أشادت أوساط سياسية واقتصادية سعودية باحتضان دولة الكويت لمؤتمر المانحين لدعم الشعب السوري الذي عقد فيها مؤخرا مؤكدين ان المؤتمر حقق دورا استثنائيا في تخفيف معاناة الشعب السوري.
وعلى الرغم من ضبابية المشهد السوري في الساحة السياسية بحسب خبراء سعوديين فانهم يجعمون على أن النتائج التي خرج بها المؤتمر الذي انعقد برعاية سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح بحضور 59 دولة ومنظمات انسانية واغاثية دولية تشكل نورا في نفق الأزمة السورية المحتدمة بين الفرقاء المتنازعين والتي راح ضحيتها الشعب السوري بكل أطيافه وفئاته.
وأكدوا ان المؤتمر عزز مكانة دولة الكويت اقليميا ودوليا حيث نجحت الحكومة الكويتية في تقديم الدعم المنشود مع الاستجابة الدولية لمبادرتها في تقديم العون للشعب السوري والمساهمة في تحقيق الامن بالمنطقة.
ولاشك أن الدعم المالي ينعكس بشكل ملموس على اقتصاد دول المنطقة كما أنه يزيل الحواجز والعقبات الاقتصادية التي تراكمت نتيجة الازمة السورية بصرف النظر عن النظرة التشاؤمية للاوضاع في المنطقة.
كما شهد المؤتمر حراكا اغاثيا لجمع وتقديم الدعم المادي واللوجستي من عدد من المنظمات الدولية بجانب الموارد المالية التي قدمتها دول الخليج بنحو مليار دولار.
ووصف رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية الدكتور أنور عشقي دور الكويت بخط الدفاع الأخير في المنطقة وأن التعهدات التي قدمت في المؤتمر حققت على الساحة السياسية تقدما ملحوظا وساهمت في اتفاق حول عدد من القضايا بين الفرقاء والولايات المتحدة وروسيا وسوريا.
ورأى عشقي ان بادرة الكويت لعقد هذا المؤتمر شكلت مخرجا لحقن الدماء وايقاف هذه الحرب التي اسفرت عن عدد كبير من الضحايا من الأطفال والنساء وهذا الامر في حد ذاته عملية استراتيجية تحققت من خلال المبادرة.
واشار الى ان دولة الكويت ودول مجلس التعاون حققت بالتحرك سياسيا وانسانيا وماليا باتخاذ خطوة نحو حل النزاع وتقديم الدعم بنحو مليار دولار للشعب السوري.
ولاحظ ان المؤتمر أكد انه لايمكن الفصل بين الأوضاع السياسية والاقتصادية ما عكس الدعم الاقتصادي والانساني بطبيعة الحال على المواقف السياسية وعجل في ايجاد حلول لها والتي شهدت اتفاقا في عدد من البنود التي كانت معلقة لما يقارب العامين.
وذكر ان حل المشكلة السورية سيحقق سلاما جزئيا في المنطقة وسيخفف من حجم الاحتقان المتفاقم قائلا ان الاهداف المرجوة من المؤتمر ستنعكس على كثير من مناطق التأزم في لبنان والبحرين والخليج ككل.
واكد عشقي أهمية استثمار هذا النجاح في حل الأزمة السورية لحماية المنطقة من بؤر النزاع مشددا على ضرورة تدعيم هذه المبادرة لاسيما مع انعقاد مؤتمر منظمة التعاون الاسلامي حاليا في مصر.
بدوره علق رئيس مجموعة أبحاث الاقتصاد والتسويق والأستاذ بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة البروفيسور حبيب الله التركستاني في تصريح مماثل بأن مؤتمرا من هذا النوع يشكل تحولا في ادارة الحكومات وبالتالي تغيرا في الوضع الاقتصادي الذي شهد تذبذبا منذ عام 2008.
واضاف أن احتضان مؤتمر من هذا النوع في هذا الوقت العصيب بالتقاء لقوى اقتصادية يمثل محور استقرار للاقتصاد في المنطقة مبينا أن أي بادرة أو اجتماع للدول الخليجية والعربية لابد أن ينعكس بطبيعة الامر ايجابيا على المنطقة ما يحقق الامتداد والتنسيق والتقارب بين الدول المانحة والمدعومة.
وقال التركستاني “بلا شك ان مبادرة الكويت أثبتت تعاطف حكومتها وشعبها مع القضية السورية واجماعا دوليا على استحقاق الشعب السوري للدعم بشتى أشكاله” لافتا الى أن “تجربة تعاطف الكويت مع التحديات التي يواجهها الشعب السوري ليست وليدة وإنما ذات جذور تاريخية عميقة”.
واوضح التركستاني أن مؤتمر المانحين ذلل عددا من العقبات الاقتصادية والإنسانية بايصال المساعدات لمستحقيها من المتضررين واللاجئين على الحدود العراقية والتركية والأردنية واللبنانية وفتح قنوات سريعة وفاعلة لمساعدتهم خاصة في الظروف الجوية والقهرية التي يشهدها الشعب.
وقال انه مما لا شك فيه أن الازمة السورية انعكست سلبا محليا ودوليا بشكل مباشر وغير مباشر بطريقة لم تشهدها دول المنطقة من قبل ما أدى الى انخفاض حاد في التمديدات التجارية في المنطقة وضمور في المنتجات السورية والمحلية من والى سوريا ودول المنطقة اضافة الى ازدياد أسعار الشحن والتأمين وأسعار السلع والخدمات.
ولفت التركستاني الى أن الوضع الاقتصادي في سوريا تراجع عشرات العقود الى الوراء ما وضعها على حافة الانهيار الاقتصادي في السوق العالمية.
واوضح ان الاقتصاد السوري جزء لا يتجزأ من الاقتصاد العربي حيث تعطلت التجارة البينية مع سوريا كما تحولت صناعات في سوريا الى مناطق اخرى من العالم بينما شهد الاستيراد والتصدير تضررا بالغا فضلا عن التضرر الذي طال مستوى الأيدي العاملة.
كما اوضح أن المنطقة تشهد تغيرا في خريطة الاقتصاد العربي حاليا لاسيما مع الاوضاع السياسية والتباطؤ الاقتصادي وتراجع الحجم الكلي لرؤوس الأموال والايدي العاملة والانتاج على الأخص في مناطق الأزمات.
في ذات السياق كان الامين العام للامم المتحدة بان كي مون دعا خلال المؤتمر الى وقف النزاع لحقن الدماء في سوريا وتقديم المساعدات الانسانية والمالية اللازمة فورا لدعم الشعب السوري ولاجئيه في الدول المجاورة الذين طالتهم اضرار جسيمة خلال فترة النزاع.
فيما أشارت منسقة المساعدات الانسانية في الامم المتحدة فاليري اموس الى نزوح ثلاثة ملايين سوري من داخل الاراضي السورية في حين هناك 3ر2 مليون سوري بحاجة الى معونات اساسية عاجلة.
قم بكتابة اول تعليق