
أكد رئيس تحرير صحيفة “القبس” وليد النصف ان لا صحافة بلا حرية تعبير، وقال في افتتاح الملتقى الإعلامي الكويتي الإماراتي امس، «صحافتنا تحاسب على ما تنشر.. بينما في الدول المتقدمة تحاسب الصحافة ايضاً على ما لا تنشر»، مشيرا الى ان البعض يريد وضع الصحافة في جيب المسؤل.
جاء ذلك خلال الجلسة الحوارية الأولى بعنوان «الممارسة الصحفية بين المهنية والمسؤولية الوطنية» التي أدارها رئيس تحرير مجلة «ناشيونال جيوغرافيك» العربية محمد الحمادي، على تعريف كل من المهنية الصحفية والمسؤولية الوطنية.
وشارك في الجلسة رئيس التحرير الأستاذ وليد النصف وأمين سر جمعية الصحافيين الكويتية رئيس الاتحاد الآسيوي للصحافة الرياضية فيصل القناعي والكاتب الصحافي بجريدة الاتحاد الإماراتية أحمد المنصوري.
وعتب النصف في بداية كلمته خلال الجلسة على جعل عنوانها «الصحافة بين المهنية والمسؤولية الوطنية»، وكأن الصحافة لا يمكن أن تتمتع إلا بواحدة من الصفتين، فإما ان تكون مهنية وإما أن تتحمل المسؤولية الوطنية.
وقال النصف ان العكس هو الصحيح، لأن الصحافة تؤدي مسؤوليتها الوطنية بقدر ما تكون مهنية.
أسئلة
وطرح رئيس التحرير جملة من الأسئلة، محاولاً بها فتح افق تطوير المهنة، مردداً: ما الصحافة الجيدة؟ وما الدور الذي تقوم به فعلاً؟ وما الادوار التي يمكن أن تقوم بها وهي محرومة منها أو مقصرة فيها؟ وما المسموح به للصحافيين؟ وأين تكون حدودهم؟ وكيف يمكن ضمان ان تعمل الصحافة من دون ان يساء استخدام حرية التعبير التي تطالب بها، والتي نعتبرها ضرورية جداً، لكي نقول ان لدينا صحافة، فلا صحافة أو اعلام من دون تلك الحرية؟
واجاب النصف قائلا: حتى تكون الصحافة فاعلة في المجتمع، وحتى تكون قادرة على القيام بالمسؤولية الاجتماعية الملقاة على عاتقها والمطلوبة منها يجب ان تكون صحافة أولاً، مؤكدا ان جميع مهمات الصحافة الاساسية اي الاعلام والاخبار والرقابة والنقد والتثقيف، والثانوية كالترقية والتسلية ذات بعد اجتماعي، وان الصحافة والاعلام هما خدمة عامة، ويساهمان في تحسين نوعية الحياة في المجتمع، ويساعدان في التنمية والتطوير والتقدم، مشدداً على ان مسؤولية الصحافة والاعلام تجاه المجتمع أو المسؤولية الاجتماعية للصحافة ان تعرّف الناس بحقائق وضعهم وتقربهم ولها دور في انصهارهم، وتوحيدهم.
شروط
واستدرك النصف بانه لا يمكن للصحافة والاعلام عموما اداء هذه المهمة النبيلة بأمانة وشرف، الا اذا توافرت الشروط والظروف التي تضمن القيام بذلك، وهي ثلاثة :الاستقلالية والمصداقية والمهنية.
وتابع قائلاً: الصحافة عابرة لكل قطاعات المجتمع، او بتعبير آخر هي ذلك الجزء من المجتمع الذي يعبر عن مكوناته جميعاً: السياسية، الاقتصاد، الادارة، الثقافة، الرياضة، التعليم، الخ. فالصحافة توفر معلومات للمواطن، كما للمسؤول، انها تنقل المعلومات والاخبار التي يحتاج اليها الناس في حياتهم اليومية، وهذا ما يساعد المتلقي على ان يتخذ القرار كفرد عضو في المجتمع، اي مواطن، ويتحمل ولو بنسبة محدودة المسؤولية عن قراراته تجاه قضايا وطنه، كما تنقلها الى المسؤول فتكون بالنسبة اليه كما للمجتمع، جهاز انذار مبكر.
رقابة
وبين ان الحكومات هي التي تحكم وتدير، بينما الصحافة لا يتعدى دورها ان تراقب مطابخ الساسة او جهات الضغط او الشركات العملاقة، واصحاب المصالح، وليس هدفها بالتأكيد توعية الرأي العام، بل في اغلب الاحيان تضليله، واخذ انتباهه الى مكان آخر، ونتيجة ذلك هي تجهيل الصحافيين الذين يتورط معظمهم عن عدم علم، كما يتورط بعضهم بارادته في تضليل الناس وهنا يحدث التلاعب حين يتدخل غيرنا، نحن الصحافيين، لانتاج غذائنا، الذي نعيد نحن تصنيعه وتقديمه للرأي العام.
ثقة
وشدد النصف على ان الحصول على ثقة الناس بضاعة غالية جداً، وندفع من اجلها ثمنا غاليا، سهراً وتعباً وارهاقاً وتضحية بعلاقات اجتماعية واسرية واحيانا اكثر من ذلك، والصحافة تحول القضايا بنشرها الى قضايا عامة، فتلفت الانتباه الى تلك القضايا حتى تتحول الجهود الى معالجتها وايجاد الحلول لها. واشار الى ان الصحافة تتعرض لضغط دائم على استقلاليتها، وبالتالي على مصداقيتها ومهنيتها، وبينما تحاسب صحافتنا على ما تنشره، نرى في البلدان التي سبقتنا ان الصحافة تحاسب على ما لا تنشره كاستماع البرلمان البريطاني مثلا الى رؤساء تحرير الصحف البريطانية اذا ما كان لهم دور في الازمة الاقتصادية عبر حجب معلومات.
ورأى ان بعض هذا الضغط يريد ان يضع الصحافة في جيب المسؤول او الحكومة، او يريد ان يحولها للاسف، الى علاقات عامة، رغم ما بين المهنتين وميدانهما من فوارق كبيرة جوهرية وان جمعتهما بعض الخصائص المشتركة.
وقال: هناك في بلداننا من يعتقد ويعمل وفق مبدأ: أن ليس كل ما يجري في السياسة، والاقتصاد والمجتمع صالحا للعامة، بينما تعمل الصحافة وفق مبدأ معاكس تماما: كل شيء يخص الناس، ويؤثر في حياتهم، ومستقبلهم يجب ان يعرفه الناس، ويكونوا على اطلاع عليه، متسائلاً: هل ننشر الغسيل ام لا؟.
افكار السراديب
وبين النصف ان النور صديق الصحافة، فعندما تنجح صحيفة في اخراج شيء ما الى النور سيكون ذلك في المصلحة العامة، كأن يُمنع فساد اكبر، او سرقة اكبر او خراب اكبر، وهنا نتذكر جوزيف بولتيزر الذي تمنح باسمه اكبر جوائز الصحافة في العالم كله، فهو من علّمنا انه بسبب الخوف من الصحافة والاعلام وليس الخوف من القانون، تمنع جرائم اكبر وحالات فساد، وممارسات غير اخلاقية في الحياة العامة، واعتقد من التجربة ان الافكار والآراء عندما تخرج الى النور تزدهر ومعها يزدهر المجتمع، اما عندما تبقى حبيسة القلوب فتشكل خطراً عليه، لانها ستنشط في السراديب.
نقد
ولفت الى ان الرقابة والنقد ليسا مريحين، لكنهما ضروريان ومهمان في مجتمعاتنا من اجل سلامتها، وسلامة شعوبنا، وهذان العنصران الضروريان اساسهما حرية الصحافة، وحرية القول والتعبير، وهذه الحرية ليست متوافرة للاسف، كما نريدها، وفي المستوى الذي يساعد الصحافة على القيام بدورها في المجتمع. واعرب عن اعتقاده بأن اخوة الصحافة والسياسة، او اخوة الصحافي والسياسي وهم، وقال: السياسي يريد ان يستخدم الصحافي والصحافة، بينما يجب على الصحافة ان تكون مصدراً دائما للقلق، هي تقلق نفسها بالبحث عن المعلومات والحقائق، وترتيبها وتقديمها، وعليها في الوقت نفسه ان تكون مصدراً لاقلاق الآخرين. وان تكون متيقظة دوماً لترفع صوتها عندما تستشعر ان هناك شيئاً ما مقلقاً.
معركة مصير
وذهب الى ان الصحافة «الخليجية» تخوض معركة مصير باتجاهين: اولهما: ان تكون صحافة خاصة بملكية خاصة، وليست ملكية حكومية، فتكون جزءاً من اقتصاد مجتمعاتنا، تعيش على انتاجها، ودخلها، وجهدها وليس على عطاء الحكومات.
وهذه قاعدة لا غنى عنها كي تكون مستقلة.. مهنية.. تقوم بالدور، الاعلام والاخبار والمراقبة والنقد.
اما الاتجاه الثاني، فهو ان تتحقق في بلداننا حرية التعبير وممارسة القيم الراقية والنبيلة التي تحملها هذه الحرية التي تمارس في اطار قوانين تنظمها،على ان تصاغ هذه القوانين انطلاقاً من مبدأ الايمان بالحريات، ترسم المسموح به ويكون كثيراً، وتحدد الممنوع فيكون قليلا جدا، وتضمن في الوقت نفسه، ان حرية التعبير والنشر لا يساء استخدامها.
الافتتاح
وكان الملتقى قد افتتح في وقت سابق امس بحضور شخصيات اعلامية ودبلوماسية منها: القنصل العام للقنصلية العامة للكويت في امارة دبي والامارات الشمالية طارق الحمد وعضو مجلس الامة نواف الفزيع ونائب القنصل الكويتي خالد الخالدي ورئيس مجلس ادارة جمعية الصحافيين الاماراتية محمد يوسف وعدد من رؤساء الصحف الكويتية والاماراتية وشخصيات اعلامية خليجية عدة.
وبدأ الملتقى بكلمة لجمعية الصحافيين الاماراتية القتها امينة السر العامة للجمعية منى ابو سمرة وجهت فيها تحية حب ومودة من الصحافة الاماراتية الى الصحافة الكويتية.
وبينت ابو سمرة ان للصحافة الخليجية خصوصية وحميمية تجمع العاملين في هذا المجال من خلال تعاون مشترك مميز، معتبرة ان تلك العلاقة الوشيجة بين الصحافيين في البلدين هي مثال تحتذى فيه المهن والمجالات الاخرى بين البلدين.
تصفية الحسابات
قال أمين سر جمعية الصحافيين الكويتية رئيس الاتحاد الآسيوي للصحافة الرياضية فيصل القناعي خلال الجلسة الحوارية الأولى انه يتعين ان يكون لدى الصحافي صراعان يدوران حول مسؤوليته من جهة، ونشر الخبر من جهة أخرى، معتبرا ان هذا الصراع داخل الصحافي أزلي ومستمر.
وأكد القناعي انه يؤمن بأن الحرية يجب ان تسير جنبا إلى جنب مع المسؤولية، متسائلا: لماذا تربط المسؤولية بالقيود؟
وأوضح ان الصحافي يجب أن يكون عمله مسؤولا، وألا يتعرض الى الجوانب الشخصية للآخرين او التعدي على حرياتهم، مع تحريه الدقة في نقل المعلومة، منبها إلى أن أخطر شيء في عالم الصحافة عندما تتحول إلى وسيلة لتصفية الحسابات!
حرية أكثر .. خدمة أكبر
أكد رئيس التحرير الزميل وليد النصف انه كلما كانت الصحافة حرة، كانت خدمتها للمجتمع أكبر وأكثر فاعلية.
مهنية في إطار وطني
تحدث الكاتب الصحافي في جريدة الاتحاد الاماراتية أحمد المنصوري عن موضوع الجلسة الحوارية الاولى، قائلا: ان المهنية الصحفية قيمة يجمع الكل عليها، وان البعض يعيب على الصحافة الملتزمة بالخط العام للدولة او النظام، معتبرا ان النقطة الاكثر أهمية هي ان يكون الصحافي مهنيا يعمل في اطار مصلحة عامة لوطنه، مع تمسكه بعمل مهني احترافي. واشار المنصوري في حديثه حول المهنية الصحفية الى ان دور الصحافي يتمثل في تنبيه المسؤولين، حتى لو وصل الامر الى اسلوب فيه شيء من التعنيف، ولكن دونما تجريح وتعد.
أوبريت محبة
عرض خلال حفل افتتاح الملتقى، اوبريت تحت عنوان «إهداء من قلوب كويتية للأشقاء في الامارات»، تحدث عن مسيرة الامارات والتطور الملموس الذي تشهده، ودور مؤسس الدولة – المغفور له بإذن الله – الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في قيام دولة الامارات، كما تضمن رسائل محبة من الشعب الكويتي الى الشعب الاماراتي قيادة وحكومة وشعبا.
المصدر “القبس”
قم بكتابة اول تعليق