مستثمر: تزايد إقبال متدالون على أسهم ورقية ومتعثرة غباء اقتصادي

قال مستثمر عتيق: أي غباء هذا الذي يغشى على عيون متداولين وهم يقبلون أكثر فأكثر على أسهم شركات ورقية ومتعثرة، علماً بان تلك الشركات تفصح بان لا جديد لديها يبرر التداول المحموم على أسهمها، فضلاً عن افصاحات أخرى تشير الى خسائر وقضايا وتعثر سداد ديون وفشل خطط هيكلة وما الى ذلك من المعلومات التي لو فهمها البعض لفرَّ من تلك الأسهم فرار السليم من الأجرب!

وأضاف: كيف لهؤلاء المتداولين والمستثمرين لا سيما الصغار منهم الشكوى اذا تعرضوا لخسائر وهم أنفسهم يتورطون بملء إرادتهم في هكذا أسهم عرّتها الأزمة حتى آخر ورقة تستر أي عورة؟!

فالمتابع لمجريات التداول يلاحظ ان في قائمة الأسهم الأكثر تداولاً شركات خسرت حتى الثمالة وأخرى ترزح تحت نير القضايا ومطالبات الدائنين، فضلاً عن شركات لا نشاط معروفاً لها وهي بإدارة جهات مشكوك في نزاهتها خصوصا عندما يشار إليها بالبنان على أنها تقوم بتدوير الملكيات لإيهام المتداولين ثم تدبيسهم. والأغرب ان الغالب الأعم من أولئك المستثمرين والمتداولين بالمضاربة العشوائية لا يمارسون أبسط حقوقهم بحضور الجمعيات العمومية ومناقشة الملاك والإدارات في مصير تلك الشركات وما آلت إليه من حال لا يسر أي خاطر

اذاً، يبدو أن علاقة العشق بين صغار المستثمرين في سوق الكويت للأوراق المالية والأسهم الصغيرة أو الرخيصة، لا سيما أسهم الشركات المتعثرة، هي علاقة أبدية، لا تتأثر كثيراً بظروف تلك الشركات وأدائها، ولا بالخيانات واللدغات التي تعرض لها هؤلاء وأسلافهم من بعض تلك الأسهم على مدى سنوات ماضية، ولعل في استمرار المضاربات المحمومة على تلك الأسهم، رغم أننا نعيش العام الخامس للأزمة، دلالة واضحة على قوة عرى تلك العلاقة.

ومن العلامات المعبرة عن استمرارية العلاقة الغرامية بين صغار المستثمرين من جهة، والأسهم الصغيرة والمتعثرة من الجهة الأخرى، البون الشاسع بين ما حققه المؤشر السعري من ارتفاعات منذ بداية العام الحالي 2013 حتى نهاية تداولات الأسبوع الماضي، مقارنة بما حققته المؤشرات الأخرى، ففي حين وصل الارتفاع في المؤشر السعري إلى %6 تقريباً منذ بداية العام، نجد أن المؤشر الوزني ارتفع %2.7، في حين أن الارتفاع في مؤشر كويت 15 الذي يقيس أداء أكبر الأسهم من حيث القيمة السوقية لم يتعد %2.5

وإذا كان من يرى تبريراً لذلك الفرق في أداء المؤشرات، ويرجعه إلى وصول أسعار أسهم صغيرة إلى مستويات أقل من قيمها الحقيقية، وأن شركات متعثرة في السوق بدأت فعلياً في إجراءات نحو معالجة مشاكلها، سواء من خلال إعادة هيكلة للديون، أو تغيير في مجالس إداراتها، أو تخارج من بعض اصولها للوفاء بالتزاماتها، فإن من الأسهم ما لا تنطبق عليها تلك المعطيات، في حين أنها لا تزال مرتعاً خصباً لمضاربات محمومة وقودها الكثير من صغار المستثمرين، فما أسباب هذه العلاقة المميزة بين صغار المستثمرين وتلك الأسهم، وما الذي يوطد العلاقة بين الطرفين؟

1 – إن معظم، إن لم نقل جل صغار المستثمرين في البورصة، هم من أصحاب النفس القصير، لذا فإنهم يسعون إلى تحقيق مكاسب كبيرة في وقت قصير، وهو ما يجعلهم يفضلون المضاربة على الاستثمار في الأسهم.

2 – رخص أسعار الأسهم الصغيرة والمتعثرة مقارنة بالأسهم الثقيلة والتشغيلية، مقابل محدودية الإمكانات المادية لصغار المستثمرين مقارنة بغيرهم، تجعل مضارباتهم تتركز على تلك الأسهم الرخيصة، فالكميات التي يمكن شراؤها من هذه الأسهم أكبر بكثير من أسهم ثقيلة وتشغيلية أسعارها مرتفعة بالنسبة لهم.

3 – سعي صغار المستثمرين إلى الاستفادة من التقلبات السريعة والكبيرة في أسعار الأسهم الصغيرة، التي لا يمكن أن تتحقق في الأسهم الثقيلة والتشغيلية مرتفعة الأسعار، والتي عادة ما يكون تحرك أسعارها بطيئاً وصغيراً، لا سيما في ظل ما تعمد إليه مجموعات تنتمي إليها بعض تلك الأسهم إلى خلق تداولات عليها عبر عمليات تدوير بين شركات تابعة وزميلة، ومضاربات متواصلة عبر محافظها وصناديقها، إضافة إلى نشاط صناديق ومحافظ استثمارية من خارج تلك المجموعات في هذا الجانب، سعياً منها أيضاً لتحقيق أرباح سريعة ووفيرة.

4 – بعض صغار المستثمرين ذوي ملاءة مالية أعلى من غيرهم، تشكل الأسهم الصغيرة والمتعثرة لهم فرصة ليكونوا هم من يقود دفة تداولاتها ويشعل فتيل المضاربات عليها، نتيجة رخص أسعارها، ويتحكمون في أسعارها إلى حد كبير، فما تحتاجه تلك الأسهم لخلق تداولات كبيرة عليها من أموال أقل بكثير مما يحتاجه ذلك بالنسبة للأسهم الثقيلة والتشغيلية في السوق، حيث يعمد هؤلاء إلى تحقيق أكبر استفادة من قيادة المضاربة على تلك الأسهم وتصعيدها، من خلال جر أرجل صغار المستثمرين الآخرين المتعطشين لتحقيق الأرباح السريعة، ومن ثم التصريف عليهم.

5 – إذا كانت المضاربة على أسهم صغيرة ومتعثرة، لا يوجد في الأفق ما يشير إلى تحسن في أدائها وأوضاعها، هي بحد ذاتها مغامرة، فإن العلاقة بين بعض صغار المستثمرين وتلك الأسهم لا يخلو من مغامرة أكبر، تتمثل في استثمارهم أموالا كبيرة في أسهم متعثرة، على أمل أن تتحسن أوضاع شركاتها وتخرج من أزمتها، لتحقق لهم مكاسب كبيرة مستقبلاً.

وإذا ما نظرنا إلى النتائج التي قد تؤول إليها هذه العلاقة بين صغار المستثمرين من جانب، والأسهم الصغيرة والمتعثرة من جانب آخر، فإنها قد تحقق لبعضهم مكاسب آنية سريعة، لكنها في المقابل تحمل أخطاراً وويلات للكثير منهم، فالمضاربات المحمومة التي تقودها مجموعات على أسهمها وتصعيدها لأسعارها، وكذلك الأمر بالنسبة لصناديق ومحافظ وأفراد من خارج تلك المجموعات تشعل فتيل المضاربات على الأسهم الصغيرة والمتعثرة بين فترة وأخرى، تنتهي دائماً بعمليات تصريف وجني أرباح، ومن ثم العمل على تكسير أسعار الأسهم لتجميعها من جديد، وهو ما يكبد الكثير من صغار المستثمرين قليلي الخبرة خسائر كبيرة نتيجة ذلك الفخ، ليتدبسوا بالسهم في نهاية المطاف.

أضف إلى ذلك، ان أي حركة تصحيح يشهدها السوق، سيظهر أثرها بالغاً على الكثير من الأسهم الصغيرة والمتعثرة، التي ليس في أوضاعها وأدائها ما يمكنها من الصمود كثيراً أمام أي عملية تصحيح قد تشهدها البورصة.

وإذا كان ليس واضحاً بعد قدرة شركات متعثرة لا تزال أسهمها تتداول في سوق الكويت للأوراق المالية على تجاوز تعثرها والوفاء بالتزاماتها والخروج من مرحلة تكبد الخسائر إلى تحقيق الأرباح، فإن بعض تلك الشركات قد تتعرض في أي لحظة لإيقاف سهمها عن التداول، نتيجة تكبدها خسائر تفوق %75 من رأسمالها مثلاً، أو لتأخير في إعلان نتائجها عن أي فصل مالي أو لأي سبب آخر يتعلق بأوضاعها المالية، وهو ما من شأنه أن يجمّد أموال صغار المستثمرين فيها، كما أن الأمر قد يتطور إلى شطب بعض تلك الشركات من السوق، وهو ما يعني تجميداً لأموال صغار المستثمرين إلى أجل غير مسمى.

والأدهى والأمر، أن الأمور قد تنتهي إلى تصفية وإفلاس، وبالتالي عدم حصول صغار المستثمرين في تلك الشركات، كما بقية المساهمين، على فلس واحد من أموالهم، إذ ان أصول الشركة لن تكون كافية، في الغالب، لسداد مستحقات الدائنين.
المصدر “القبس”

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.