ليس هناك حكومة فوق الدستور وآلياته والحقوق التي يكرسها، ولا ينبغي لأي حكومة في العالم أن تجزع من الممارسات البرلمانية وتفسر استخدام الآليات الدستورية من جانب النواب على أنها أمر شخصي تجاهها، وإلا اعتبر ذلك خروجا على الدستور والقانون وأصبح رحيلها استحقاقا وليس خيارا يمكن التفكير به لكونه في ذلك الوقت مكافأة لها على التهرب من الاستحقاقات الدستورية .
في عهد الشيخ ناصر المحمد كانت لنا ملاحظة أو ملاحظتان على أداء حكوماته أبرزها التهرب من الاستحقاقات الدستورية، ومن بينها الاستجوابات واستخدام نصوص الدستور في بعض الأحيان لتصفية حسابات شخصية مع هذا النائب أو ذاك، وقد أطاح هذا النهج بتلك الحكومات الواحدة تلو الأخرى ثم أطاح به في نهاية المطاف، ولو كانت تلك الحكومات احترمت الدستور لما سقطت المرة تلو الأخرى.
اليوم أمامنا حكومة جديدة بنهج جديد، وليس عندي شك للحظة واحدة أن رئيسها الشيخ جابر المبارك يستطيع أن يصعد المنصة ويرد على ملاحظات النواب، سواء أكانت تلك الملاحظات استجوابات أو حتى طروحات أخرى من الطروحات الدستورية والقانونية، فقد سبق أن امتطى المنصة ورد على استجوابات النواب في جلسة علنية، لكن ما يستغرب اليوم هو أن تهرب تلك الحكومة إلى الأمام ليس لضعف رئيسها بل لضعف مكوناتها وخاصة وزير الداخلية الشيخ أحمد الحمود.
الشيخ أحمد الحمود عندما قبل المنصب الوزاري كان على علم أن لهذا المنصب استحقاقات وأن الأمر ليس «نزهة»، فهناك محاسبة واستجوابات، وأية أخطاء في وزارته يجب أن تعالج دون تلكؤ، أما التلكؤ والمناورة على حساب الدستور والقانون فغير مقبول وسيكون هناك تحرك من أعضاء مجلس الأمة حتى ولو كان ذلك المجلس بمثل ذلك الضعف والهوان الذي يعيشه المجلس الحالي.
الهروب إلى لندن تحت مبررات واهية لا يعفي من المساءلة والمواجهة، والتهديد برفع خطاب عدم التعاون لن ينقذ أحدا من المساءلة، فمن يهرب لا يعود مرة أخرى إلى الموقع الوزاري، ومجلس الأمة الحالي كغيره من مجالس الأمة لا يستطيع أن يتنازل عن حقه في الرقابة- قبل التشريع- على أداء الحكومة، ولن يقبل بأي حال من الأحوال أن تكون هناك تجاوزات على صلاحياته على اعتبار أن هناك مقاطعة شعبية تجاهه، وأنه لا يملك أن يمارس
أدواته بكل حرية.
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق