11.8 مليار دينار هي حجم التعاملات العقارية في امارة دبي لعام 2012 التي اعلنت عنها اخيرا دائرة الاراضي والاملاك في الامارة. الرقم اللافت يشكل اكثر من 3 اضعاف التعاملات العقارية التي جرت في الكويت خلال العام الماضي، حيث سجلت قيمة التداولات العقارية (وكالات وعقود) 3.6 مليارات دينار على أساس سنوي وحتى ديسمبر الماضي، علما ان القيمة هي الاعلى منذ خمس سنوات وفق تقرير اخير لبيت التمويل الكويتي.
يظهر ذلك حجم الحركة العقارية النشطة في امارة لا تزيد مساحتها الاجمالية عن 4.1 آلاف كيلومتر مربع، أي ربع مساحة الكويت تقريبا، لكن الثقة بعقاراتها وانفتاحها على العالم جعل السيولة تتدفق نحوها، خصوصا من المستثمرين الاجانب. ويعلق مدير عام دائرة الاراضي الاماراتية أن ثقة المستثمر الاجنبي بعقارات دبي تتضح بتنوع الجنسيات الاجنبية المستثمرة في سوقها العقاري، ويعلن مباشرة ان ذلك يؤشر الى ان تداعيات الازمة المالية غادرت نهائيا من الامارة.
تطوير وبناء
عند الدخول في تفاصيل ارقام التداولات العقارية في دبي، يُلاحظ ان السوق ليس مجرد مضاربات عقارية على وحدات سكنية او استثمارية، فيُمكن ملاحظة الكم الهائل من عمليات التطوير العقاري للاراضي والوحدات العقارية. ففي كل مرة تزور دبي تجد عمليات بناء وتطوير اراض جار فيها. ويقول تقرير دائرة الاراضي والاملاك ان منطقة مرسى دبي وبرج خليفة كانت اكثر المناطق تداولا للوحدات العقارية في العام الماضي، بنسبة بلغت %11 من اجمالي التداولات العقارية. وهذه المنطقة كانت حتى وقت ليس ببعيد خالية من الابراج والعقارات والفنادق والتطوير، لكن في الاعوام الاخيرة جرى تطويرها سريعا، لتصبح اليوم مركزا تجاريا عالميا، يجمع الشركات العالمية والاقليمية والبورصات والفنادق.
يحيل ذلك الى الارقام عن التداولات العقارية التي تصدر عن ادارة التسجيل والتوثيق في وزارة العدل، حيث مع افتراض ان هناك 3.6 مليارات تم تداولها في العقارات العام الماضي (الاعلى بخمس سنوات)، الا انه لم يلاحظ عمليات تطوير ملفتة خلال 2012 (باستثناء بعض المولات)، على غرار ما يجري في دبي الامارة الصغيرة اذا ما قورنت بالكويت وبالناتج المحلي الاجمالي لكل من الامارة والدولة.
المضاربة الكويتية
يقول المتعاملون في السوق العقارية الكويتية ان معظم التداولات هي عبارة عن مضاربات هنا وهناك، وعندما تظهر فرصة فعلية ينكب الجميع عليها، فيخفضون عائدها الاستثماري، تماما كما حدث في العقارات الاستثمارية في الأعوام الاخيرة. ويمكن ملاحظة ذلك في مناطق تكثر فيها هذه العقارات كالسالمية وحولي، حيث تبنى بنايات بتشطيب متواضع جداً، وعندما يحقق العقار عائده، تبدأ معظم الشركات او الافراد في اهمالها، فتتغير نوعية الساكنين مما يؤثر في المنطقة بأكملها من ناحية المعيشة والاستقرار في اسلوب مضاربي يتكرر دائماً.
وتشكل التداولات السكنية ما يقارب %50 من اجمالي التداولات، بينما تشكل التداولات الاستثمارية %39 من الاجمالي، وهي نسب تبين ان العقار اما بنايات لأغراض استثمارية آنية او سكن للمواطنين، بينما يغيب التطوير لأغراض اخرى يمكنها ان تغير المشهد العقاري التقليدي، او تؤشر الى فرص استثمارية في قطاعات التطوير للأراضي الفضاء القائمة.
السكني مضاربي
وحتى بالنسبة إلى العقار السكني، فان ارقام المنتظرين للسكن الخاص من الرعاية الحكومية في ارتفاع. واعلنت المؤسسة العامة للرعاية السكنية اخيرا ان الرقم وصل الى 100 الف طلب، مما يؤشر الى ان تداولات السكني تحمل مضاربة اكثر من كونها تطويرا فعليا للأراضي بغرض السكن.
اما الصورة في دبي، فهي مختلفة، فالتعاملات على الاراضي بلغت %72 من اجمالي التداولات العقارية، وهي تتراوح بين عمليات بيع ورهن لاغراض تطويرية اكثر منها مضاربية. وبالنسبة إلى السكني والتجاري فهما يشكلان %24 من اجمالي العقارات المتداولة، وهي تلبي طلبات فعلية. وعندما شعرت حكومة الامارة ان هناك بعض المقيمين والمواطنين عادوا الى السياسة القديمة في الاقتراض لاغراض شراء عقارات ووحدات سكنية والمضاربة فيها، كما حدث قبل الازمة المالية، وفجر الفقاعة العقارية في الامارة، اتخذت اجراءات جديدة تحد من عمليات الاقراض المصرفية، وهناك جدل كبير حاليا بين الحكومة والمصارف بسبب هذه الاجراءات التي خفضت عمليات الاقراض مباشرة.
وعند قراءة آخر ارقام معلنة من بنك الكويت المركزي عن حجم الاقراض لقطاعي العقار والبناء، نلاحظ ان قروض العقار ارتفعت بنسبة %5.5 في 2012، بينما قروض البناء ارتفعت %1.8 فقط، وهي مؤشرات تلوح إلى ان القروض العقارية ايضا تذهب نحو المضاربة، طالما ان الاسعار ترتفع ولا توجد عمليات تطوير تذكر، ولا توجد سياسة حكومية للجم الاسعار والحؤول دون ظهور فقاعة، بدأ الحديث عنها يكثر أخيرا.
المصدر “القبس”
قم بكتابة اول تعليق