إعادة الميزان بين السلطتين من جديد.
ولا أقصد هنا أن يكون للمعارضة في البرلمان الأغلبية مقابل أقلية عند الحكومة، بل أحسب أنه من المهم اليوم لتدارك الأمر خلق كتلة مستقلة يزيد عددها على نصف عدد أعضاء البرلمان.. حينها يمكن أن تكون شوكة رادعة لأي استهتار حكومي في أداء هذا المجلس التشريعي والرقابي.
فلا يُعقل أن تكون مشيئة الحكومة وإرادتها نافذتين على مجلس الأمة، وكل ما تريده تحصل عليه، فيما مشيئة وإرادة أعضاء مجلس الأمة يعانيان التلكؤ والاضطراب وعدم الاستقامة؟!
وبمتابعة مختصرة لمخرجات هذا المجلس، يمكن قياس هذا التناقض واللا توازن القائم في العلاقة بين السلطتين. فكل ما أرادته الحكومة من مشاريع قوانين وطرق حل بعض القضايا نجحت في كسب تأييد المجلس وإقراره كأولوية للمرحلة المقبلة، فيما ليست الحال كذلك عند النواب الذين اضطر بعضهم إلى ترحيل أولوياتهم إلى المستقبل المجهول، في حين اضطر البعض الآخر إلى إعلان نيتهم استجواب بعض الوزراء، على أمل أن يتم وضع قضاياهم تحت الضوء، وإن كانت على حساب توتر العلاقة، مع تيقن الجميع بالفشل المسبق لأغلب تلك الاستجوابات، نظراً لنجاح الحكومة في الاستحواذ على «ضمائر» الكثير من النواب المخالفة لـ «قناعاتهم» أحيانا.
ولا يُعقل أيضاً أن تتجاسر الحكومة على هذا المجلس، إلى درجة ترفض فيها كل القضايا الشعبية المهمة التي ينتظرها سواد الناس اليوم، كإسقاط فوائد القروض وتحسين الوضع المعيشي للمواطنين وإيقاف الفساد وحل مشكلة «البدون»، وتقليص قائمة الانتظار في هيئة الإسكان، التي طالت كل الأسر تقريبا.. وغيرها. بمعنى آخر، لم يعد يشعر المواطن أن هناك مجلساً ذا هيبة يمكن التعويل عليه في تشريع قوانين شعبية تساهم في استقرار حالة المواطن المعيشية والاجتماعية، أو يمكن التعويل عليه في وقف نزيف الفساد المالي والإداري في مؤسسات الدولة، التي لم يكن آخرها تعيين بعض الوزراء لأقاربهم في المناصب الإشرافية العليا، والسعي لتمرير المشاريع الاقتصادية الكبرى بصورة يغلب عليها البعد التنفيعي على حساب المصلحة العامة.
وإذا كنا نرفض النموذج المشوه للمعارضة الإقصائية الإلغائية الفئوية العنصرية الطائفية التي جثمت على صدر مجلس 2012 (المبطل)، فهذا لا يعني أننا سنقبل بهذا المجلس، إذ استمر في انبطاحه بتلك الصورة التي فقد فيها هيبته، وبات عاجزاً عن تمرير القضايا الشعبية الملحة وإيقاف الفساد في البلد!
نقولها بكل صراحة، أيها السادة النواب الجدد.. سارعوا في استعادة هيبة المجلس قبل أن يمارس الشعب دوره في وضعكم بنفس خانة النموذج المشوه السابق، وينظر إليكم بنفس الازدراء! فالناس لم تعد تحتمل أن يلعب النواب اليوم على جروحهم ليستفيدوا من الوضع الحالي على حساب مصالح البلاد والعباد.
المصدر جريدة الكويتية

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.