صلاح الفضلي: بين الوزير والمدير ضاعت الجامعة

نقلت بعض الصحف الإلكترونية تفاصيل السجال الحاد الذي دار بين وزير التربية د. نايف الحجرف ومدير جامعة الكويت د. عبداللطيف البدر، أثناء انعقاد مجلس الجامعة يوم الخميس الفائت، وهو السجال الذي أدى إلى إنهاء الاجتماع قبل مناقشة بقية البنود، وهو ثاني اجتماع على التوالي لا يتم إكماله بعد أن حدث نفس الأمر الأسبوع الفائت. الغريب في أمر السجال الذي دار بين الوزير والمدير أنهما بديا وكأنهما الوحيدان في مجلس الجامعة، وكأن بقية أعضاء مجلس الجامعة من عمداء وأعضاء خارجيين مجرد تكملة عدد، أو بتعبير آخر مجرد «حطب دامة».
موضوع السجال الحاد بين الوزير والمدير تمحور حول تعيين عمداء لكليتي العلوم والشريعة، فالوزير وبتأثير الضغط الذي يقوده النائب علي العمير ومديرة الجامعة السابقة د. فايزة الخرافي، يريد استمرار العميدة الحالية، بينما المدير شكل لجنة لاختيار عميد جديد، وهذه اللجنة رشحت ثلاثة مرشحين يريد المدير تعيين أحدهم، أما نقطة الخلاف بين الاثنين فهي مدى إلزامية رأي اللجان الفنية، فالمدير يصر على أن رأي اللجان غير ملزم له، وأن توصياتها مجرد رأي استئناسي، وقد عمل بذلك وزراء سابقون عند اختيار مدير الجامعة عندما ضربوا عرض الجدار بترشيحات اللجان واختاروا من خارجها، وكذلك فعل المدراء السابقون عندما كانوا يختارون عمداء ورؤساء أقسام من غير المرشحين، أما الوزير فيقول ما فائدة اللجان إذا لم نلتزم برأيها. نقطة الخلاف تدور حول إلزامية رأي اللجان، وهي نقطة خلاف جدلية دائمة في الجامعة.
الأهم من جدلية مدى إلزامية رأي اللجان الفنية من عدمها هو أن هذا الخلاف اللائحي مجرد مظهر للصراع الدائر داخل أروقة الجامعة، فالجامعة باتت مسيسة إلى حد بعيد، ولذلك فإن أية عملية تعيين في أحد المناصب أصبحت تخضع لضغوط سياسية كبيرة، بل حتى عملية تعيين أعضاء هيئة التدريس من الكويتيين أصبحت تخضع لاعتبارات غير أكاديمية بسبب جو الجامعة الملوث بالصراعات الحزبية والفئوية، ولذلك لم تعد الجامعة مؤسسة أكاديمية مستقلة كما هو مفترض، بل أصبحت بيئة خصبة لتحقيق المكاسب السياسية والفئوية.
صراع الوزير والمدير هو مظهر آخر من مظاهر «تسييس» الجامعة، فالوزير لديه اعتبارات سياسية في التعامل مع الجامعة، وكنا نتمنى أن يكون جاداً في تغليب الرأي الفني الأكاديمي، ولكن هناك شواهد عديدة على تمريره لأمور مخالفة للمعايير الأكاديمية، وفي المقابل فإن مدير الجامعة عندما جاء إلى منصبه طرح عدة رؤى وأفكار لتطوير الجامعة، ولكن هذه الأفكار وبعد سنتين من وجوده في المنصب ظلت مجرد شعارات، ولم نجد لها تطبيقا على أرض الواقع، وما يزيد الطين بلة أن المدير أيضاً ورغم رفعه لشعار الإصلاح في الجامعة وإبعادها عن الضغوط فإنه لم يخل أيضاً من التورط في أمور مبنية على المحاباة ومراعاة خواطر بعض قوى الضغط داخل وخارج الجامعة.
في ظل الوضع البائس لجامعة الكويت، بين أجندة الوزير وبين حسابات المدير، يبدو أن المثل الذي يقول «بين حانا ومانا ضاعت لحانا» ينطبق على الجامعة، ليصبح المثل على النحو التالي «بين الوزير والمدير ضاعت الجامعة».
المصدر جريدة الكويتية

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.