نطلقت أصوات سياسية عدة تنادي بالحوار أو المصالحة الوطنية بين القوى السياسية على إثر نتائج الانتخابات التي نتج عنها خروج قوى برلمانية خارج المجلس، برغبتها من خلال قرارها مقاطعة الانتخابات الأخيرة.
واقعياً ليس هناك أي مبرر لإطلاق مثل هذه الدعوة بين الخصوم، بل ليس هناك من مبرر للحوار لأسباب عدة، بينها أن الحالة السياسية الواقعة اليوم تتركز على دور مؤجل ينبغي للحكومة القيام به، وهو وقف هدر المال العام، ومكافحة الفساد عبر تشريعات متطورة، والبدء بعملية التنمية التي تأخرت رغم توافر مجمل عوامل انطلاقها.
المناكفة بين القوى السياسية يعد سلوكاً هامشياً، وربما طبيعياً يأتي ضمن “ملح” الحياة السياسية الكويتية، فكلها متفقة على الإصلاح، لكن بعضها أخفق في اختيار أدواته الدستورية لتحقيق ذلك، بل ربما أسرف كما حدث في بعض تشريعات المجلس المبطل، وما رمت إليه بعض المقترحات في المجلس الحالي، وآخرها موضوع شروط الترشح للعضوية البرلمانية.
مسألة تعديل النظام الانتخابي أخذت أكثر من حقها سياسياً، والشواهد تدل على أن تغيير أنظمة التصويت يخضع لظروف سياسية وليس بناء على حسابات عددية وتغييرات ديموغرافية، وإذا كانت بعض القوى والشخصيات البرلمانية تنتقد مرسوم الصوت الواحد اليوم، فإنها كانت بالأمس في موقع المسؤولية التشريعية وشرعت لأنظمة انتخابية معيبة بسبب المصالح التكتيكية التي تضمن وجودها في البرلمان.
وفي ظني أن نظام الانتخاب الحالي جاء لكبح ممارسات سياسية غير منطقية وخطيرة، وسيوفر هدنة واستراحة للجميع لمدة زمنية إلى حين قطف نتائج عمل المجلس الحالي، وتقييم أداء الحكومة خلال عام أو عامين، وبعد ذلك سيكون من واجب الجميع تقييم الوضع العام بناء على تطلعات عامة الناس لهذه الأعمال، وسيكون نظام الانتخاب ضمن القضايا واجبة المراجعة.
تغيير نهج مجلس الوزراء في إدارة شؤون البلاد هو الحاجة الملحة والحقيقية، إذ يجب أن نعي أن معظم ملفاتنا مصطنعة ومؤجلة تعصف بها تضارب المصالح.
المصدر جريدة الجريدة
قم بكتابة اول تعليق