الكويتية الصينية: مخاطر الاقتصاد العالمي أقل من العام الماضي

حذّر اقتصاديان من وحدة الدراسات بمجلة الإيكونومست والشركة الكويتية الصينية الاستثمارية، أنه على الرغم من أن بداية هذا العام تشهد تحسناً اقتصادياً ملحوظاً مقارنة بالعام الماضي، فإن الاقتصاد العالمي لن يشهد الانتعاش المنتظر في عام 2013 إذا ما استمرت الأزمات السياسية بتعطيل الحلول والسياسات الاقتصادية.

وافتتح كبير اقتصاديي الشركة الكويتية الصينية الاستثمارية، السيد/ فرانسيسكو كينتانا، جلسة اقتصادية خاصة بالمحللين والمستثمرين والاقتصاديين في الكويت، برسالة واضحة وهي أن الطريق للتحسن الاقتصادي لا يزال ضعيفاً في الوقت الحالي، حيث قال: “بالرغم من التفاؤل بحال الاقتصاد العالمي، لا نعتقد أن عام 2013 سيكون العام الذي يشهد فيه الاقتصاد العالمي عودة إلى مستوى النمو الذي كان يتمتع به قبل الأزمة المالية. فالمخاطر الحالية، وعلى وجه الخصوص المخاطر السياسية، قد تحوّل النمو إلى انكماش.”

ووافق مدير التنبؤ بالاقتصاد العالمي في وحدة الدراسات بمجلة “الإيكونومست”، السيد/ روبرت وارد، رأي كينتانا حول الوضع الاقتصادي العالمي لعام 2013 خلال الجلسة الاقتصادية، وتوقع أن تراجع الطلب على النفط حول العالم الذي سيدفع أسعار النفط إلى الانخفاض نسبياً، وأيضاً تزايد الاضطرابات السياسية في منطقة الشرق الأوسط، سيكونان عاملين في انخفاض النشاط الاقتصادي المتوقع للعام 2013. ومن ناحية أخرى، أضاف وارد خبراً إيجابياً حول الاقتصاد الحالي، فقال: “أعتقد أن هذه الأزمة تمتد على عشر سنوات، والخبر الجيد هو أن 2013 هي نقطة المنتصف، أي أنه بقي لنا خمس سنوات أخرى.”

وأضاف وارد: “تشير البيانات الصادرة عن الاقتصاد الأمريكي إلى تحسّن اقتصادي، مما يعطينا آمالاً بالعودة إلى طريق الانتعاش بشكل أسرع، ولكن ذلك غير كافٍ لأن يكون أساس التغييرات الاقتصادية حول العالم في عام 2013. وتبقى الإجابة في آسيا الناشئة التي تمثل 50% من الاقتصاد العالمي، والتي ستحدد ما سيحدث في الاقتصادات الآسيوية الأخرى، وستكون هذه الاقتصادات الناشئة الأفضل أداءً في عام 2013.”

ووافق كينتانا تطلعات وارد عن الأداء المستقبلي في آسيا الناشئة، وقال من ناحيته: “أنه على الرغم من أن ضعف حجم الصادرات والواردات عالمياً قد يستمر في 2013، ستكون دول آسيا الناشئة أكثر مرونة لهذه التغييرات، فنحن متفائلون بالنمو في آسيا وفي أن هذه الاقتصادات ستكون الأفضل أداءً خلال عام 2013.”

توقعات النمو العالمي في 2013:
قدمت الكويتية الصينية الاستثمارية توقعاتها للنمو في أهم الدول خلال عام 2013، وبينت أن النمو المتوقع في دول آسيا الناشئة مثل الصين، والهند، وماليزيا، وفيتنام، والفلبين سيكون قوياً، بينما سيكون في دول مجلس التعاون معتدلاً، في حين ستشهد الويالات المتحدة واليابان نمواً ضعيفاً، ويعيش الاتحاد الأوروبي مرحلة انكماش.

كما أشارت وحدة الدراسات بمجلة الإيكونومست إلى أن آسيا ستكون المصدر الأول للنمو الاقتصادي العالمي. وتوقعت أن الصين ستكون أكبر اقتصادات العالم بحلول عام 2020. إلا أن الفرق بين عدد سكان الصين والدول الأخرى يجب أن لا يتم تجاهله. ويذكر أن الصين تواجه خطر الوقوع في فخ زيادة عدد العائلات والأفراد من ذوي الدخل المتوسط.

وقال كينتانا: “لدينا توقعات جيدة لآسيا على الرغم من انخفاض الصادرات والواردات على المستوى العالمي. فلا يمكن لدولة أن تجبر الدول الأخرى على شراء سلعها، لكن يمكن للدول أن تجبر حكوماتها على الاستثمار، وهذا ما تفعله الصين. فقد نمت الاستثمارات الحكومية بأكثر من 20% في 2012، وسيستمر هذا التوجه خلال 2013. ويشكل هذا خبراً جيداً للدول الآسيوية الأخرى التي تعتمد كثيراً على الصادرات الصينية.”

ولكن توقعات الكويتية الصينية الاستثمارية بالنسبة للولايات المتحدة أقل تفاؤلاً. فعملية تخفيض الديون الشخصية تسير ببطء، ومعدلات البطالة لا تزال مرتفعة. وعلى الرغم من أن سوق العقار يشهد استقراراً، إلا أنه لن يتمكن من إنقاذ الاقتصاد الأمريكي أو العالمي من النمو المنخفض.

وكان وارد من وحدة الدراسات بمجلة الإيكونومست أكثر تفاؤلاً، فقال: “يبدو أن هناك إشارات إيجابية لنمو الولايات المتحدة الأمريكية هذا العام. فسوق العقار يتعافى الآن، وموارد النفط غير التقليدية تتوفر بكميات كبيرة مما سيساعد القطاع الصناعي. وسيكون هذان العاملان في مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية.”

وفي الاتحاد الأوروبي، ترتفع البطالة لمعدلات أعلى منها في الولايات المتحدة، وستعيق ثقة العملاء الضعيفة الاستهلاك. وتبدأ ألمانيا عام 2013 بانكماش صادراتها لباقي دول الاتحاد الأوروبي، لأول مرة منذ عام 2004. وتشكل صادرات ألمانيا 40% من ناتجها المحلي الإجمالي، ويذهب 57% منها إلى الاتحاد الأوروبي. وتتوقع الكويتية الصينية الاستثمارية أن ينكمش الاقتصاد الألماني في 2013. بينما تتوقع وحدة الدراسات بمجلة الإيكونومست أن تدخل خمسة دول من دول اليورو مرحلة الانكماش في عام 2013، وأن تحتاج اليونان والبرتغال وإسبانيا إلى عمليات إنقاذ إضافية. ومن جهة أخرى يستقر اقتصاد المملكة المتحدة مع انخفاض تكلفة العمال بشكل مطرد.

ومن المتوقع أن يشهد مجلس التعاون الخليجي تباطؤاً من نمو بلغ 4.6% في عام 2012 إلى 3.6% هذا العام. وبسبب ضعف الاقتصاد العالمي، يقل الطلب على النفط، لكن الكويتية الصينية تتوقع أن تستمر الحكومات بالإنفاق الضخم تفادياً لنشوب اضطرابات مشابهة للربيع العربي في دولهم، وهذا سيجنب هذه الدول تباطؤاً كبيراً. وستبقى أسعار النفط عالية نسبياً، وخصوصاً لأن منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) ستحد من العرض النفطي خلال العام. ومن المحتمل أن ترتفع مستويات الإنتاج في كل من العراق، وليبيا، ونيجيريا، لكن ستعيق البنية التحتية الضعيفة وعمليات النقل البسيطة الصادرات.

وفي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، توقع وارد من وحدة الدراسات بمجلة الإيكونومست تبايناً في الأداء، حيث أن هذه الدول تمر في ظروف مختلفة. ففي سوريا على سبيل المثال، توقع أن يكون نظام الحكم مختلطاً بعد أن يغادر بشار الأسد.

المخاطر السياسية هي الأساسية في عام 2013:
معلقاً على المخاطر الحالية، قال كينتانا: “صحيح أننا تخطينا الانهيار العام الماضي، لكن في عام 2013 سيكون الاقتصاد، المدعوم بالسياسات الاقتصادية، ثابتاً ساكناً. لكن ستكون هناك الكثير من التحركات الاقتصادية التي قد تعرقل السياسات وترسل العالم إلى الركود مجدداً. وفي عام 2013، يجب على المستثمرين مراقبة التقويم السياسي عن كثب لبناء قراراتهم. فهذا العام، سيكون أداء الأسواق مبني على السياسة وليس على الاقتصاد.”

كما أبرز كينتانا أنه بسبب ضعف الطلب وحرب أسعار صرف العملة، ستكون السلع والعملات أصول صعبة هذا العام. ولكن تستمر الأسهم بالاستجابة للسيولة، والتي ستكون متوفرة بشكل كبير هذا العام.

واختتم وارد الجلسة بتقديم توقعاته للدول ذات أفضل وأسوأ أداء في عام 2013. فكان على قائمة الأفضل أداءً مكاو، والعراق، والصين، وبعض دول أفريقيا التي تتمتع تركيبة سكانية جيدة. أما على قائمة الدول الأسوأ أداءً، جاءت سوريا، وإيران، ودول الساحل الأوروبي مثل اليونان والبرتغال.

تأسست الشركة الكويتية الصينية الاستثمارية في الكويت برأسمال قدره 80 مليون دينار كويتي بمرسوم أميري سام لتطوير الفرص الاستثمارية من خلال شركة متخصصة لإدارة الأصول في القطاعات التي يعتمد نموها على الطلب المحلي في آسيا، وبالأخص في قطاعات الطاقة والعقار والرعاية الصحية ومشاريع البنية التحتية والخدمات المالية. وتوظف الشركة اليوم فريق من الخبراء في اقتصاديات دول آسيا وتدير أصولاً بقيمة إجمالية تبلغ أكثر من 260 مليون دولار أمريكي. ومن أكبر مساهمي الشركة هيئة الاستثمار الكويتية (صندوق الثروة السيادي في الكويت)، وشركة الاستثمارات الوطنية (أحد أبرز الشركات الاستثمارية في الشرق الأوسط)، وصناعات الغانم (واحدة من أكبر الشركات في الشرق الأوسط(

وحدة الدراسات بمجلة الإيكونومست هي المصدر الرائد لأبحاث الاقتصاد والأعمال، والتوقعات والتحاليل. وتوفر معلومات دقيقة ومهمة للشركات، والهيئات الحكومية، والمؤسسات المالية، والمنظمات الأكاديمية حول العالم، لتمكن رواد الأعمال من التصرف بثقة، منذ عام 1946. وتتضمن إصدارات وحدة الدراسات بمجلة الإيكونومست التقارير الرائدة حول الدول، لتوفر تحليلات اقتصادية وسياسية لـ 195 دولة، بالإضافة إلى محفظة معلومات خاصة تقدم للمشتركين فقط، وخدمات التوقعات الاقتصادية. كما توفر الشركة خدمات الأبحاث والتحاليل على الأسواق والقطاعات بناءً على الطلب.

قبل انضمامه إلى الكويتية الصينية، شغّل كينتانا منصب كبير المستشارين لنائب عمدة مدينة مدريد الإسبانية للشؤون الاقتصادية والتوظيف. كما عمل كينتانا كخبير اقتصادي لدى البنك الدولي في مقره لتايلاند وجمهورية لاو الديموقراطية الشعبية، وأيضاً كمستشار للشؤون التجارية والاستثمار في الملحق التجاري والاقتصادي لسفارة أسبانيا في تايلاند، وكمستشار تجاري في فرع شركة “أي بي إم” العالمية في أسبانيا. يحمل كينتانا شهادة البكالوريوس في الاقتصاد من جامعة “ملقة” وحاصل على ماجستير في التنمية الاقتصادية من كلية الدراسات الشرقية والأفريقية وماجستير في إدارة الأعمال من كلية “آي اي” للأعمال في أسبانيا.

سابقاً، كان وارد يشغل منصب كبير محللي قطاع السيارات في وحدة الدراسات بمجلة الإيكونومست، كما كان عضواً رئيسياً في فريق آسيا في وحدة الدراسات بمجلة الإيكونومست مع توليه دراسة اقتصادات اليابان وكوريا الشمالية والجنوبية بشكل خاص. ومع خبرة تقارب 20 عاماً من العمل على أو في تلك المنطقة، حيث عاش سبع سنوات منها في اليابان. ويعد وارد من كبار موظفين وحدة الدراسات بمجلة الإيكونومست المتخصصين في آسيا، حيث أنه قادر على تفسير المعطيات المعقدة في بيئة الاقتصاد والسياسية والأعمال في تلك المنطقة. ويحمل وارد شهادتي البكالوريوس والماجستير من جامعة كامبريدج، ويجيد التحدث باللغة اليابانية بطلاقة.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.