ناصر العبدلي: تحالف المعارضة

فكرة تشكيل تحالف للمعارضة خطوة ذكية. ورغم أنها متأخرة جدا، فإنه يمكن الاستفادة منها، حتى في هذا الوقت المتأخر. ويبدو لي أن مثل تلك الخطوة ستؤدي إلى إعادة الأمور إلى مسارها الصحيح، بعيدا عن «شطحات» البعض و«شخصنة» البعض الآخر، التي كادت أن تقوض كل تلك المكتسبات الديمقراطية، لولا حكمة سمو أمير البلاد، وقدرته على وزن الأمور.
الفكرة حتى الآن جميلة، لكنها بحاجة إلى بعض النقاط التي يمكن أن تجعل منها فكرة فاعلة، أبرزها أن تبتعد تلك الفكرة عن كل ما له علاقة بأجواء «الشطحات والشخصنة»، وأن تضع مسارا خاصا بها، قائما على الثوابت والمسلمات الديمقراطية والدستورية الصحيحة، ومن بينها احترام النصوص الدستورية، وخصوصا المادتين 50 و54 من الدستور، لكون تجاوزهما أدخل الساحة في المأزق الحالي.
يفترض أيضا أن تتحمل الحكومة والقوى السياسية مسؤوليتها التاريخية (التحالف الإسلامي الوطني، الحركة الدستورية، التجمع الإسلامي السلفي، المنبر الديمقراطي)، وأن تكون كل تلك الأطراف إيجابية تجاه مثل تلك الفكرة، فالقضية ليست مصلحة ومستقبل هذا الشخص أو ذاك السياسي، بل القضية أكبر بكثير، ويمكن من خلال الحوار حولها أن نخرج بطروحات جديدة، يمكن أن تكون حصانة مستقبلية لأي منزلقات خطرة.
النقطة الثالثة، أن يكون المحور الثابت في أي بيان يصدر عن مثل ذلك التحالف الوطني، هو تطبيق القانون، مهما كانت التضحيات، إذ ليس من المجدي أن يكون مثل ذلك التحالف مدخلا لإهدار القانون والحقوق الشعبية، وإلا، فإن مثل تلك الخطوة ستتحول إلى شوكة في خاصرة الجميع مستقبلا، ولن نستطيع الفكاك منها، فالقانون مقدس بالنسبة لطرفي العقد الاجتماعي، وينبغي أن يكون النموذج حاضرا، وخصوصا ممن تجاوز القانون ولديه النية الصادقة بعدم تكرار مثل ذلك التجاوز.
النقطة الرابعة، هي العمل على التفريق بين التطورات السياسية الأخيرة والتجاوزات الدستورية والقانونية، فهناك ملفات لا ينبغي إغلاقها كانت الحكومة طرفا فيها، وتحمل بعض الشبهات المالية والإدارية، وربما كان لبعض الأطراف في ما يسمى الأغلبية البرلمانية يد فيها أيضا، فمهما كان هناك من أخطاء في أسلوب المعالجات من جانب البعض، إلا أن ذلك لا يسقط حقيقة أن هناك تجاوزات لا يمكن السكوت عنها.
أؤيد بشدة أن يكون هناك تحالف للمعارضة، بشرط أن يكون تحالفا معارضا راشدا قائما على التجرد من المصالح الخاصة، أرضيته الدستور، وإطاره القانون، وينبغي أن يكون ضمن تلك الأرضية وذلك الإطار، وأرفض بشدة أن يكون جزءا من ذلك التحالف أي «شطحات» أو «شخصنة» للقضايا، وأن يكون احترام المؤسسات والرموز الدستورية جزءا أصيلا راسخا وثابتا لا يمكن المناورة حوله، فنحن لسنا بحاجة إلى من ينقل البندقية من كتف إلى أخرى، كلما كان له مصلحة في ذلك.
المصدر جريدة الكويتية

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.