حسن كرم: إخراج الخطوط الكويتية من غرفة الإنعاش بيد الحكومة

فاجأني رئيس مجلس ادارة الخطوط الجوية الكويتية كابتن الطيار والزميل الكاتب الصحفي والوزير السابق السيد سامي النصف باتصال هاتفي من مكان وجوده في لندن، معقبا على مقالي المنشور في عدد الاثنين الماضي والموسوم (الخطوط العراقية دشنت رحلاتها الى الكويت، فماذا عن الكويتية) حيث اوضح الاسباب التي تمنع الخطوط الجوية الكويتية في الظرف الراهن من تسيير رحلات مماثلة تزامنا مع الخطوط العراقية.
السيد رئيس مجلس الادارة قال الكثير خاصة فيما يتعلق بالصعوبات الراهنة والتي ورثتها الادارة الحالية من الادارات السابقة، الا ان اهم ما قاله السيد النصف هو ان غالبية الصعوبات ناتجة من السياسة الحكومية، ومن الادارة الحكومية المعششة على الميراث الاداري المتخلف والبيروقراطية، والاهدار بالوقت وعدم الاحساس بالمنافسة التي تعانيها الخطوط الكويتية من باقي خطوط الطيران العاملة في الكويت ولاسيما الخليجية على الراكب.
لكنني عندما كتبت عن الخطوط العراقية لم أقصد لماذا لا تسير «الكويتية» رحلات مماثلة الى العراق، فهذا لم يكن مقصدي على الاطلاق، ولا ينبغي ان ننظر الى المسألة على اساس المعاملة المماثلة (راس براس) ذلك ان هناك جوانب اخرى تؤخذ في الحسبان كالجدوى التجارية من الرحلات الى العراق، فهل ثمة جدوى تجارية او ربحية من تسيير رحلات منتظمة بين الكويت والمدن العراقية، ففي ظني من المبكر القول ان الرحلات الجوية المنتظمة بين البلدين عملية مربحة، ذلك ان الامور بين البلدين لم تأخذ الوضع الطبيعي حتى تتم حرية التنقل والانتقال لمواطني البلدين، فليس من المنطقي ان تطير الطائرات الكويتية او العراقية بدون ركاب، ولعلي اتصور لن تأخذ حركة الطيران بين البلدين مسارها الطبيعي الا بعد تسوية كافة المشاكل العالقة بما في ذلك سمات الدخول (الفيزا) للمواطن العادي، لذلك ورغم سرورنا تنظيم الرحلات الجوية، فان فتح الحدود الجوية والبرية وتقديم تسهيلات للمسافرين لمواطني البلدين من المسائل الملحة والتي تقتضي من حكومتي البلدين اخذها بعين الاعتبار، لما لذلك من فائدة تعود على البلدين وعلى مواطني الدولتين.. فكل المطلوب هو الانفتاح ولا شيء غير الانفتاح.
لا ريب ان مجلس ادارة الخطوط الكويتية قد ورث تركة ثقيلة، فالمؤسسة الكويتية اشبه بالمريض الراقد في غرفة الانعاش، الذي هو بين الحياة والموت، ومطلوب انقاذه، واذا كان المواطن العادي لا يشعر بمشاكل «الكويتية» ويلقي باللوم على الادارة المسؤولة، الا ان ذلك لا يعني ان المسؤولين في حل من تلك المشاكل، ولكن تظل المسؤولية الحكومية هي الغالبة حيث مازالت الهيمنة الحكومية على الشركة قائمة، وهذا اكبر عائق لتطور مسار الشركة وعلى الرغم من تأخر قرار خصخصة الكويتية لكن يفترض بعد الخصخصة ترك امور الكويتية لادارة الشركة وذلك بهدف توحيد جهة القرار لا تضاربها.. وهذا ما يتطلب من مجلس الادارة العمل بعقلية تجارية وعلى اساس الربحية والمنافسة، والا يلتفتوا الى الوراء، او يصطدموا بعوائق البيروقراطية الحكومية وذلك ما يتطلب ايضا من الحكومة تقديم كافة التسهيلات التي تنقذ طائرنا الازرق من الحالة المزرية الى حالة الانتعاش.
ان تدمير الخطوط الكويتية كان مؤامرة وجريمة حدثت في وضح النهار وفي سطوع الشمس وعن اصرار، وللاسف ان المتسببين بالجريمة يفلتون من العقاب، لقد كان تدمير الكويتية صورة من صور الفساد، وصورة من صور التقاعس والتراخي الحكوميين عن ملاحقة المفسدين، والا كيف بشركة عريقة مثل الخطوط الكويتية تنهار وخسائرها تتجاوز مئات الملايين، فيما تسيطر شركات طيران حديثة النشأة على الأجواء وأرباحها مئات الملايين..؟!!
ان انهيار الخطوط الكويتية اهانة للدولة الكويتية واهانة للحكومة الكويتية واهانة للكفاءات الكويتية واهانة للسمعة الكويتية، لذلك فإذا كان يهم الحكومة ان تستعيد الخطوط الكويتية عافيتها فعليها ان ترفع يدها عن المؤسسة، وان تقوم بإطفاء خسائرها وديونها السابقة وتخصيص الاموال الكافية لتحديث طائراتها، ان الشركة لا تحتاج الى شريك استراتيجي بقدر الحاجة الى ادارة فنية محترفة ومخلصة تضع النجاح امام ناظريها، فالمال ليس عائقا حتى نبحث عن شريك اجنبي..
ان طائرنا الازرق ينبغي ان يعود عملاقا كما كان محلقا في السماء، وهذه امانة ومسؤولية مشتركة تتحملها الحكومة ومجلس الادارة وعلى رئيس مجلس الادارة الا يشتكي وحسب ولكن عليه ان يطالب فالحكومة وهو اعرف مني بها لا تمشي الا بالدز..!!

حسن علي كرم
المصدر جريدة الوطن

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.