خالد الجنفاوي: مستبد في البيت.. ديمقراطي في الشارع

يصعب قبول التناقض الفج في ممارسات وتصرفات بعض المؤزمين, وخصوصاً من يبدون مستبدين في منازلهم ومع أسرهم بينما يزعجون الناس في الشارع بشعاراتهم الديمقراطية الرنانة. فإذا كانت الديمقراطية ليست شعارات فقط بل ممارسة يومية وشخصية وأسلوباً حياتياً فمن المفروض أن تترجم بالسلوكيات الفردية داخل المنزل وخارجه, فثمة إذاً تناقض فج وصارخ في ما يبدو يمارسه بعض الديماغوجيين المؤزمين! حيث يستحيل تخيل تسامح أحدهم وديمقراطيته ويصعب تصديق عشقه كذلك وإيمانه منقطع النظير بمبائ واستحقاقات الديمقراطية الفعلية, بينما هو يناقضها ويضرب بها عرض الحائط حين يكون بين عائلته وأثناء تعامله مع أقرب الناس إليه! وبالطبع الاستبداد الأسري رديف للاستبداد الديماغوجي وهو ذلك التعنت الشخصاني والعناد ضد من قادهم حظهم التعيس الى أن يكونوا تحت سلطة أب أو أم أو أخ كبير مثلاً فج التعامل وقاس وغير متفهم إطلاقاً. فشتان بين ما يمارسه الديماغوجي المؤزم من سطوة وتكبر على منهم تحت يديه وبين ما يصارخه ويطلقه نفس الشخص في الشارع العام.
وليس من الضروري التعرف بدقه تامة لما يمارسه فعلاً بعض المستبدين المؤزمين من سلوكيات وتصرفات في منازلهم. فيكفي مثلاً معرفة طريقة وإسلوب الحياة التي يتبعها بعض هؤلاء وكيفية تعاملهم الاناني والفوضوي مع الآخرين وكيفية تعاطيهم كذلك مع الحريات العامة واختلاف وجهات النظر. وموقفهم المتناقض كذلك مع التقوقع القبلي والطبقي والطائفي, فلا يصح مثلا وصف أحدهم بزعيم ديمقراطي أو “ناشط سياسي” ما دام يمارس في حياته الخاصة -أحياناً علنا-عكس ما ينادي به من المساواة والتسامح والتفتح العقلي ومحاربة المحسوبية والمحاباة والدعوة لتكافؤ الفرص…وهلم جرا من الشعارات الديماغوجية.
الديمقراطية الفعلية هي بشكل أو بآخر أسلوب حياة يتبعه الشخص داخل بيته وخارجه ويقبل عن طريقه مسؤوليات وواجبات المواطنة الديمقراطية والعصرية. فشتان بين التستر خلف الشعارات الديمقراطية الرنانة وبين محاولة إحياء النعرات وبعض التقاليد السلبية القبلية والطائفية والطبقية.
في المحصلة: الانسان الديمقراطي هو المتسامح فعلاً ومن يقبل عن قناعة ذاتية حرية الاختلاف. فلا منطقية بتاتاً في وجود استبداد شخصاني وتنمر أناني في المجتمع الديمقراطي: فحري إذا ببعض من يزعمون أنهم دعاة للمساواة والعدل والنهج الديمقراطي الصحيح الالتفاف الى ما يرتكبه بعضهم في حياتهم الخاصة من تناقضات فجة مع النهج الديمقراطي السليم. فلعل وعسى.

* كاتب كويتي

khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.